تقارير

"الداروم" بدير البلح.. قلعة كنعانية باكورة تحرير صلاح الدين لفلسطين

تبلغ مساحة مدينة دير البلح التي كان لها من اسمها نصيب نظرا لكثرة زراعة البلح فيها حوالي 20 كيلو متر مربع

تعتبر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة واحدة من أهم المدن التاريخية في فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، وكان لهذه المدينة الساحلية أهمية كبرى لدى معظم الحضارات التي مرت على فلسطين منذ آلاف السنين.

"دير البلح" الاسم الذي تحمله هذه المدينة حاليا هو أحد أسماء التاريخية للمدينة، فقد أطلق عليها الكثير من الأسماء من بينها وأشهرها "الداروم" و"الدارون" والتي كان لها أهمية كبرى في العهد الكنعاني، وكذلك كانت أحد حصون الفراعنة.

تبلغ مساحة مدينة دير البلح التي كان لها من إسمها نصيب نظرا لكثرة زراعة البلح فيها حوالي 20 كيلومتر مربع، وتقع وسط قطاع غزة، على شاطئ البحر المتوسط إلى الجنوب من مدينة غزة.

تُحيط بمدينة دير البلح بعض القرى والمخيمات مثل قرية الزوايدة ومخيم النصيرات من ناحية الشمال، مخيم المغازي والبريج من ناحية الشمال الشرقي، وقرية القرارة من ناحية الجنوب الشرقي، ومدينة خانيونس من ناحية الجنوب، وترتفع عن مستوى سطح البحر ثلاثة وعشرين مترا.

وأوضح الدكتور ذياب الجرو رئيس بلدية دير البلح أن عدد سكان مدينته يبلغ حوالي 90,000 نسمة معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين ويتركزون في مخيم دير البلح، ومنطقة حكر الجامع، مشيرا إلى أن الكثافة السكانيّة تبلغ 4,500 نسمة لكل كلم2.

واستعرض الجرو في حديثه لـ "عربي21" أهمية هذه المدينة من الناحية التاريخية والجغرافية على مدار التاريخ وكيف كان لها الدور في التمسك بالهوية الفلسطينية وصمودها في وجه أكبر مستوطنة يهودية زرعت فيها منذ عام 1967م، وهي مستوطنة "كفار داروم" إلى أن تمكن الفلسطينيون في العام 2005م، من تحريرها في ما عرف باسم الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.


                                                     ذياب الجرو .. رئيس بلدية دير البلح

وشدد على أنهم يعملون من أجل تطوير مدينة دير البلح على مختلف الأصعدة، في مجال البنية التحتية، والمياه والصرف الصحي، والنظافة، وترتيب وتنظيم الأسواق، إلى جانب تلبية احتياجات المواطنين.

وقال الجرو: "نسعى جاهدين لتكون مدينة دير البلح عروس قطاع غزة، وبناء مؤسسة متطورة لتكون نموذجاً يحتذى به بين البلديات نصل من خلالها إلى تحقيق كافة طلبات المواطن التي يستحقها من خلال تحسين جودة الخدمات وتقديمها لكافة مناطق وأحياء المدينة".

وأضاف أن "أول مجلس قروي للمدينة تأسس في العام 1950م ليقدم خدمات نظافة الشوارع وترتيب وتنظيم الأسواق في مناطق متفرقة من المدينة، ليتحول في العام 1973م إلى مجلس بلدي لتوسيع نطاق دائرة خدماته".

وأوضح أنه توالى على رئاسة بلدية دير البلح 8 شخصيات من المدينة بدءًا من الشيخ المرحوم سليمان العزايزي، حتى تسلمه هذا المنصب قبل عامين.

وأضاف: يبلغ عدد موظفي بلدية دير البلح 150 موظفا موزعين على مختلف التخصصات الإدارية والفنية وفقا للهيكلية المعتمدة للبلدية.

وأشار إلى أن البلدية تعمل فق خطة استراتيجية بهدف رسم السياسات وتحديد الأولويات التي سيتم تنفيذها بمشاركة المجتمع المحلي.

