ملفات وتقارير

باحث سعودي لـ"عربي21": هذا الهدف من وراء إثارة قضية "الغبانة"

العمري: الرؤية السعودية 2030 تقوم على طمس هويات أقاليم المملكة لا سيما الحجاز- يوتيوب
تحدث باحث سعودي عن الهدف من إثارة المستشار في الديوان الملكي، رئيس هيئة الترفيه، تركي آل الشيخ، قضية اللباس الحجازي "الغبانة"، وقراره بمنع من يرتديها من المشاركة في أي فعالية قادمة.

وقال مدير مركز الجزيرة العربية الإعلامي، محمد العمري، إن الرؤية السعودية 2030 تقوم على طمس هويات أقاليم المملكة، لا سيما الحجاز.

ولفت في حديث لـ"عربي21"، إلى أن تغول الهوية النجدية لسنوات في دولة متعددة الهويات، لم يكف الدولة السعودية لمحاولة طمس أي مظاهر تراثية لإقليم الحجاز، بقرار آل الشيخ منع "الغبانة" من فعاليات هيئة الترفيه.

وأشار العمري إلى ما وصفها بـ"أصوات العقلاء"، التي عبرت برأي مخالف عن تصريحات آل الشيخ، أبرزها ما غرد به وكيل وزارة الخارجية السابق، نزار مدني عبيد.

وقال عبيد في سلسلة تغريدات انتقدت فيها تصريحات آل الشيخ دون تسميته، إن الوقت الحالي غير مناسب لـ"الدخول في جدليات لا طائل وراءها، والانشغال باجتهادات في غير موضعها، ما قد يؤدي بنا إلى الفرقة، وغرس بذور الانقسام في تربتنا الاجتماعية، وتهديد وصلابة وحدتنا الوطنية".

ويتعرض الزي الحجازي إلى هجوم عنيف منذ سنوات من قبل كتاب ومغردين سعوديين، بدعوى أن "الغبانة" مستوردة من الهند ومن بلاد آسيوية، وأن اللباس الحجازي الأصلي هو الغترة والعقال.

هويات ذائبة

بحسب محمد العمري، فإن غالبية هويات الأقاليم "ذابت، ولم يبق لها متنفس سوى مهرجان الجنادرية التراثي السنوي، إلا أهل الحجاز ما زالوا يمتلكون العلم والوعي السياسي، والمال والتاريخ واللحمة، بالإضافة إلى مظهر اللباس".

وأضاف: "تفسيري لهذه الخطوة أنها استفزازية لمعرفة الأصوات المناهضة لسياسة إعادة إنتاج هوية جديدة تتوافق مع رؤية ٢٠٣٠، وتبتعد عن الهوية الإسلامية للبلد".

وأردف: "لذا متوقع حملة اعتقالات في الأيام القادمة للأصوات التي جاهرت بنشر صور للغبانة، وغيرها من إثبات لهويتهم الحجازية".

وقال محمد العمري إن السلطات السعودية عملت منذ سنوات طويلة على إزالة التراث الحجازي، لا سيما في مكة المكرمة، إذ هدمت المباني بدعوى تجديدها بفنادق ضخمة وبرج الساعة، إلا أن ما تم بناؤه لم يحمل هوية الحجاز، أو هوية الجزيرة العربية، في إشارة إلى المباني الضخمة ذات الواجهات الزجاجية.
 
حرية اللباس

بحسب محمد العمري، فإن اللباس الحجازي تطور خلال السنوات الماضية بمزيد من الزخارف والتطريزات، ما جعله ينتشر بشكل أكبر، ويحافظ على مكانته.

وأوضح أن منع تركي آل الشيخ للحجازيين من ارتداء زيهم التقليدي في حفلات هيئة الترفيه يشير إلى مدى تغول المسؤولين السعوديين على القوانين، إذ لم يتم الاستناد إلى بند قانوني لهذه الخطوة.

وأشار العمري إلى أن حرية اللباس ما لم يكن مسيئا للقيم والأعراف في المملكة، تحتم عدم منع "الغبانة".

وأضاف أن ما قام به تركي آل الشيخ يعطي انطباعا بأن هيئة الترفيه هي شركة خاصة يملكها، وليست تابعة للدولة.

احترام متبادل

قال الباحث محمد العمري، إن سكان منطقة الجزيرة العربية على مر العقود الماضية كانوا يتبادلون الاحترام فيما بينهم، مشيرا إلى أن جزءا من تجار نجد استقروا في قطر، والكويت، ووجدوا ترحيبا من أهلها، وأصبحت محلاتهم هناك معروفة باسم "سوق النجادة".

وأضاف أنه بالمقابل بدأت السعودية بمحاولة إقصاء وتهميش تجار الحجاز، واستخدام الأصوات العنصرية في شيطنتهم، نظرا لكون جزء كبير منهم ينحدر من أصول حضرمية.

واستدرك بأنه "عندما يكون تركي آل الشيخ مستشارا في الديوان الملكي، فهذا يعطي انعكاسا لطريقة إدارة الدولة في الرياضة، والترفيه، وغيرها".

وتابع بأن محاولة نسب أي شيء للسعودية يشير إلى أزمة، مثل الادعاء بأن القهوة سعودية وليست يمنية، والتمر سعودي وليس عربيا.
 
إقرار رسمي
اللافت بحسب ما رصدته "عربي21"، أن هجوم تركي آل الشيخ على "الغبانة" يأتي برغم أن هذا النوع من العمائم المنتشر في الحجاز كان حاضرا في لقاءات ملوك السعودية عند زيارتهم إلى المنطقة الغربية.

ففي كانون أول/ ديسمبر 2015، زار الملك سلمان مكة المكرمة، وقال مخاطبا أمير المنطقة خالد الفيصل: "أهل مكة يا زين لبسهم".

وبحسب موقع "مكاوي كوم"، فإن "الغبانة الأصلية هي قطعة تنسج من الحرير الخام، أو المخلوطة بالقطن، وهناك أنواع متعددة لا حصر لها من الأقمشة التي تصنع منها الغبائن".

فيما نشرت قناة "الإخبارية" تقريرا سابقا، وصفت فيه "الغبانة" بأنها "لباس الآباء والأجداد" في الحجاز.

وأثار التقرير الذي تداول بشكل مكثف عام 2020 جدلا واسعا، إذ طالب مغردون سعوديون بمحاسبة المسؤول عن بثه في القناة الرسمية، بزعم أن "الغبانة" ليست لباسا سعوديا.