مقابلات

حقوقي ليبي: أي تصعيد عسكري جديد سيؤدي لـ"كارثة إنسانية"

قال حمزة إن الإطار الزمني غير مناسب وغير كاف لإنجاز ما تبقى من مهام عمل بعثة تقصي الحقائق- عربي21

في مقابلة خاصة مع "عربي21"، قال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة، إن "حدوث أي تصعيد عسكري جديد في العاصمة طرابلس ستكون مخاطره وخيمة للغاية، وسيؤدي إلى وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة في البلاد، وسيدفع الأبرياء والمدنيون ثمنها بشكل أساسي".

ورأى أن "المواقف الإقليمية والدولية تجاه اشتباكات طرابلس كانت في مجملها جيدة، وتفاعلت بشكل مناسب مع تلك الأحداث المؤسفة، وعبّرت عن رفض إثارة أعمال العنف والنزاعات المسلحة، من أجل الوصول للتسوية السياسية".

ودعا حمزة مجلسي النواب والدولة إلى "الإسراع في إقرار القاعدة الدستورية والقانونية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت لتجديد الشرعية، وإنهاء حالة الانسداد السياسي الذي أدى إلى وقوع هذا الصدام المسلح".

وشهدت العاصمة الليبية طرابلس، السبت، معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات محسوبة على حكومة البرلمان المنافسة فتحي باشاغا من جهة، والقوات المحسوبة على حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة.

وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


ما تقييمكم لحجم الأضرار البشرية والمادية التي وقعت جراء الاشتباكات؟
أضرار جد جسيمة وكبيرة طالت ممتلكات المدنيين على مستوى المنازل ووسائل النقل، وكذلك إلحاق الأذى والضرر المعنوي والنفسي بالمدنيين، ناهيك عن الأضرار البشرية الناجمة عن الاشتباكات المسلحة وأعمال العنف، والتي بلغت 32 ضحية من بينهم 15 من المدنيين، و159 مصابا من بينهم 90 مدنيا، وسجلنا أيضا عدد 5 مفقودين جميعهم مدنيون.

وعلى مستوى المخاطر الأمنية المتصلة بالنزاع المسلحة واسع النطاق، تكون هناك إعاقات لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان بطبيعة الحال .

كيف تأثر اللاجئون والمهاجرون في مراكز الإيواء (مرافق الاحتجاز المؤقت) بليبيا بهذه الاشتباكات؟

لم تكن عليهم أي خطورة، لأن أغلب مراكز الإيواء الخاصة بالمهاجرين موجودة خارج وسط المدينة وضواحيها.

ما تقييمكم للمواقف الإقليمية والدولية تجاه اشتباكات طرابلس؟

مواقف في أغلبها نسبيا جيدة، إذ تفاعلت بشكل مناسب مع تلك الأحداث المؤسفة، وهي مواقف تعبّر في مجملها عن توافق إقليمي ودولي رافض لإثارة أعمال العنف والنزاعات المسلحة، وداع لتسوية سياسية، وإنهاء حالة الانسداد السياسي القائم عبر الحوار، بالرغم من أن عددا من الدول التي نددت بأعمال العنف التي شهدتها مدينة طرابلس منخرطة على نطاق محدود في دعم أطراف النزاع والأزمة. ونتمنى حدوث توافق إقليمي ودولي يسهم فعلا في ضمان تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، بما ينعكس إيجابا على تحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد.

ما مخاطر حدوث تصعيد عسكري جديد في طرابلس؟ وماذا لو اندلعت حرب شاملة؟

مخاطره ستكون وخيمة جدا، وتداعياته ستصبح كارثية على حالة حقوق الإنسان وضمانات حماية المدنيين، وسيؤدي إلى وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة، وأعتقد أن ما مرت به مدينة طرابلس خلال هذا العام من أحداث عنف متتالية خير مثال على حجم الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بالمدنيين الناجمة عن أي أحداث العنف والتصعيد العسكري بمدينة طرابلس.

وفي حال ما اندلعت حرب شاملة ستكون انعكاساتها وآثارها كارثية للغاية، وسيدفع الأبرياء والمدنيون ثمنها بشكل أساسي .

 

اقرأ أيضا: بعد محاولاته دخول طرابلس.. تعرف على القوات الموالية لباشاغا

برأيكم، كيف يمكن تجنب حدوث حرب أو تصعيد عسكري في البلاد؟

من خلال اللجوء إلى خيار الحوار السياسي، وعدم تخيير خيار الحرب والتصعيد العسكري على خيارات الحوار والحلول السلمية والسياسية، والتي من بينها الإسراع في إقرار القاعدة الدستورية والقانونية من قِبل مجلسي النواب والدولة للإسراع بإجراء الانتخابات في أقرب وقت لتجديد الشرعية، وإنهاء حالة الانسداد السياسي الذي أدى إلى وقوع هذا الصدام المسلح.

