بورتريه

جنرال "الأرض المحروقة" هل ينقذ روسيا؟ (بورتريه)

سيرغي سوروفيكين،
سمعته العسكرية تكشف عن تاريخ من التوحش، فهو الذي قاد القوات الروسية في سوريا.

قسوته لم تمنع خصومه من الاعتراف بأنه قائد كفء أيضا، لكنه قد يغرق في مهمته الجديدة في أوكرانيا إذا لم تقدم سياسة "الأرض المحروقة" نتائج سريعة وحاسمة.

سيرغي سوروفيكين، المولود في مدينة نوفوسيبيرسك الروسية عام 1966، عسكري متمرس فقد انضم إلى مدرسة أومسك العليا المشتركة لقيادة الأسلحة التي تخرج منها عام1987.

وتخرج من كلية القيادة في الأكاديمية العسكرية برتبة الشرف 1995، ثم من الأكاديمية العسكرية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة برتبة الشرف عام 2002.

تقلد عدة مناصب عسكرية بارزة، من بينها قائد القوات المحمولة جوا، وكان مسؤولا عن إنشاء الشرطة العسكرية الروسية، وهي منظمة جديدة داخل الجيش الروسي.

وشارك في العديد من الحروب، في أفغانستان وطاجكستان في تسعينيات القرن الماضي، والحرب الشيشانية الثانية ما بين عامي 1999 و2000.

وتشير مصادر مختصة بالشأن الروسي إلى أنه أثناء محاولة الانقلاب ضد آخر رئيس للاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف عام 1991، قتل الجنود تحت قيادة سوروفيكين محتجين ومتظاهرين، ما أدى إلى سجنه ستة أشهر على الأقل بعد أن عفا الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين عنه.

وتقول تلك المصادر إن سوروفيكين تلقى ذات مرة حكما لمتاجرته بشكل غير المشروع بالأسلحة، وأبطل الحكم لاحقا بقرار سياسي في عهد يلتسين أيضا.

ونمت سمعته القاسية عام 2004 عندما ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن كولونيل يعمل تحت قيادته قتل نفسه بعد أن تلقى توبيخا حادا منه، ومنذ ذلك الحين عرف بأسلوبه المتشدد وغير التقليدي في العسكرية.

تسلم بعدها في 2005 مهمة نائب رئيس الأركان، كما أنه ترأس مديرية العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة بين عامي 2008 و2010 قبل أن يصبح قائد المنطقة العسكرية الشرقية في عام 2013.

وقاد سوروفيكين المنطقة العسكرية الشرقية بين عامي 2013 و2017 وقدم لوسائل الإعلام كقائد لمجموعة القوات الروسية في سوريا.

وتتهم وحداته بالتدمير الكبير الذي تعرضت له مدينة حلب السورية، حيث استهدفت البراميل المتفجرة والذخائر الأخرى الأحياء المكتظة بالسكان، ما تسبب في وقوع عدد كبير من القتلى المدنيين، وقد نفى المسؤولون السوريون والروس هذه الاتهامات بشكل متكرر.

وقال سيرغي سوروفيكين، أمام الجيش في حفل أقيم في موسكو عام 2017، إنه "أثناء قيامنا بمهام قتالية في سوريا، لم ننس لدقيقة أننا كنا ندافع عن روسيا".

وفي فترة توليه القيادة العسكرية الروسية في سوريا وقع هجوم استهدف مدينة خان شيخون التي كانت تسيطر عليها المعارضة بالكيماوي في نيسان/ أبريل عام 2017، وأسفر الهجوم عن مقتل 91 مدنيا خنقا، بينهم 32 طفلا، و23 سيدة، وإصابة ما لا يقل عن 520 آخرين.

ونال سوروفيكين لقب بطل "الاتحاد الروسي" لأدائه العسكري في سوريا.

ثم شغل منصب قائد القوات الجنوبية الروسية في أوكرانيا.

وطور سوروفيكين علاقة عمل مع جماعة "فاغنر" العسكرية الخاصة، ورحب بتعيينه من قبل رمضان قديروف، رئيس جمهورية الشيشان، ورئيس "فاغنر" يفغيني بريغوزين. وكان كلاهما قد دعيا الجيش الروسي إلى التحرك بشكل أكثر حزما في أوكرانيا.

وبعد ساعات من انفجار استهدف جسر القرم، الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم، ويعتبر الحلقة الوحيدة بين هاتين الضفتين، عين سوروفيكين مسؤولا عسكريا للحرب الروسية في أوكرانيا.

وتقول تقارير صحفية وبحثية إن تعيين سوروفيكين يعكس تصاعد الكثير من الأصوات المتشددة داخل روسيا التي تدعو بوتين إلى إجراء تغييرات، وتعيين شخص مستعد لتنفيذ هذه الهجمات القاسية.

ولا يتوقع المحللون أن ينجح سوروفيكين في قلب مجرى الحرب بشكل كبير، لكنه قد ينجح في تشجيع وقوع المزيد من الهجمات التي لا هوادة فيها على المناطق المدنية.

وبعد يومين فقط من تعيينه كقائد عام للحرب في أوكرانيا تسببت صواريخه وهجماته العنيفة والقاسية في قطع الكهرباء وتعطيل المرافق الحيوية عن 300 منطقة في جميع أنحاء أوكرانيا.

في صراع معقد ومتعدد الأطراف ومشتبك مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، لن يكون سوروفيكين قادرا على حل جميع المشاكل، فالجيش الروسي يعاني من نقص في الأسلحة والقوة البشرية، ولم تنجح التغييرات السابقة في القيادة في إصلاح المشاكل العسكرية الروسية في أوكرانيا.

لكن الرجل يعتبر واحدا من أكثر القادة موثوقية في الجيش الروسي، ويطلق عليه داخل الجيش لقب "الجنرال هرمجدون" كونه رجلا عسكريا قويا يعرف كيف يستعيد النظام في المهمة المكلف بها.

هل ينجح سيرغي سوروفيكين في مهمته المعقدة بأن يكون "رجل الإطفاء" أم "مشعل الحرائق" والرجل الذي ينقذ روسيا من خسارة أوكرانيا وبالتالي تهديد روسيا نفسها من قبل "الناتو" الذي سيرابط على حدودها مباشرة في حال تقهقر القوات الروسية، أم يكون ورقة بوتين الأخيرة وأمله قبل اللجوء إلى أسلحة غير تقليدية ومدمرة للمنطقة؟