صحافة إسرائيلية

"وادي قانا" في بؤرة الاستهداف الاستيطاني بذريعة تحويله لمحمية

الخطة الاستيطانية ستحول الوادي من منطقة زراعية فلسطينية إلى حديقة تخدم المستوطنات وتشكل مصدر دخل من السياحة لها- منظمة بيتسيلم
ما فتئت الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية تبذل جهودها الحثيثة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة، ووضع يديها عليها، تارة عبر بناء المزيد من المستوطنات، وتارة أخرى عبر مزاعم إقامة المحميات الطبيعية.

آخر هذه المشاريع الاستيطانية يوجد في وادي قانا بين محافظتي سلفيت وقلقيلية الفلسطينيتين بالضفة الغربية، قرب مستوطنة كارني شومرون الواقعة فوق الضفة الشمالية للوادي، وهو عبارة عن منطقة زراعية فلسطينية يزرعها مزارعون من قرية دير استيا، وفي عطلات نهاية الأسبوع تأتي حشود من الفلسطينيين لقضاء بعض الوقت في ينابيعها.

أفيف تتارسكي الباحث في شؤون الاستيطان أكد أن "الساعات القادمة ستشهد ماراثونا رياضيا في هذا الوادي للمستوطنين، وسيقوم الجيش بإغلاق الوادي أمام الفلسطينيين خشية حدوث تطور أمني مثير للقلق، وقد جرت العادة صباح كل جمعة منذ أربعة أسابيع أن يأتي الجنود إلى الوادي، ويمنعوا المركبات الفلسطينية من دخوله، حيث يقف العشرات منهم على مدخله، بعضهم يرتدون أقنعة، وينصبون المسامير، ويضع القناص بندقيته تجاه كل الفلسطينيين الذين يعتبرون المنطقة نقطة محورية لرحلاتهم في أجواء الصيف".



وأضاف في مقال نشره موقع محادثة محلية، وترجمته "عربي21" أن "وصول رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني يوسي دغان إلى الوادي، ولقائه بضباط الجيش، يعطي إشارة للعوامل الكامنة وراء استهداف المنطقة تمهيدا لإزالة الوجود الفلسطيني منها، فيما يستمر المستوطنون بدخولها بسهولة عبر المستوطنات التي أقيمت فوقها، وفي نفس الوقت الذي يحاصر فيه الجيش الوادي، يقوم مستوطنو مزرعة يائير والبؤر الاستيطانية الأخرى بإصدار دعوات لزيادة الوجود اليهودي في الوادي".

وأكد أن "إغلاق وادي قانا ينضم لأحداث أخرى من العامين الماضيين تميزت بالاستيلاء الإسرائيلي على أراضي القرى الفلسطينية في المنطقة، استمرارا لعمليات حدثت منذ السبعينيات، مما يؤكد أن مشروع الاستيلاء الإسرائيلي لا يهدأ أبدًا، وكل تهدئة هي مؤقتة، وكل خطوة استيلاء تخلق الأساس الذي يمكن من خلاله بدء عملية الاستيلاء التالية، مع العلم أنه منذ خمسين عامًا بدأ الاحتلال بإقامة مستوطنات في منطقة الوادي، رغم أحكام المحكمة العليا التي منعته من إقامة مستوطنات على أراض فلسطينية خاصة".



وأشار إلى أنه "في الوقت الذي لا تستطيع فيه إسرائيل مصادرة الأراضي المزروعة داخل الوادي، فإنها تحولها إلى محمية طبيعية، مع أنه منذ ثلاثين عامًا تقريبًا تتدفق مياه الصرف الصحي من المستوطنات إلى الوادي دون انقطاع، ودون أن توقفها سلطة الطبيعة والحدائق أو الإدارة المدنية، ومنذ عشرين عامًا، تم ربط المستوطنات المحيطة بوادي قانا بشبكة الصرف الصحي، ولم تتوقف البؤرتان الاستيطانيتان ألوني شيلوه والماتان بشكل كامل، حيث واصلتا صب مياه الصرف الصحي فيهما".

وكشف أنه "بحسب الخطة الاستيطانية سيتحول الوادي من منطقة زراعية فلسطينية إلى حديقة تخدم المستوطنات حولها، وتشكل مصدر دخل من السياحة، وبالتزامن مع ترويج الخطة يواصل المستوطنون مضايقة المزارعين الفلسطينيين في الوادي، وبين عامي 2010-2014، اقتلع الجيش وسلطة الطبيعة والحدائق أكثر من 1000 شجرة زيتون بحجة أنها محمية طبيعية لا يسمح بزراعة الأشجار فيها، كما دمر مطلع 2018 مبنىً حجريًا متواضعًا يستخدمه رعاة فلسطينيون".

وأكد أنه "في الوقت الذي تجاهلت فيه سلطة الطبيعة والحدائق لسنوات مياه الصرف الصحي من المستوطنات المتدفقة إلى المنطقة، وتجاهلت مئات المنازل في مستوطنات عمانوئيل وياكير ونوفيم وكارني شومرون وبؤرة ألوني شيلو المبنية داخل حدود المحمية، فإنها تبذل جهدًا كبيرًا لتدمير بساتين الزيتون عندما يتعلق الأمر بالمزارعين الفلسطينيين".

تجدر الإشارة إلى أن معظم من يأتون لوادي قانا فلسطينيون، وبالتالي فإن الضرر الرئيسي يلحق بهم، ورغم ذلك فقد ظهرت نوايا الاحتلال لسدّ مدخل الوادي بالفعل، في إشارة إلى طرق وصول جديدة تخترق الوادي من مستوطنات ياكير ونوفيم وكرني شومرون، وهذه الطرق ستكون في متناول المستوطنين، وليس للفلسطينيين الممنوعين من دخول المستوطنات، رغم أن أهالي دير استيا لهم جذور عميقة في وادي قانا.



ومن خلال العديد من الروايات الفلسطينية يمكن الفهم إلى أي مدى يعتبر الوادي جزءًا من هوية الفلسطينيين، حيث تم تشكيله من خلال الأنشطة الزراعية لأجيال طويلة من القرويين، عبر المدرجات، وبساتين الزيتون واللوز، وقنوات الري، وقطعان الماعز، مما يجعل كل حديث إسرائيلي عن إقامة محمية طبيعية له مصالح استيطانية أخرى، يعمل على تحقيقها الاحتلال على حساب بنين وبنات وادي قانا.