مدونات

العقبة الأردنية.. أحداث ومؤتمرات

أحرق المستطنون بلدة حوارة الفلسطينية بعد مؤتمر العقبة- تويتر
عُقد في مدينة العقبة الأردنية منذ أيام قليلة خلت ومضت، مؤتمر ضم دول الاهتمام والشأن: الأردن ومصر وفلسطين وقادة من الكيان الصهيوني السارق للأرض ولأحلام وآمال الإنسان العربي تحديدا، وبالطبع تُوج الحضور بقادة من بلد العم سام؛ كبير عالم اليوم الحالي.

كانت التجهيزات والإعدادات الاستباقية كبيرة تليق بالحدث، أظهرته كمؤتمر آخر روشنة. ليس هذا هو المهم أبدا، فمحور الحديث هنا في اتجاه آخر لا علاقة له بالفخامة ولا بالرتابة ولا بحسن الضيافة التي يمتاز ويتصف بها العرب، كأمة تعيش في حيز عالم اليوم الحالي.

المهم في هذا السياق كله، هل اقتنع الكيان الصهيوني وقرر مجرموه تخفيف حدة الجنون لديهم بعد هذا التداول والنقاش؟ هل مؤتمر العقبة نفسه كان عصا سحرية قلبت وغيّرت عقل صهيون وجماعته؟ للأسف الشديد الإجابة هنا واضحة ومتوقعة، لا تحتاج إلى عباقرة التفسيرات ولا التحليلات، لم تكن هناك حاجة إلى رد أصلا من بن غفير ولا نتنياهو، ولا تشغيل السماعة والمايكروفون للعودة السريعة لتسيد المشهد والبروباجاندا. الصورة واضحة أصلا بلا فني توضيح ولا تقنيات عالية، المشهد كله بيّن كوضوح الشمس في عز النهار عند الحديث والتطرق إلى سيرة بني صهيون.

سنين تزيد في العهد الزمني الجديد عن الأربعين منذ توقيع اتفاقات السلام بين كيان إسرائيل ومصر، ماذا حصل؟ أين ثماره الإيجابية؟ أين ملامحه الطيبة؟ وبالمثل مع فلسطين والأردن، وينطبق الحال على غيرهما من أمة العرب كلها. كله كلام وحبر على ورق فقط. الصهيوني يبقى مع الزمن بمروره هو نفسه صهيوني الطبع والطبيعة.

زادت المؤتمرات والحوارات والندوات والدعوات سابقا وحاليا ومستقبلا للتطبيع مع الصهاينة، لكن الواقع للحياة يؤكد أن لا شيء سيتغير إلا لمصلحتهم. لن يحدث شيء إيجابي للعروبة ولا لبلاد الإسلام النبيل. الصهاينة يكسبون والعرب يخسرون، لا فائدة تذكر من ذلك كله، حيث هدف الإسرائيلي واحد هو إقامة الهيكل الوهمي بدلا عن المسجد الأقصى وإعلان الهيمنة الكبرى والوعد المنتظر، هذا عقلهم وليس عقل العروبة ولا العرب.

شريط التاريخ الحياتي يفيض بالأدلة الدامغة على فردية الأمة الصهيونية عقلها المتحجر غلظة بالنسبة للآخر، وعلى وجه الخصوص الآخر العربي والمسلم. المسجد الأقصى وقبة الصخرة والحرم الإبراهيمي، حتى كنيسة القيامة، لم تسلم منهم ولا من تبعات ولا أهوال أعمالهم. ويقال استمروا في مسعى السلمية والسلام، اقتراح صحيح براق لامع، لكن مع من يستحق. هم لا يعرفون مصطلحا اسمه سلاما وطيبة ونقاء، هم تجار الشر، ينامون مع الشر ويصحون معه.

ليس معنى أن بني صهيون اليوم يملكون في الأرض في الكون وجودا أن يعطوا ما يريدون، لا.. نِعم الله كثيرة على الأمة العربية والإسلامية، وعليها تطويعها بالشكل الصحيح لضمان المقارعة لضمان تقليل ذلك السم والأذى الصهيوني المستشري. المادية والمسار العلماني حاليا يؤخذ منه الأجود والأنفع، ليس كله الورد بورقه نافع لا شوكه الجارح. الحياة فيها موازين للمقياس للمكيال الصحيح ليس الكل صالحا للحمل ولا للشيل.

على الأمة العربية اليوم دون تأجيل، اغتنام الفرصة للعمل والبناء الإيجابي عكس التيار الصهيوني الممتد وعلى محور نقيض له، وليس اتباعه أو المسير معه، طريقه وعرة مهلكة. هو لن يتغير ولن يتبدل حاله، وتحديدا مع العرب والمسلمين بصفة عامة في أرجاء الأرض كلها. ليست فلسطين وحدها الشاهدة اليوم مع أن وضعها أكبر دليل. الصحوة الإيجابية عزيمة وهمّة هي التي تفيد، أما النوم والسلام الفاشل الهزلي، فهو ليس إلا وقت ضائع بلا فائدة، فهو المسير في السراب نفسه وهو ذاته ما يريده العقل الصهيوني ليكمل ابتلاع الشرق الأوسط منطقة نفوذ وحيدة لا منازع فيها ولا شريك.

حلم المؤتمرات طويل ربما فيه تجهيزات وتلميعات وبهرجات كثيرة، لكن اليقظة للواقع أجدى وأنفع لليوم وللغد.

آخر الحديث:

اليد الصهيونية فردية دائما قديما وحديثا واليوم وغدا، تعشق ذاتها فقط، الباقي في الحياة يريده ذلك الخادم والعبد المطيع، لكن المؤكد هنا أن هذا لا يستقيم أبدا مع أمة عربية تؤمن بالله تعالى خالقا ومحمد صلى الله عليه وسلم منجيا وشفيعا. هي الحقيقة، وإن ظهرت قشور في الحياة لعلمانية عمياء، ستكون مرحلة وتنقضي وتمشي إلى حالها. صفحات تاريخ الحياة روت وتروي كل ذلك.

وحدة العروبة في يد واحدة وعلى قلب واحد وعقل سليم إيجابي هو طريق القوة واليقظة، هل من فهم الإشارة ومعناها؟ يبقى السؤال مكتوبا والإجابة تحتاج إلى جواب، جواب يرضي أساسا وجوهرا فلسطين الأقصى الشريف وقبة الصخرة المشرفة. هو المطلب والرضى المنشود.