ملفات وتقارير

جدل في الجزائر حول إشاعة طرد السفير الإماراتي

الخارجية الجزائرية تنفي أن تكون قد طلبت من السفير الإماراتي مغادرة التراب الجزائري..
لا زال الجدل قائما في الجزائر بشأن العلاقات الجزائرية ـ الإماراتية بعد الإعلان عن اكتشاف شبكة تجسس إماراتية لها علاقة بالموساد الإسرائيلي، قبل أن يتم نفي الخبر نفيا قاطعا وإقالة وزير الاتصال.

وعلى الرغم من النفي الرسمي للخبر وسحبه من كل المواقع الإعلامية الجزائرية التي نشرته أول أمس الثلاثاء، فقد أكد الديبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، أن شبكة التجسس الإماراتية المرتبطة بالموساد الإسرائيلي التي تم إلقاء القبض عليها يوم الإثنين الماضي، كانت حقيقة، وأن قرار طرد السفير الإماراتي من الجزائر كان حقيقة كذلك، وأنه تم التراجع عن ذلك بعد أقل من ساعتين من اتخاذه لأسباب لها علاقة بمصالح من أسماهم بـ "قيادات نافذة في الجيش"، قال بأنها "خاضعة للنفوذ الإماراتي".

ورجح زيتوت في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن تكون المخابرات الداخلية المسؤولة عمليا عن مكافحة الجوسسة هي المسؤولة عن الاكتشاف وعن اتخاذ قرار طرد السفير الإماراتي، لكنه قال: بأن "القرار عندما وصل إلى قائد الجيش السعيد شنقريحة تم التراجع عنه بسرعة فائقة وسحب الخبر من قنوات إعلامية هي بالأساس قنوات النظام المخابراتي نفسه".

وأشار زيتوت إلى أن "النظام الإماراتي لم يعد طرفا خارجيا فحسب في الجزائر، وإنما هو واحد من أهم الأطراف الفاعلة في توجيه السياسة الجزائرية بالنظر إلى سيطرته على مفاصل اقتصادية كبرى في الجزائر ومنها ميناءا الجزائر العاصمة وجنجن التجاريان وشركة التبغ والكبريت، بالإضافة إلى ملفات فساد أخلاقي ومالي أخرى تمتلكها بحق عدد من المسؤولين الجزائريين النافذين في الجيش والدولة".

وذكر زيتوت أن لديه معلومات عن زيارات متعددة يقوم بها قائد الجيش الجنرال شنقريحة إلى الإمارات، وأن أغلبها يتم بطريقة غير معلنة، وقال بأن لديه "معلومات عن أن النظام الإماراتي لديه من الملفات الموجعة التي تجعله قادرا على التحكم في القرار السيادي الجزائري".

وأضاف: "هناك معلومات تتحدث عن أن اكتشاف الخلية الإماراتية العاملة لصالح الموساد الإسرائيلي في الجزائر، تم بمساعدة أجهزة استخباراتية صديقة للجزائر".

ولفت زيتوت الانتباه إلى أن النظام الإماراتي تمكن من الوصول إلى هذه المرحلة بعد سنوات طويلة بدأت عمليا منذ العام 2004، بعد مساهمة النظام الإماراتي إلى جانب فرنسا وأمريكا في إيصال عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، وتعيين اليمني الأصل الإماراتي الجنسية حسن شيباني مشرفا عاما على المصالح الإماراتية في الجزائر، الذي تمكن بمعية مجموعة من ضباط المخابرات الإماراتيين من اختراق الدولة الجزائرية والحصول على مكاسب اقتصادية كبرى والتمكن من إقامة علاقات وطيدة مع نافذين في مختلف القطاعات الحيوية في البلاد".

وأضاف: "الذي حدث بالفعل أن جهة داخل المخابرات اكتشفت أن الإماراتيين يتجسسون على الجزائر، والقول بوجود 4 إماراتيين يتجسسون لصالح الموساد مسألة حقيقية لا لبس فيها.. لذلك تم اتخاذ القرار المفترض أن يكون.. لكن هناك من هو أعلى منهم، والأكيد أن شنقريحة أقوى منهم، رأوا أن هذا الخبر خطير وانتهوا إلى سحبه بسرعة للأسباب التي ذكرتها آنفا"، وفق تعبيره.

