ذكرت صحيفة
نيويورك تايمز الأمريكية أن بطولة
كأس العالم في
قطر أظهرت تغيرا "كاملا" للعلاقات بين الدوحة والرياض، لكن "الجروح لا تزال مفتوحة" رغم المصافحات الودية على أعلى المستويات التي حدثت أثناء البطولة.
وقالت الصحيفة إنه بعد "الانقسام" الذي حصل بين الجارتين لسنوات بسبب "نزاع مرير" بينهما، فقد سلط الاهتمام بالبطولة الضوء على مسألة "إعادة لم الشمل المعقدة بينهما".
وكانت
السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية وروابط التجارة والسفر مع قطر في منتصف عام 2017، متهمة الدوحة بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه قطر.
وخلال الحفل الافتتاحي للبطولة، تصافح أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في إظهار "لإصلاح الصدع" الذي حصل بين البلدين.
وتجددت العلاقات السعودية القطرية "بشكل كامل" في البطولة، حيث ارتدى الأمير محمد بن سلمان وشاحا عليه علم قطر أثناء حضوره المباراة الافتتاحية بين قطر والإكوادور، ثم توشح الأمير تميم بعلم المملكة خلال مباراة المنتخب السعودي الأولى أمام نظيره الأرجنتيني.
وبدوره، أمر الأمير السعودي الجهات الحكومية في المملكة بتقديم أي دعم لازم لإنجاح البطولة في قطر.
واستعرض التقرير بعض الجوانب التي تدل على أهمية العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى منطقة الإحساء التي لطالما توافد عليها المتسوقون القطريون لكنهم انقطعوا بعد المقاطعة الخليجية.
وقال علي عبد الله، الذي عمل في سوق الإحساء منذ عقود: "نحن سعداء جدا (للمصالحة)، لأن هناك أعمالا تجارية".
وأضاف المشجع السعودي، عبد العزيز الباشي، أنه فخور للغاية بمكانة قطر كأول دولة عربية تستضيف كأس العالم لدرجة أنه شعر و"كأننا نستضيف (في السعودية) كأس العالم وليس قطر".
وأوضح: "نحن نعتبرها منطقة واحدة.. هناك تقارب. الثقافة واللهجة والكثير من الأشياء المشتركة. لا نشعر بوجود فرق".
وفي العاصمة السعودية، الرياض، خصصت السلطات صالة في المطار لرحلات شبه مستمرة إلى الدوحة.
واستدركت الصحيفة بالقول إن الخلاف الإقليمي "ترك ندوبا"، وكأس العالم تسلط الضوء على تلك الندوب، فعلى سبيل المثال: البحرين القريبة جدا من قطر، لم يذهب منها سوى عدد محدود من المشجعين لأن العلاقة بين البلدين لا تزال متوترة لدرجة أنه لا توجد رحلات جوية مباشرة.
وتستفيد دولة
الإمارات المجاورة بشكل كبير من رحلاتها الجوية إلى قطر، إذ يفضل العديد من المشجعين قضاء لياليهم في دبي بسبب سمعة الإمارة كوجهة سياحية مع سهولة الوصول إلى المشروبات الكحولية، وهو الأمر الذي تقيده قطر، لكن العلاقات بين الحكومتين القطرية والإماراتية لا تزال متوترة.
وحتى السعودية، التي لديها علاقات أكثر ودية مع قطر، فإن هناك قلقا من التقارب، ففي ليلة بدء المونديال كأس العالم، منعت السلطات السعودية خدمة البث المباشر لقنوات "بي إن" القطرية، تاركة العديد من السعوديين بلا وسيلة لمشاهدة المباراة الأولى.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز"، الجمعة، إلى أن الإحباط يتفاقم بسبب "نزاع غريب" بين قناة قطرية ومنظمي وسائل الإعلام في السعودية، ما أدى إلى منع الملايين من مشاهدة مباريات كأس العالم.
اقرأ أيضا: افتتاح منفذ سلوى الجديد بين قطر والسعودية (شاهد)
جروح الماضي
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض السعوديين يشعرون بالقلق من التعبير عن الدعم لقطر، خشية أن ينكسر ما تم إصلاحه مرة أخرى.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن الخلافات مع قطر تزامنت مع ملاحقة عشرات المعارضين في السعودية، من رجال الدين ورجال الأعمال وأفراد العائلة المالكة والكتاب والنشطاء، وبعضهم واجه اتهامات بالتعاطف مع قطر أو الارتباط بها، ولا يزال العديد منهم في السجن.
وبعد أن حضر الأمير محمد حفل الافتتاح في الدوحة، فقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة ناصر عوض القرني، نجل الداعية السعودي الشهير المسجون في السعودية، عوض القرني، والتي قال فيها إن "إحدى التهم الموجهة لوالدي من النيابة العامة هي التعاطف مع دولة معادية (قطر)".
وكانت قمة العلا الخليجية في السعودية في كانون الأول/ يناير من العام 2021، أنهت ثلاث سنوات من القطيعة بين قطر وجيرانها، حيث ترأس جلسة القادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وفي تقرير نشرته في 2015 عن
مصر، انتقدت
هومين رايتس ووتش أحكام القضاء المصري في تهم "التخابر مع قوى أجنبية ضد الدولة"، والتي أدت إلى إدانة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي و35 آخرين، معتبرة أن ملفات القضايا لا تشير إلى قيام النيابة بالتحقيق في المسؤولية الفردية عن الأفعال المذكورة في لائحة الاتهام.
خلال العام 2017، قالت
هيومن رايتس ووتش، إن السلطات السعودية اعتقلت عشرات الأشخاص، بينهم رجال دين بارزون، ضمن حملة قمع منسقة ضد معارضين، وكان بين الموقوفين سلمان العودة وعوض القرني وأكثر من 10 آخرين.