نشرت
مجلة "
فورين أفيرز" مقالا للأكاديمي جون ميرشيمر، أستاذ العلوم السياسية
البارز بجامعة شيكاغو قال فيه إن صناع السياسة في الغرب توصلوا على ما يبدو لإجماع
حول
الحرب: النزاع سيتحول إلى جمود طويل تجبر فيه
روسيا الضعيفة على قبول اتفاق يصب
في صالح الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو وكذا أوكرانيا.
ورغم
اعتراف المسؤولين بإمكانية التصعيد من الجانب الأمريكي والروسي للحصول على مكاسب أو
منع الهزيمة، إلا أنهم يفترضون إمكانية تجنب تصعيد كارثي. وهناك قلة تتخيل مشاركة أمريكية
مباشرة في القتال بأوكرانيا أو لجوء روسيا للسلاح النووي. لكن واشنطن وحلفاءها أبدوا
تعجرفا كبيرا للغاية.
ومع
أنه يمكن تجنب تصعيد كارثي، إلا أن قدرة الأطراف المتصارعة على إدارة ذلك الخطر ليست
مؤكدة. فمخاطره الجوهرية أكثر مما تقتضيه الحكمة التقليدية. ونظرا لتداعيات التصعيد
التي تقود إلى حرب كبرى في أوروبا أو إبادة نووية، فهناك سبب لمزيد من القلق.
ومن
أجل فهم ديناميات التصعيد في أوكرانيا، فما علينا إلا أن نبدأ من أهداف الطرفين. فمنذ
بداية الحرب وضعت موسكو وواشنطن أهدافا طموحة، وكلاهما ملتزمتان وبقوة من أجل النصر
في الحرب وتحقيق أهدافها السياسية.
ونتيجة
لهذا، بات لدى كل طرف حوافز قوية جدا للبحث عن طرق للتفوق أو تجنب الهزيمة. ومن الناحية
العملية، فهذا يعني انضمام الولايات المتحدة للحرب إن كانت تريد حتما النصر أو منع
هزيمة أوكرانيا. أما روسيا فقد تستخدم السلاح النووي لو كانت يائسة جدا وتريد النصر
أو تواجه هزيمة محتومة، والتي ستكون محتملة لو دخلت القوات الأمريكية إلى المعركة.
والأكثر
من هذا، وفي ظل تصميم كل طرف على تحقيق أهدافه، فهناك فرصة قليلة وذات معنى للتنازلات.
فتفكير الحد الأقصى السائد حاليا في واشنطن وموسكو يعطي كل طرف السبب للانتصار في ساحة
المعركة حتى يكون قادرا على إملاء شروط السلام.
ومن
ناحية فعلية، وبغياب حل دبلوماسي فهناك محفز لكل طرف كي يصعد على سلم التصعيد. وكلما
زاد الصعود، أدى لنتيجة كارثية حقيقية، مستوى من الموت والدمار يتفوق على الحرب
العالمية الثانية.
في البداية
دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها أوكرانيا لمنع انتصار روسي والمساعدة للتفاوض على نهاية
محبذة للقتال. وعندما بدأت القوات الأوكرانية بضرب القوات الروسية حول كييف، حرفت واشنطن
هدفها وكرست نفسها لمساعدة أوكرانيا على النصر في الحرب ضد روسيا. ورغبت أيضا بتدمير
الاقتصاد الروسي وفرض عقوبات قاسية ضد موسكو. وكما شرح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن
في نيسان/إبريل: "نريد رؤية روسيا ضعيفة لمستوى لا يمكنها القيام بهذا النوع من
الأشياء التي فعلتها في أوكرانيا"، ومن ناحية فعلية فقد عبرت أمريكا عن نيتها
لإزالة روسيا عن قائمة القوى العظمى. ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الحرب الروسية
في أوكرانيا بـ "الإبادة" واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه
"مجرم حرب" يجب أن يقف أمام محكمة جرائم الحرب.
وتصريحات
كهذه تجعل من الصعوبة على أمريكا التراجع حالة انتصرت روسيا لأن سمعة أمريكا وموقفها
في العالم سيتعرضان لضربة كبيرة. وبنفس المقام، توسعت الطموحات الروسية أيضا، فخلافا
للحكمة التقليدية في الغرب، فلم تغز روسيا أوكرانيا لضمها وجعلها جزءا من روسيا العظمى.
وكان مصدر القلق الأكبر لها هو منع تحول أوكرانيا إلى داعم للغرب على الحدود الروسية.