لكن عبد القادر تومي الأستاذ الجامعي الجزائري، رأى في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن الحديث عنطرد السفير الإماراتي من الجزائر بناء على شائعات لا أساس له من الصخحة، وهدفه إثارة البلبة والإساءة إلى العلاقات الحميمية مع دولة مثل الإماراات".

وقال تومي: "ما جاء في بيان الخارجية الجزائرية من نفي رسمي لإشاعة طرد السفير الإماراتي وتأكيد على صلابة ومتانة العلاقات الجزائرية ـ الإماراتية، يعكس حقيقة الأمور، وحجم الصداقة المتينة بين الدولتين العربيتين"، على حد تعبيره.

من جهته أكد الدكتور توفيق بوقعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر  في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن الجهة التي سربت الخبر الكاذب إلى بعض وسائل الإعلام الجزائرية حول إشاعة طرد السفير الإماراتي أصبحت معلومة لدى الجهات الأمنية، وأن الأمر لا يعدو أن يكون تضليلا إعلاميا لا علاقة له لا بوزارة الخارجية ولا بالجهات الأمنية".

وقال: "بيان النفي الصادر عن الخارجية الجزائرية وواقع الحال القائم بين الجزائر والإمارات يؤكد متانة العلاقات بين البلدين وزيف الشائعات المغرضة المقصود بها الإساءة ليس للجزائر فحسب بل ولعلاقات الجزائر مع محيطها العربي"، وفق تعبيره.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد أنهى مهام وزير الاتصال (الإعلام) محمد بوسليماني، وكلف الأمينة العامة للوزارة بتسيير شؤونها بالنيابة.

جاء ذلك وفق بيان نشرته الرئاسة الجزائرية في وقت متأخر من مساء الإثنين الماضي عبر صفحتها في فيسبوك.

وذكرت الرئاسة في البيان أنه "بعد استشارة الوزير الأول (رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمان)، أنهى اليوم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مهام وزير الاتصال محمد بوسليماني، وكلّف الأمينة العامة لوزارة الاتصال بتسيير شؤون الوزارة بالنيابة".

ولم يتضمن البيان تفاصيل عن أسباب إقالة الوزير بوسليماني، لكنه جاء بعد ساعات قليلة من نشر قناة النهار المحلية خبرا كاذبا، نفته وزارة الخارجية لاحقا، عن "طرد" السفير الإماراتي بالجزائر.

وقالت الخارجية الجزائرية في بيان منتصف الليلة الماضية: "ينفي الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية نفيا قاطعا ما تم نشره وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام من أخبار مغلوطة وكاذبة حول طلب الوزارة من السفير الإماراتي مغادرة التراب الجزائري".

وأضافت: "تؤكد الوزارة أن هذه الأخبار مزيفة ولا أساس لها من الصحة مع التأكيد على أن بيانات الوزارة هي المصدر الوحيد للمعلومة".

كما أعربت "عن متانة وصلابة العلاقات الثنائية الجزائرية الإماراتية المتميزة القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين مع الحرص المشترك للارتقاء بها إلى أعلى المراتب تنفيذا للإرادة المشتركة التي تحدوا قائدي البلدين رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وأخيه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان".



وفي تفاصيل الخبر الكاذب، جاء أن "الجزائر تطلب من السفير الإماراتي مغادرة التراب الوطني، ومنحه مهلة 48 ساعة، بعد توقيف 4 جواسيس إماراتيين كانوا يتخابرون لفائدة جهاز الموساد الإسرائيلي".

كما ورد أيضا في الخبر الذي تم نفيه، أن "وزارة الخارجية تعبر عن أسفها لهذه التصرفات الخاطئة والمخططات الدنيئة التي تستهدف الجزائر".