وقال الجرو: "يهدف المجلس البلدي إلى تنمية وتطوير الموارد المالية للبلدية لرفع قدرات التمويل الذاتي بالإضافة إلى توظيف مساعدات الجهات المانحة بكفاءة عالية وتوزيع عادل، وفي المقابل إيجاد الخطط العلاجية الوقائية والخطط المستقبلية للارتقاء بعمل البلدية وتلبية حاجات المواطنين في كافة المجالات".

وأضاف: "على صعيد البرامج والمشاريع التطويرية تطمح البلدية إلى إيجاد المساهمة الفاعلة في إعادة تأهيل المناطق المتضررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق التوأمة مع البلديات الأخرى لتحقيق الأهداف المرجوة".

وشدد الشيخ مجدي العايدي، رئيس مركز الرحالة الثقافي للأبحاث وعلوم الأنساب على الأهمية التاريخية لمدينة دير البلح، متطرقا إلى مسيرتها على مدار آلاف السنين.


                       مجدي العايدي.. رئيس مركز الرحالة الثقافي للأبحاث وعلوم الأنساب

وقال العايدي لـ "عربي21": "أول اسم أطلق على دير البلح هو اسم (الداروم) والمركب من كلمتين شاميتين قديمتين كنعانيتين أو فينيقيتين هما (دار) التي تعني قلعة أو بيت، و(أُوم) التي تعني الاتجاه أو الأسفل أو الجنوب، وهي عكس الكلمة المركبة (سافوم) التي تعني الأعلى أو الشمال، والتي تداولها السبئيون (قبائل سبأ اليمنية) ضمن الاتجاهات والمسارات فكانوا يطلقون كلمة (داروم) على الجنوب، و(سافوم) على الشمال و(ذراح) على الشرق، و(عراب) على الغرب".

وأضاف: " نقل السبئيون هذه اللغة معهم إلى صنعاء واليمن، وأثبتتها بعثة الآثار الأمريكية هناك ذلك، فيما أخذها اليونانيون منهم فكانت الداروم أشمل وأعم حسب وصفهم، فكانت تُطلق على الأجزاء الجنوبية لسهل فلسطين الحالي، والتي حورها الطائيون الساكنون بالساحل الشامي السفلي (فلسطين) فيما بعد إلى (الدارون) حسب لهجتهم والتي تعني الجنوب، وذلك أيضاً ما أكدته آثار البلقاء بشرق الأردن ولوحة الفسيفساء المكتوب عليها الداروم".

وتابع: "إن السبئيين ومن بعدهم الهكسوس في القرن الرابع عشر قد أطلقوا على القلعة الجنوبية لتل العجول أي غزة (الداروم)، وكانت هذه القلعة الغربية هي المدخل الغربي الجنوبي لغزة والتي كانت بها مدافنهم التي عُثر عليها في مقبرة دير البلح التي سرقها الصهاينة في ثمانيات القرن الماضي، والتي ذكرت المصادر أنها تعود إلى ملوك الجبابرة الذين استقروا في السهل الساحلي، والذي ذكرتهم المصادر انها تعود إلى العصر البرونزي المتأخر ما بين القرن الرابع عشر قبل الميلاد والقرن الثاني عشر قبل الميلاد، والتي كانت أجسامهم ضخمة وفي توابيت وتتباعد عن بعضها ما بين ثلاثة أو أربعة أمتار، وكانت محفورة في أحجار الكركار أو الطين الأحمر دلت على شكل الأنسان الكنعاني في الداروم ، ومعها أواني كبيرة أكثرها مصنوع من الفخار دللت على أنها كانت تستخدم كقرابين للدفن".



