تقارير

القرى الفلسطينية المهجرة بعيون أهلها.. كتب لتدوين الهوية والتمسك بها

يعتبر التوثيق لتاريخ القرى الفلسطينية دالة كبرى على خوف كبير من قبل أهاليها المهجرين ومن قبل الكتاب والباحثين عليها وهي في انتظار أهلها.
في إطار توثيق ظروف النكبة وتداعياتها، أصدر باحثون وكتاب فلسطينيون في سورية بعد اتفاقات أوسلو في 1993 كتباً عن قراهم، وتبنت غالبيتها دار الشجرة التي كان يديرها الشهيد غسان الشهابي الذي قضى بطلقة قناص غادر  في مخيم اليرموك في عام 2013، كما صدر عدة كتب عن القرى الفلسطينية المهجرة لكتاب فلسطينيين  في لبنان والاردن  والعراق.

توثيق لهوية

 محاولة لاحياء ونبش الذاكرة الفلسطينية حول القرى الفلسطينية المهجرة عام 1948 بقوة المجازر أصدر كتاب وباحثون فلسطينيون كتبا عن بعض تلك القرى، اعتمد بعضها على مقابلات مع أهالي القرى مع كبار السن من الجنسين، ومثال على ذلك قرية "إجزم حمامة بيضاء"، وإجزم من قرى قضاء حيفا على الساحل الفلسطيني، لمؤلفه الأستاذ والمربي الراحل مروان الماضي وهو ابن القرية، كما صدر كتاب عن قرية لوبية في قضاء طبرية للدكتور إبراهيم الشهابي ابنها الراحل قبل سنوات مضت، وآخر عن قرية طيرة حيفا لابنها الباحث أحمد الباش، وكتاب لمؤلفه فادي سلايمة عن قريته الشجرة في قضاء طبرية، وصدر عن دار الشجرة في مخيم اليرموك عام 2003، وهي مسقط رأس فنان الكاريكاتير الراحل ناجي العلي والشاعر الشعبي الراحل أبو عرب.

كما صدر كتاب مشترك للكاتب فادي سلايمة ومجدي السعدي عن قرية حطين بعنوان "قرية حطين ريحانة صلاح الدين" وهي قرية في قضاء طبرية ايضاً، كما صدرت كتب أخرى بعد عام 2000، عن مدينة صفد للمحامي الراحل ظافر الخضراء، وهناك كتاب آخر عن قرية الشجرة في قضاء طبرية لمعتصم حياتلة، وقرية صفورية في قضاء الناصرة لمأمون موعد وهشام موعد، وقرية بلد الشيخ في قضاء حيفا لكاتب هذه المقالة وكتاب ثاني عن قرية بلد الشيخ للباحثة الشابة والدؤوبة رشا السهلي وهو أكثررصانة ومعلومات زاخمة حول القرية من الكتاب الأول، هذا فضلاً عن كتاب عن قرية ترشيحا للأستاذ والمربي الراحل عبد الوهاب مصطفى.

وكان هناك ميل لدى كتاب ومثقفين فلسطينيين كثيرين لتسجيل ذاكرة أهالي قراهم من كبار السن وتوثيقها بعد اتفاقات أوسلو، نظراً إلى خوفهم على مستقبل قضية اللاجئين الفلسطينيين، على اعتبار أن الاتفاقات أنجزت سلطةً مقيدة لا تحقق آمال اللاجئين الفلسطينيين وطموحهم وتطلعاتهم بالعودة، فصدرت كتب عديدة عن القرى الفلسطينية في لبنان والأردن وسوريا، سلطت الضوء على جغرافية وتاريخ وعادات أهالي  القرية أو المدينة التي هجّر أهلها، ومن ثم سردية النكبة الفلسطينية بتفاصيلها، وصولاً إلى الشتات وتجلياته المختلفة.

ومن الكتب الصادرة في لبنان، كتاب حول قرية سحماتا قضاء عكا لمؤلفه القائد الوطني الراحل أحمد اليماني أبوماهر وابنها البار، وكذلك كتاب لقرية شعب للكاتب الشاعر ياسر علي وهي قرية المناضل الكبيرالراحل أبو إسعاف الذي شارك في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، كما صدر عدة كتب في لبنان عن القرى الفلسطينية المهجرة ومنها قرية قديثا في قضاء مدينة مدينة صفد الجليلية.

جيل النكبة

على الرغم من أهمية التوثيق لمرحلة الكفاح الفلسطيني، وكذلك ضرورة تسجيل التاريخ الشفوي للنكبة وتداعياتها المختلفة على الشعب الفلسطيني قبل فوات الأوان، أي قبل رحيل أو شطب ذاكرة من عايشو النكبة وهم نسبة لا تتجاز اثنين في المائة من إجمالي الشعب الفلسطيني حالياً عام 2023، لا بد من الاستمرار في عمل وإصدار كتب جديدة حول القرى الفلسطينية المهجرة لتغطية غالبيتها جنباً إلى جنب مع توثيق تلك القرى بالصوت والصورة من قبل مختصين في الداخل المحتل وهم كثر وكنا أشرنا إلى اهمية ذلك في مقالة سابقة على هذه الصفحة.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى عمل كبير أنجزته أكاديمية اللاجئين الفلسطينيين أخيراً بإشراف، الشابة الاكاديمية الباحثة رشا السهلي، وتضمن العمل كتب محكمّة حول القرى الفلسطينية المهجرة، ويمكن للباحثين والمتابعين للقضية الفلسطينية الدخول على موقع الأكاديمية والبحث للحصول على تلك المنجزات القيمة على كافة الصعد والاستفادة منها.

واللافت أنه بعد اتفاقات أوسلو تمّ إصدار أكثر من كتاب عن قرية بعينها كقرية ترشيحا وبلد الشيخ ولوبية وطيرة حيفا وغيرها، ويعتبر ذلك دالة كبرى على خوف كبير من قبل أهالي القرى الفلسطينية المهجرة ومن قبل الكتاب والباحثين عليها وهي في انتظار أهلها.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا