قضايا وآراء

11/11.. حراك أم شِراك؟!

1300x600
تشهد مصر حالة من الترقب العام بسب دعوات التظاهر يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التي أطلقتها مجموعة من المعارضين المصريين، وحظيت باهتمام واسع دوليا وإقليميا، كما شغلت حيّزا كبيرا من اهتمام الشارع المصري وأنهت حالة السكون التي استمرت فيه سنوات.

على صعيد آخر، بدا واضحا حالة الاضطراب في السلطة المصرية بدءا من رأس السلطة عبد الفتاح السيسي ورجال دولته، وبالتأكيد إعلامه الذي لم يفتأ يهدد المصريين ويشكك في الدعوات.

وتغيبت الأحزاب والحركات المصرية المعارضة وكذلك النخبة عن الصورة بقصد أو بغير قصد، من دون وجود تصور لما يمكن أن يقوموا به بموازاة هذه الدعوات، وهل يدعمونها أم لا.

الدعوات انتشرت سريعا دون وجود قيادة واضحة من المعارضة تحمل لواءها، فطرحت ثلاثة تخوفات مصحوبة بثلاثة تساؤلات تحمل قلقا لا يقل عن قلق نظام السيسي منها وتخوفا من أن تكون شِراكا (جمع شَرَك) بمعنى المصيدة أو الكمين.

أما التخوفات فيخشى البعض أن يكون هذا الحراك مدفوعا من بقايا نظام مبارك، بعد ظهور جمال مبارك المتكرر في مناسبات عدة واستقباله بحفاوة لا تخطئها العين، وقد تكون وراءها قيادات عسكرية من الجيش بسبب غضبها على السيسي لأسباب مختلفة. والبعض الآخر يتخوف من وقوف تيار الإسلام السياسي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين خلفها، فتكون الدعوات غطاء يستخدم فيه الشعب لانقلاب على انقلاب أو تمكين الإسلام السياسي مرة أخرى.

وأما التساؤلات التي يطرحها الرافضون للحراك فمتعلقة بمن سيقود الشارع، وماذا بعد؟ ثم ما هو مشروع التغيير؟

لا يستطيع أحد أن ينفي أو يؤكد هذه التخوفات بسبب ضبابية المشهد المصري، لكن المؤكد الوحيد الذي يراه الشعب والسلطة والمعارضة، أن الحراك بدأ بجدية ولن تعود الساعة للوراء طال الوقت أم قصر.

ولذلك، لا بديل عن عكس كل هذه التخوفات من المخلصين والوطنيين وتحويلها لإيجابيات، واستغلال التواجد الواسع لرؤساء ومنظمات ونشطاء وإعلاميين من كل دول العالم، والتي لا تملك سلطة السيسي معه خيارات كثيرة، وتخشى التعامل بعنف مع التظاهرات فتتحمل إدانة دولية لا تستطيع الصمود أمامها هذه المرة.

وأما التساؤلات فليس أقل من أن يجيب عليها من يطالبون الشعب بالصبر حتى يجدوا لها إجابة! وكأن تسع سنوات لم تكن كافية لهم ليجيبوا عليها بدلا من حالة التشرذم التي تلقي بظلالها على تحركات الشارع المصري، فليجدوا حلولا وليلحقوا بالشعب المصري الذي عودنا على التقدم بخطوة على نخبته المتعثرة.

لقد نالت الدعوات من نظام السيسي حتى لو لم تحقق إلا ما حققته حتى الآن، لتفرض نفسها على الجميع، ومع ذلك فلا يجب الإفراط في الرهان على هذه التظاهرات وما يجب أن تحققه أو التفريط فيما يمكن أن تؤدي إليه هذه الدعوات.

يبقى أن الدخول لقفص الأسد الجريح ليس كالخروج منه، ولعل أبعد الأشياء عن الظن يكاد يكون أقربها للوقوع.