وأكد العايدي على أن الداروم كانت إحدى الحصون التي استخدمها الملك الفرعوني رمسيس الثاني (1303 ق.م - 1213 ق.م) بعد أن طرد الهكسوس من شمال مصر وجنوب الشام، وظلت الداروم تحت سيطرة الحكم المصري حتى عام 1150 ق.م، حتى انتقال الحكم إلى الملك داوود والملك سليمان عليهما السلام وزوال مملكة سليمان عليه السلام، وحكم البابليين لبلاد الشام في القرن الثامن قبل الميلاد.

وأوضح العايدي أن الداروم كانت قد استقر فيها مجموعات من العرب الطائيين القادمين من بلاد نجد وطيء والثموديين الذين ذابوا في قبيلة طيء في القرن السادس والخامس قبل الميلاد زمن البابليين وحكمهم لبلاد الشام، والذين أُخذ اسم فلسطين منهم ومن معبودهم وصنمهم (الفلس)، والذين أصبحوا سادة البلاد الساحلية من الشام بتعاونهم مع الفرس عام 515 ق.م.

وأشار إلى أن (الفلس) عُثر على آثارهم في الموقع الأثري تل الرقيش بساحل دير البلح، والذي جرت عليه التنقيبات وأثبتت عن وجود مستعمرة ضخمة مزدهرة في تلك المنطقة ولها أسوار ودفاعات وأواني من الفخار المسمى بالرقيش ومقبرة يعود تاريخها إلى العصر الحديدي المتأخر وللفترة الفارسية من عام 538 ق.م- 332 ق.م، وهي الفترة التي سادت فيها بطون قبيلة طيء تلك المنطقة وكانت تٌطلق عليها الدارون وكانت منطقة مهمة لهم، والتي سرق آثارها الاحتلال الاسرائيلي وزوروها بهتاناً، والموجودة بجامعة حيفا شمالي فلسطين.



وأوضح العايدي أن الداروم خضعت عام 332 ق.م لحكم الاسكندر المقدوني والإغريق، ثم إلى حكم العرب الأنباط عام 323 ق.م ، ثم عادت لحكم الإغريق، إلى أن جاء الرومان عام 63 ق.م وبعض العرب الطائيين بها، حتى ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام إلى حكم البطالمة عام 26 للميلاد، ورفع الله لعيسى عليه السلام واضطهاد أصحاب عيسى عليه السلام من قبل اليهود.

وقال الباحث في التاريخ: "في القرن الثالث الميلادي انتقل الراهب هيلاريون أو هيلاريوس، وتحديدا (278 ـ 372م)، والمولود فب غزة عام 291 للميلاد من أبوين وثنيين، بعد أن آمن بالنصرانية منتقلاً إلى مصر ثم إلى تل العجول وبرية غزة ثم بقرية مايوما بالداروم جنوب غزة ما تعرف شعبيا باسم (أم عامر) الواقعة غرب مخيم النصيرات التي استقر بأحد أقبيتها، ومنها انطلق بدعوته فاضطهدوه بني إسرائيل  فسافر عام 362 للميلاد نحو ليبيا وقبرص وغيرها، وورد أنه مات بها  إلى أن أعاد تلاميذه جثمانه إلى صومعته الأولى بأحد أودية بلدة الداروم الشرقية، فأقام أتباعه له ديراً هناك أسموه دير القديس هيلاريون الذي اعتبروه نقطة النصارى الأولى بالداروم والذي أُقيم فوقه فيما بعد قبر أحد النصارى وهو مقام الخضر نواة مدينة دير البلح".

وأضاف: "في السنة السادسة للهجرة جهز النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة من الصحابة رضوان الله عليهم في سرية وأمر عليهم الصحابي الجليل أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، حيث كانت الداروم قلعة ونقطة رومانية نصرانية بها من العرب الذين يدينون بالنصرانية والجند الرومان، ولكن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تمكنه من السفر، فكان أول ما فعله خليفته أبو بكر رضي الله عنه أن أمره بتنفيذ ما أمره به رسول الله فأنفذ جيش أُسامة.



