صحافة تركية

مركز أبحاث: أربعة أسباب لتغيير موقف موسكو من طالبان

عزلة روسيا بعد غزو أوكرانيا أحد أسباب التقارب مع طالبان - جيتي
نشر ''مركز أنقرة للبحوث السياسية'' مقال رأي للكاتب دوغجان باشاران تحدث فيه عن أسباب تغيّر موقف روسيا تجاه طالبان.  

وقال الكاتب في تقرير ترجمته "عربي21"، إن دول المنطقة وممثلي الدول المشاركة مثل الصين وباكستان وإيران والهند وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان في الاجتماع الرابع لاجتماعات تنسيق موسكو، الذي استضافته روسيا في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، هدفها تطوير موقف موحد بشأن أفغانستان.

واعتبر أن عدم دعوة طالبان إلى هذا الاجتماع يعد تطورًا ملحوظًا، بالنظر إلى كونها كانت ممثلةً في القمة التي عُقدت في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.



وذكر الكاتب أنه سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أعلن إمكانية استبعاد طالبان من قائمة روسيا للمنظمات المصنفة إرهابيةً في خطوة فُسّرت على أن موسكو تستعد للاعتراف بإدارة طالبان. ولكن عدم دعوتها هذه المرة يشير إلى أن روسيا ربما غيّرت موقفها تجاه طالبان.

وقد أكد البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية بعد القمة أن الدول المشاركة تتوقع تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان. وهذا يعني أن الجهات الفاعلة لا تميل إلى الاعتراف بطالبان، على الأقل في الوضع الحالي.

وأشار المبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان زامير كابولوف إلى أن عدم دعوة طالبان إلى الاجتماع رسالة مهمة من دول المنطقة وتكشف عن التغيير في سياسة الكرملين تجاه أفغانستان.

ولفت الكاتب إلى أن المسألة الأساسية التي تشغل دول المنطقة وروسيا هي هشاشة البيئة الأمنية الإقليمية.



وتعتقد الدول الإقليمية أن عدم الاستقرار الذي تشهده أفغانستان يمكن أن ينتج عنه ما يسمى بـ "تأثير الدومينو" للتطرف والإرهاب، ويصل إلى الصين عبر ممر واهان لينتشر إلى آسيا الوسطى ومن هناك إلى روسيا.

ويمكن القول إن أنشطة تنظيم الدولة في أفغانستان لها تداعيات على البيئة الأمنية الإقليمية، ومن الواضح أنها تزعج جهات فاعلة مثل طاجيكستان وإيران. وهذا هو السبب الرئيسي للجهود المبذولة للتوصل إلى موقف جماعي بشأن الوضع في أفغانستان.

ويرى الكاتب أن موقف روسيا من طالبان قائم على شعورها بأنها مضطرة للبقاء جزءًا من هذا الجهد لاتخاذ موقف موحد، خاصة أن موسكو تعرضت لانتقادات من قبل العديد من الدول في المنطقة بسبب حرب أوكرانيا حيث يبدو أنها لا تسيطر على زمام الأمور.

وفي هذه الظروف، يدرك الكرملين أنه قد لا يكون قادرًا على تحمل عبء تطوير سياسة أفغانية مختلفة عن دول المنطقة. لهذا السبب، غيرت موسكو خطابها تجاه طالبان.



أوضح الكاتب أن روسيا اعتقدت من خلال إبداء استعدادها للاعتراف بحركة طالبان أنه يمكنها إقناع اللاعبين الفاعلين في المنطقة بأنه يمكنها التأثير على سياسة أفغانستان، لكنها الآن لم تعد ترغب في تركيز اهتمامها وطاقتها على هذه الدولة. مع ذلك، لا تزال روسيا حريصة على محاولة إبقاء هذه المبادرة تدور في فلكها من خلال مواصلة تنظيم الاجتماعات والقمم بتنسيق منها. بعبارة أخرى، يرغب الكرملين في الحفاظ على نفوذه في المنطقة دون بذل الكثير من الجهد.

وأشار الكاتب إلى أربعة أسباب رئيسة لتغيير سياسة روسيا تجاه طالبان، أولها نهج المجتمع الدولي. إذ لم تعترف أي دولة أو منظمة دولية حتى الآن بحركة طالبان، التي تدير أفغانستان منذ آب/أغسطس 2021.

وتتعرض روسيا لعقوبات شديدة بسبب الحرب في أوكرانيا وهي معزولة عن المجتمع الدولي. وتحرص موسكو التي لا تريد أن تتعمق عزلتها على اتخاذ موقف يتماشى مع مطالب المجتمع الدولي بشأن الوضع في أفغانستان. لهذا السبب، ركزت على التعبير عن المطالب العامة للمجتمع الدولي على غرار دعم الحوار والحل السلمي والحكومة الشاملة.

وأضاف الكاتب أن السبب الثاني يتمثل في تأثير الحرب الأوكرانية على العلاقات بين روسيا وآسيا الوسطى. تركز إدارة موسكو على تطوير موقف جماعي من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع دول المنطقة والتأكيد على النهج الذي يعطي الأولوية للأمن الإقليمي.



ويتعلق السبب الثالث بأهمية العلاقات مع طهران وهو ما يعكسه تعاونها العسكري مع إيران في خضم الحرب في أوكرانيا.

أما السبب الرابع فهو تقارب طالبان مع الولايات المتحدة. وحسب الكرملين، فإن الولايات المتحدة هي المسؤول الرئيسي عن الوضع في أفغانستان ما يعني أنه يجب على واشنطن أن تتحمل مسؤولية إعادة إعمار أفغانستان.

في المقابل تريد روسيا إبقاء الولايات المتحدة خارج المنطقة لأن الكرملين يرى في تدخلها تحديًا لهيمنته في المنطقة.

وفي أعقاب إعلان طالبان سيطرتها على البلاد وانسحاب القوات الأمريكية، كانت روسيا الدولة الأولى التي قبلت استمرار البعثة الدبلوماسية لسفارة كابول. لكن في الآونة الأخيرة، اقتربت طالبان من الولايات المتحدة.

وتغيير روسيا لموقفها ينطوي على رسالة إلى طالبان مفادها أنها على علم باتصالاتها مع الولايات المتحدة وغير مرتاحة لها.