أكدت شاهدة عيان من مدينة
درنة لـ"عربي21"، أن الأوضاع في المدينة تزداد سوءا، خاصة مع بطء عمليات انتشال الضحايا من تحت الأنقاض، والخشية من انتشار الأوبئة بفعل
تحلل الجثث، مشيرة إلى حالة من الفوضى تعيشها المدينة المنكوبة.
وقالت الصحفية صافينار المحجوب، إن المشهد في درنة "لا يوصف، ولا كلام يعبر عن حقيقة ما جرى"، فالوضع مأساوي إلى أبعد حد، والمدينة تعيش حالة من الذهول والصدمة من هول ما جرى، "إذ لا يوجد أحد في المدينة إلا ولديه شهيد أو جريح أو مفقود" بفعل
الكارثة، مضيفة: "للأسف الشديد، سكان مدينة درنة يهجرونها الآن، ولا أحد يريد البقاء فيها من هول الكارثة".
وحول أوضاع
المشردين، قالت المحجوب إنه جرى تسكينهم في مدارس المدينة في ظروف صعبة، داعية إلى الإسراع في جلب البيوت الجاهزة لتجميع الأهالي من المشردين في ظروف لائقة، مشيرة إلى حالة من الفوضى في المدينة جراء الكارثة، ونقص في الأدوية والمستلزمات الطبية والطواقم الطبية.
كارثة جديدة
وحذرت من أن فوضى تجميع الناس في المدارس قد تنذر بكارثة إضافية جديدة، فهناك خشية من انتقال الأمراض والعدوى بينهم، خاصة أن بعضهم جرى انتشاله من بين الأنقاض بعد أيام من الكارثة، وهؤلاء لم يتلقوا على الأرجح رعاية طبية خاصة بعيدا عن تجمعات المشردين من الأهالي.
وذكرت المحجوب في حديثها لـ"عربي21" أن هناك حاجة ماسة لإخلاء المدينة من سكانها مؤقتا، إلى حين الانتهاء من عمليات الإغاثة وانتشال جثث الضحايا من بين الأنقاض، خاصة بعد تحلل الجثث والخوف من انتشار أوبئة قاتلة قد تتسبب في كارثة جديدة.
تورط مسؤولين
واتهمت المحجوب مسؤولين بالتورط فيما جرى، وقالت: "ما جرى ليست كارثة طبيعية، بل تخاذل من المسؤولين في صيانة سد درنة، بالرغم من أن خبراء أكدوا سابقا أن عدم صيانة سد درنة سيتسبب في كارثة، لكن المسؤولين في المدينة وغيرها تجاهلوا التحذيرات"، وفق قولها.
وذكرت المحجوب أن "كارثة درنة أصبحت ورقة ضغط سياسي تعمل عليها الجهات المتصارعة في ليبيا، وأصبحت المدينة غنيمة حرب".
وأدى تجمع كميات هائلة من الأمطار خلف سدّين على مجرى وادي مدينة درنة الليبية، إلى ضغط هائل فاق قدرتهما على التحمل، ما أدى إلى انهيارهما وإطلاق العنان لسيل هائل اجتاح المدينة، التي يقع أكثر من نصفها في وجه المجرى الذي ينحدر من أعالي الجبل الأخضر.
وكان النائب العام الليبي قد قال إن مكتبه يحقق في احتمال إهمال السلطات المحلية والحكومات المتعاقبة؛ جراء الأضرار التي لحقت بالمواطنين والممتلكات في مدينة درنة.
وأضاف الصديق الصور في لقاء يوم السبت، أن التحقيق سيشمل النظر في أموال الصيانة التي تم دفعها لصيانة السدود.
من جهته، أكد عميد بلدية درنة، أحمد أمدورد، أن الوضع في المدينة كارثي، وأكثر من سيئ، مؤكدا أن درنة ستصنف كمنطقة موبوءة في حال لم يتم إخراج جميع الجثث من تحت الأنقاض في أسرع وقت ممكن.
وأضاف أمدورد، في تصريح لـ"منصة فواصل"، أن هناك احتمالية إغلاق جزئي للمدينة؛ نظرا لعدم وجود الفرق المتخصصة للتعامل مع الجثث المتحللة تحت الأنقاض، وقلة الإمكانيات، وانقطاع الطرق.
وأوضح العميد أن المناطق التي جرفها السيل كان فيها أكثر من 3 آلاف بناية، بعضها فيها 14 طابقا، وقد اختفت كل هذه البنايات بمن فيها من سكان من على وجه الأرض، ما قد يعطي مؤشرا على حجم الكارثة التي شهدتها المدينة الساحلية.
تسعة آلاف مفقود
وكشفت منظمة الصحة العالمية، السبت، أن أكثر من 9 آلاف شخص في مدينة درنة شرقي ليبيا لا يزالون في عداد المفقودين.
وتعمل فرق المنظمة مع وزارة الصحة الليبية للبحث عن المتوفين والمفقودين، وقد تم حتى السبت انتشال جثث 3958 شخصا، والتعرف على هوياتهم، وإصدار شهادات الوفاة لهم، حسب بيان للمنظمة.
وأضاف البيان أن "حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع مع انتشال فرق البحث والإنقاذ المزيد من جثث الضحايا".
وفي 10 أيلول/ سبتمبر، اجتاح إعصار "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، مخلفا أكثر من 6 آلاف قتيل وآلاف المفقودين، وفق ما أعلنه وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية، سعد الدين عبد الوكيل، في الـ13 من الشهر نفسه.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باتيلي، قال إن البلاد "لا يمكنها" مواجهة تداعيات إعصار دانيال بمفردها.
وأضاف أن "حجم خسائر الإعصار وأضراره تفوق ما يمكننا تخيله، وأن هذه الأزمة لا يمكن لليبيا أن تواجهها بمفردها".