وتابع: "في سنة 13 للهجرة فتح المسلمون الداروم بعد معركة داثن يوم الجمعة الرابع من شباط / فبراير عام 634م عند الساعة التاسعة صباحاً، حيث انحاز بعض أهلها الطائيين إلى جيش المسلمين وقاتلوا معهم حسب الرواية النصرانية، وفر الرومان تاركين وراءهم البطريق بريردن الذي قتله المسلمون، ودخلها الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأصبحت الداروم من الخلافة الإسلامية ودار إسلام وبقي اسمها الداروم.

وأوضح أنه في القرن العاشر الميلادي سقطت الداروم بأيدي الصليبيين وأصبحت إمارة صليبية، ثم أنشأ فوق قلعتها القديمة ملك القدس الصليبي عموري قلعة الداروم عام 1162م- 1173م  وبقيت بأيدي الصليبيين.

وأشار إلى أن سكان الداروم الذين كان أغلبهم من عربان بني ثعلبة بن سلامان بن ثعل من بني طيء، وهم درماء أعان بعضهم الصليبيين وتعاون معهم مما جعل القائد صلاح الدين الأيوبي ينقل أكثرهم إلى دلتا مصر وذلك لأنه استعصى عليه عام سنة 1170م دخولها، ولكنه عاد ودخلها بجيشه سنة 1177م بعد محاولات عديدة، وبذلك فهي أول مدينة حرّرت في فلسطين من أيدي الصليبيين.

وأكد العايدي أن الدارون أصبحت زمن المماليك محطة للبريد بين مصر وغزة، واستقر الكثير من سكانها بدلتا مصر وخاصة بعد اتفاقية صلح الرملة عام 1192م.

وقال: "بعد معركة عين جالوت يوم الجمعة 25 من رمضان لعام 658 هجرية الموافق 6/9/1260 ميلادية وانتصار الجيش الاسلامي بقيادة قطز على المغول بدأت نشوات النصر الكبير فكان عام 663 للهجرة عام تحرير البلاد من الصليبيين فخضعت الداروم للحكم المملوكي إلى أن ظهر العثمانيون على سواحل الشام وانتصروا على المماليك فدخلت الداروم في حكم الخلافة العثمانية عام 923 للهجرة 1517 للميلاد".



وأضاف: "في العهد العثماني انتقلت عشائر من قبيلة بلي القضاعية في طريقها إلى سيناء فاستقر بعض بنو مخلد البلويين بالداروم وأصبحوا فيما بعد سادتها، وتحصلوا على نصيب كبير من أراضيها، وكانوا يتبعون قبيلتهم البلاونة بفلسطين وشرق مصر، وبدأوا بزراعة الأراضي بالقمح والشعير حتى باتت تميز البلدة عن غيرها بزراعة الحبوب، وخالطوا من تبقى ممن أصبح أهلها من الفرنج النصارى وتقاسموا معهم البلاد، مما أدى الى رحيل بعضهم عن الداروم إلى مصر، فيما تبقى بعضهم عند مقام الخضر والدير وأقاموا عليه بعد أن أسلموا فيما بعد وحسن إسلامهم".

وتابع: "بعد إسلام أهل الداروم أصبحت يطلق عليها دير الخضر بدلاً من دير جرجس إلا أن العثمانيين كانوا يسمونها دير الداروم وفق ما ورثوه من سجلات مملوكية؛ إلى أن وفدت على المنطقة قبيلة عربية من الأنصار واستقرت شرق الداروم وانتقل بعض منها (الغدايرة) إلى شاطيء البحر وبدأت تفرض سيطرتها على المنطقة بعد أن استقرت بالدميثة التي غادرها بعض سكانها الأصليين من البدو نحو غزة والشمال سوى العبيديين (الشحادات) الذين اتحدوا معهم وأصبحوا منهم، فيما استقر جزء عربي آخر جاء قادماً من السامرة بنابلس (الفليت) واستقروا بدير الداروم وكانوا يدينون باليهودية وأسلموا وتصاهروا مع النصارى الذين أسلموا فيما بعد".

وأوضح الخبير في الأنساب أنه ونتيجة هذه القوة في هذه المنطقة هجرت قبيلة بني مخلد البلوية القضاعية باستثناء قلة منها مما دفع الحكومة العثمانية إلى إرسال جابي أُسند له الإمارة بالداروم من السلاطين (أبو سلطان المصري) بعد ضعف ابن قويعة البلوي وقبل دخول محمد علي بلاد الشام ووقوع الداروم تحت الحكم المصري عام 1831م. والذي كان بعده أن آلت قيادة قبيلة النصيرات فرع الطبشان (المصدر) بعد أبو غرابة والذي وزع بعض الأراضي على أبناء قبيلته فنزل بعض المساعيد من سيناء بجواره ودخل أبناء الفليت في حمايته وأصدر أوامره الصارمة بالتخلق الإسلامي فأصبحت الداروم يطلق عليها عين الدقيق (نسبة لمطحنة الدقيق) وحقول القمح والشعير التي بها إلا أن البعض كان يصر على اسم دير النصارى الذي منع هذا الاسم بقوة القبيلة التي ظلت هي السائدة والآمرة والناهية ثم قيدته الدولة العثمانية في أواخر عهدها باسم دير البلح بدلاً من دير الداروم.

وأشار إلى أنها ومنذ ذلك الحين سميت هذه المدينة باسم (دير البلح) نسبة لهذا الدير والنخيل المنتشر حوله وبغربها والذي جلبه بعض أبناء خليل القادمين من سيناء والمستقرين بالداروم والمكثرين من زراعته عام 1880م مع الآخرين كما توالت على المدينة عائلات من الخليل ومن شرق خانيونس ومن مصر ومن مناطق مختلفة استقرت بدير البلح التي دون اسمها الإنجليز في دواوينهم بعد أن سقطت بأيديهم عام 1918م وأصبحت بذلك دير البلح ضمن الحكم الإنجليزي.

وقال العايدي: "في عام 1946م شكل المحتل الإنجليزي مجالس إدارية لإدارة شؤون السكان في القرى الفلسطينية فكان الشيخ المختار سليمان العزايزة أول رئيس لهذا المجلس (مجلس قروي دير البلح) ضمن مجالس قضاء غزة والذي خلفه من بعده ابنه محمد 1973م الذي جعل هذا المجلس بلدية تدير شؤون المنطقة الوسطي بدلاً من ادارتها من خانيونس وأصبحت بلدية دير البلح هي البلدية الوحيدة بالمنطقة الوسطى (وسط قطاع غزة).



وأضاف: "في عام 1948م نزح إلى دير البلح أعداد كبيرة من الفلسطينيين التابعين إلى لواء غزة، والقليل من لواء اللد ويافا، واستقروا على ساحل دير البلح وعددهم 24 ألفاً بعد ان احتلت القوات الاسرائيلية تلك المناطق وأقيم مخيم دير البلح.

وأوضح الباحث الفلسطيني أنه في سنة 1967م وقعت دير البلح في أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وبعد احتلال قطاع غزة في عدوان حزيران من ذلك العالم أوقف خط السكك الحديدية، واقتلعت القضبان الحديدية والأخشاب، وبنيت مكانها العديد من العقارات والبيوت السكنية.

وأضاف: ثم بنت الدولة العبرية عام 1971م عددا من مستوطناتها على أراضي المدينة من بينها مستوطنة "كفار داروم" الدينية والتي كانت فيها كنيس لليهود وجامعة، وتحت ضربات وصواريخ المقاومة انسحبت القوات الإسرائيلية والمستوطنين من قطاع غزة عام 2005م وتم إخلاء هذه المستوطنة التي كان يعتبرها قادة الاحتلال كتل أبيب.

وصباح يوم 11/5/1994م الساعة الرابعة والنصف صباحاً، حرّرت مدينة دير البلح من الاحتلال الإسرائيلي الذي دام سبعاً وعشرين سنة، ودخلت قوات الأمن الوطني والشرطة الفلسطينية مدينة دير البلح بالتزامن مع قيام السلطة الفلسطينية.

وأكدت سلوى ذياب المصري مديرة مدرسة العائشية السابقة أن دير البلح واحدة من اهم المدن الفلسطينية ولها تاريخ كبير.


                              سلوى ذياب المصري.. مديرة مدرسة العائشية السابقة

وأشارت إلى أنها لأهمية هذه المدينة مسقط راسها الفت كتاب "دير البلح دراسة في التاريخ والسكان والمكان" وذلك حرصا منها على أن تقدم للمكتبة الفلسطينية مرجعا ووثيقة ذات أهمية في براهين الوجود وفي مواجهة التلاعب بالمعلومة عن هذه المدينة العريقة.

وقالت المصري لـ "عربي21" : "حبي لمدينتي مدينة دير البلح التي ولدت وتربيت وترعرعت بها، ورغبتي في أرشفة ولملمة الذاكرة المبعثرة لتكون مرجعا للأجيال القادمة قمت بتاليف هذا الكتاب الذي يقع في تسعة فصول".

وأضافت: "إن الفصل الأول يتحدث عن أصول التسمية لماذا سميت بدير البلح ومن أين جاءت كلمة (دير)، ثم تحدثت عن دير البلح عبر التاريخ والحقب التاريخية كالحقبة البيزنطية ثم الحقبة الاسلامية والحقبة الصليبية والأيوبية، ومن ثم تحدثت عن الحقبة المملوكية والحقبة العثمانية".

 وذكرت كيف كانت الداروم قرية كبيرة مهمة على طريق البريد لدولة المماليك بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، ثم أصبحت بمثابة ابرشية لكنيسة الروم الارثوذكس في القدس في عهد العثمانيين حتى اواخر القرن التاسع عشر، ثم تحدثت عن دير البلح في  العصر الحديث حتى احتلال فلسطين ودير البلح سنة ١٩٦٧م من قبل الجيش الإسرائيلي.

وانتقلت المصري في الفصل الثاني للحديث عن السكان والمجالس البلدية، وفي الفصل الثالث تحدثت عن حارات ومناطق دير البلح بين الماضي والحاضر، فيما خصصت الفصل الرابع للحديث عن مخيم دير البلح، بينما تطرقت في الفصل الخامس إلى المعالم السياحية والتاريخية والاثرية.

وتحدثت المصري في الفصل السادس عن اقتصاد دير البلح وأهم الحرف التي كانت موجودة في المدينة كالزراعة والصيد ثم الاقتصاد وأهم الصناعات الموجودة آنذاك وحرفة الرعي وتربية المواشي والدواجن ثم انتقلت للحديث عن التجارة.

وأوضحت المصري أنها تحدثت في الفصل السابع عن الحياة الاجتماعية في دير البلح وعن العادات والتقاليد الديراوية في جميع المناسبات مثل عادات وتقاليد أهالي دير البلح في الحج وفي رمضان وفي الأعياد، ثم انتقلت للحديث عن الفلكلور والتراث الشعبي الفلسطيني ( الديراوي ) وامثلة على الأغاني الديراوية في المناسبات المختلفة، ثم انتقلت للحديث عن فن التطريز، ومن ثم عن الازياء الشعبية القديمة للرجل والمرأة الديراوية، ثم تحدثت عن أشهر الأكلات في مدينة دير البلح، وفي الفصل الثامن تحدثت عن المساجد والزوايا في دير البلح.

وأكدت أنها خصصت الفصل التاسع للحديث عن المرافق الهامة في دير البلح من مستشفيات ومراكز طبية، ومحاكم ونوادي، عن الحياة الرياضية ثم عن الأماكن الترفيهية في المدينة، ثم تطرقت عن السوق الأسبوعي للمدينة وهو سوق الثلاثاء ومجزرة سوق الثلاثاء سنة ١٩٤٨م التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في أكبر الأسواق الشعبية في المدينة، والتي قضى فيها عشرات الشهداء والجرحى دون أن يذكرها التاريخ.