كيف ترى القانون المعدل الذي أصدره مجلس النواب الليبي بخصوص إعادة تنظيم المحكمة العليا؟

هذا قانون معيب، ويخرج عن إطار اختصاصات السلطة التشريعية، ناهيك عن أن آليات إصدار هذا القانون مخالفة للسياق الإجرائي السليم لإصدار التشريعات والقوانين وفقا للنظم البرلمانية، حيث لم يصدر هذا القانون بعد عرضه في جلسة منعقدة بالنصاب القانوني داخل مجلس النواب، ولم تتم مناقشته من قِبل مجلس النواب الليبي، وإنما استفرد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بإصداره، مثلما انفرد سابقا بإصدار العديد من القوانين والتشريعات باسم السلطة التشريعية بالمخالفة للوائح عمل مجلس النواب الليبي، وهو ما يعرض المحكمة العليا للبطلان، لأن أساس إصدارها غير سليم، بينما لا يمكن إغلاق المحكمة العليا، ولا يوجد مَن يستطيع الإقدام على مثل هكذا عمل.

وإلى أي مدى تتفق مع موقف رئيس المحكمة العليا، محمد الحافي، الذي وصف تلك الخطوة بأنها تدخل في عمل السلطة القضائية وتتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء؟

موقف رئيس المحكمة العليا يتسق ويتوافق مع الأسس والقواعد الدستورية التي تُشكّل أسس ومبادئ دستورية للنظام القائم، وعلى رأسها الإعلان الدستوري المؤقت؛ فخطوة التعديل التي اتخذها رئيس مجلس النواب الليبي تُمثل تدخلا في اختصاصات السلطة القضائية، ومساسا بهيبتها واستقلاليتها، وتتنافى بالفعل مع مبدأ الفصل فيما بين السلطات، وأعتقد أن مؤسسة القضاء الليبي أقوى من مثل هذه التدخلات والتجاوزات من قِبل السلطة التشريعية.

وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) نشرت، منذ أيار/ مايو 2021، طائرة مسيّرة خارج مالطا، وتظهر أنماط رحلاتها الدور الحاسم الذي تلعبه في اكتشاف القوارب القريبة من السواحل الليبية.. فكيف ترى الدور الذي تلعبه هذه الطائرة المسيّرة؟
هذه الممارسات التي تنتهجها دول الاتحاد الأوروبي ضد المهاجرين وطالبي اللجوء القاصدين أوروبا عبر ليبيا تتنافي وتتعارض مع مبادئ القانون الدولي الإنساني ومع التزامات الدول الأوروبية، فضلا عن تعارض هذه السياسات المناهضة للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء مع اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين المعروفة باتفاقية 51 بشأن قبول اللاجئين وطالبي اللجوء والمنضمة إليها أغلب الدول الأوروبية، وفي المجمل الدول الأوروبية تسعي للتنصل من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، واستخدام مثل هذه التقنية ينتهك حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، ويعد ذلك تهديدا جديدا لهم، خاصة في ظل غياب الشفافية المتعلقة بتلك التقنية التي تُسهّل عمليات الاعتراض والإعادة إلى ليبيا.

مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرّر خلال شهر تموز/ يوليو الماضي تجديد بعثة تقصي الحقائق في ليبيا.. فما تقييمكم لعمل البعثة الاستقصائي؟

أداء وعمل البعثة ممتاز، ودورها مهم للغاية في دعم السلطات الليبية في تحقيق سيادة القانون والعدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان حقوق الضحايا والمتضررين، ولهذا كنّا في صدارة الداعمين والمساندين لتمديد مهمة عمل البعثة، والتقرير الذي قدّمته البعثة أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يمثل نجاحا لها برغم من عوائق التنقل والسفر بسبب جائحة كورونا وعراقيل أخرى تتعلق بمنح فريق عمل البعثة لتأشيرات السفر إلى ليبيا، وعدم تعاون بعض الأطراف والكيانات المحلية في ليبيا مع مهمة عمل البعثة.

هل الإطار الزمني الممنوح لبعثة تقصي الحقائق (9 أشهر) كاف أم لا؟

الإطار الزمني غير مناسب، وغير كاف لإنجاز ما تبقى من مهام عمل البعثة، ونحن طالبنا في أكثر من مناسبة بتعيين مقرر دولي خاص بحقوق الإنسان في ليبيا من قِبل مجلس حقوق الإنسان، لكي يسهم في رفع مستوى الأداء والتعاطي للآليات الدولية والأممية حيال قضايا حقوق الإنسان، ودعم قدرات السلطات الليبية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في ميدان حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والقانون الدولي الإنساني، والعدالة الانتقالية، لتطوير أدائها بما يُسهم في خدمة أصحاب المصلحة، وهم الضحايا والمتضررون، وإنهاء الإفلات من العقاب، وتعزيز سيادة القانون والعدالة في البلاد.