أبدت أوساط إسرائيلية، خشيتها من عودة مشاهد الانتفاضة الثانية، بعد استخدام المروحيات في
جنين لأول مرة منذ 20 عاما.
وترك "كمين المقاومة" الذي وقع به جيش
الاحتلال في مخيم جنين آثاره السلبية في الأوساط الإسرائيلية، لاسيما في ظل استخدامه للمرة الأولى الطائرات الحربية وتنفيذ عشرات الطلعات الجوية لمرافقة القوات البرية، لكن الصاروخ الذي أطلق من الآباتشي، شكل علامة على تدهور محتمل على خلفية الحديث عن عملية عسكرية محتملة في شمال
الضفة الغربية.
ولأكثر من عام كانت القيادة الوسطى للجيش المسؤولة عن الضفة الغربية حذرة للغاية، وتجنبت تنفيذ هجمات من الجو في شمالها، خشية من الأضرار العرضية المحتملة، حتى أطلقت مروحية الآباتشي صواريخها باتجاه المقاومين الفلسطينيين لإخراجهم من أطراف مخيم جنين، وهي حادثة غير مسبوقة لم يسبق لها مثيل منذ الانتفاضة الثانية، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وذكرت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21"، أنه منذ تزايد عمليات جيش الاحتلال مطلع عام 2022 في نابلس وجنين، فإنه تم بالفعل تسجيل عشرات الطلعات الجوية لمرافقة القوات البرية في عمليات المراقبة والنيران، حيث تنضم الطائرات المسلحة بدون طيار والمروحيات المقاتلة تقريبًا لكل عملية في قلب الأراضي "المعادية"، كما هو الحال في مخيم اللاجئين في جنين.
ورفضت قيادة الجيش إعطاء الإذن بالهجوم باستخدام طائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار، وأحد الأسباب الرئيسية لذلك كان رمزيا، لكنه مهم، فبالنسبة للفلسطينيين فإن "سلوك الجيش الإسرائيلي يعتبر خطوة تاريخية سيئة إلى الأسفل للتعبير عن التدهور الميداني في الطريق لتصعيد كبير".
وخلال الانتفاضة العنيفة بين 2000 و2005 هاجمت الطائرات المقاتلة أهدافا مسلحة في الضفة الغربية، حتى جاءت العبوة الثقيلة شديدة الانفجار المخبأة على جانب الطريق الخارجية من مخيم جنين للاجئين، لتلحق أضرارًا جسيمة بمركبة "النمر" الحديثة والمحمية، واخترقت الشظايا داخلها، رغم أن بها كاميرات محيطية وطبقات حماية أفضل من الإصدارات القديمة من العربات المدرعة لنقل قوة فرقة قوامها 10 مقاتلين.
وكشفت الصحيفة أن فرقة الضفة الغربية قررت تكثيف هذه الحماية باستخدام هذه المدرعات، مع أنه قبل عامين لم يعتقد أحد في جيش الاحتلال أن الصواريخ ستنطلق من الجو على الأراضي الفلسطينية، ما سيدفعه لمحاولة إيقاف أو تأخير هذا التصعيد قدر الإمكان لكسب الوقت، واستعادة السيطرة على شمال الضفة الغربية.
ويستخدم جيش الاحتلال العديد من التقنيات مثل طائرات بدون طيار، ورادارات صغيرة ذات مهارات عالية، وقناصة مموهين للرد على المقاومين الذين ينشطون تحت النار في قلب حي القصبة بنابلس، أو وسط مخيم جنين، كما تزعم الصحيفة.
وما حصل في جنين اليوم يطرح تساؤلا أمام المركبات المضادة للرصاص المتنقلة في شوارع الضفة، خاصة مع زيادة خطر المتفجرات، ما يعيد لأذهان جيش الاحتلال ما واجهه في عدة مدن بالضفة الغربية منذ عشرين عامًا.
ولا تزال قيادة الجيش تتحدث عن عملية عسكرية أكثر أهمية في مدينة مثل جنين، باعتبار أن الثمن في الخسائر البشرية على الجانبين يعتبر مسألة مركزية، ويبقى السؤال "كيف ومتى يتم تنفيذ مثل هذه العملية؟".
وفي الأشهر الأخيرة قام جيش الاحتلال بتنفيذ المزيد من العمليات لزيادة وجوده في المنطقة "أ" في شمال الضفة الغربية، لغرض أساسي فقط وهو اعتقال المطلوبين، أو الاستيلاء على الأسلحة، واليوم يتضح أن الهدف من العمليات هو تعطيل الهجمات، وإجراء عمليات مسح، وملاحقة العناصر المسلحة، مع أنه في هذه العمليات يحصل تبادل لإطلاق النار المتبادل، خاصة في مدن نابلس وجنين، وامتدادها لطولكرم.
ويتزامن هذا التخوف الإسرائيلي من تطورات الوضع في الضفة الغربية مع دعوات جديدة أطلقها قادة اليمين، لاسيما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي زعم أنه "بحاجة لعملية مكثفة، ليس فقط في جنين، بل في كل الضفة الغربية، وأن الوضع يزداد سوءا، وهناك المزيد والمزيد من الهجمات، مدّعيا أنها معجزة فقط تمنع وقوع قتلى إسرائيليين كل يوم، حتى تحولوا على طرق الضفة الغربية "مثل البط في ميدان الرماية".
وأضاف أن "الوقت قد حان لاستبدال عملية واسعة النطاق بـ"الملاقط" للقضاء على أعشاش المسلحين في شمال الضفة الغربية، وهي عملية قد تعيد أخيرًا الهدوء والردع في المنطقة، حتى من خلال القوات الجوية والمدرعات"، أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فقد سُئل عن إمكانية القيام بعملية عسكرية في الضفة الغربية، وأجاب: "إنني أقدم توصياتي وتعليماتي في غرف مغلقة".