وكان
بوتين ومستشاروه قلقين من إمكانية انضمام أوكرانيا لحلف الناتو. وعبر وزير الخارجية
الروسي، سيرغي لافروف عن هذه النقطة بشكل دقيق في مؤتمر صحفي عقد منتصف كانون الثاني/يناير
حيث قال: "مفتاح كل شيء هو ضمان من الناتو بعدم التوسع شرقا".
وبالنسبة
لروسيا، فمنظور انضمام أوكرانيا للناتو، كما حدده بوتين قبل الغزو هو بمثابة
"تهديد مباشر للأمن الروسي" وهو أمر لا يمكن منعه إلا من خلال الذهاب إلى
الحرب وتحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة أو محايدة. ولتحقيق هذا الهدف، فقد توسعت طموحات
روسيا المناطقية بشكل واسع منذ بداية الحرب. فقد ظلت روسيا وحتى عشية الحرب ملتزمة
بمخرجات اتفاقية مينسك2، والتي نصت على بقاء دونباس في الأراضي الأوكرانية. وخلال الحرب
سيطرت روسيا على أجزاء كبيرة في الشرق والجنوب الأوكراني، بشكل يجعل ما تبقى من أوكرانيا
بقايا دولة عاجزة.
وبات
التهديد على روسيا اليوم أكبر مما كان في بداية الحرب، وهذا يعود في جزء منه لتصميم
إدارة بايدن على استعادة الأراضي التي خسرتها أوكرانيا وإضعاف القوة الروسية. ولجعل
الأمور أكثر تعقيدا على روسيا، فقد قررت السويد وفنلندا التخلي عن الحياد والانضمام
لحلف الناتو. ولا تستطيع روسيا خسارة أوكرانيا وستستخدم كل الطرق المتوفرة لتجنب الهزيمة.
ويبدو
بوتين واثقا من انتصار بلاده النهائي في أوكرانيا وداعميها الغربيين، وقال بداية تموز/يوليو:
"نسمع اليوم أنهم يريدون هزيمتنا في ساحة المعركة" "ماذا تقول؟ دعهم
يحاولون، وستتحقق أهداف العملية العسكرية الخاصة ولا شك في هذا".
من جهة
أخرى فقد أصبحت أهداف أوكرانيا مطابقة لأهداف إدارة بايدن. والأوكرانيون مصممون على
استعادة المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية بما فيها شبه جزيرة القرم، وتحول
روسيا لبلد ضعيف يعني أنه سيكون أقل تهديدا. وهم واثقون بتحقيق أهدافهم، كما أكد وزير
الدفاع الأوكراني اوليسكي ريجنكوف منتصف تموز/ يوليو: "بالتأكيد يمكن هزيمة روسيا
وأظهرت أوكرانيا الكيفية". ويوافق نظيره الأمريكي أوستن الذي قال: "بات دعمنا
يحدث فرقا على الأرض" و"تعتقد روسيا أنها ستتفوق على أوكرانيا وعلينا، لكن
هذا آخر واحد من إساءات تقدير كثيرة لروسيا".
وبالمحصلة
تلتزم واشنطن وكييف وموسكو بتحقيق النصر، مما يترك مجالا قليلا للتسوية. فلن تقبل لا
أوكرانيا أو الولايات المتحدة أوكرانيا محايدة، وفي الحقيقة باتت أوكرانيا مرتبطة بالغرب
مع مرور كل يوم. وفي المقابل لن تتخلى روسيا عن المناطق التي سيطرت عليها في أوكرانيا،
وبخاصة أن العداوات التي غذت النزاع في دونباس بين الجماعات الانفصالية التي دعمتها
روسيا والحكومة الأوكرانية وعلى مدى 8 أعوام، ضخمة.
ويرى
المراقبون أن المصالح المتضاربة هذه لا تترك مجالا لتسوية عبر التفاوض بل وتفتح الباب
أمام جمود في الأفق ودموي. وهم محقون في هذا إلا أنهم يقللون من احتمال التصعيد الكارثي
القائم على حرب مستعصية في أوكرانيا.
وهناك
ثلاث طرق للتصعيد متأصلة في إدارة الحرب: تصعيد طرف أو الطرفين الحرب للفوز، يصعد طرف
أو الطرفان الحرب بطريقة مقصودة لتجنب الهزيمة. وأخيرا يتم تصعيد الحرب ليس بطريقة
مقصودة ولكن بغير قصد. وكل طريق سيقود إلى دخول الولايات المتحدة الحرب مباشرة أو استخدام
روسيا السلاح النووي أو كلا الاحتمالين.
وعندما
توصلت إدارة بايدن لنتيجة تعني إمكانية هزيمة روسيا في أوكرانيا، بدأت بإرسال المعدات
العسكرية الضخمة، وبدأ الغرب بزيادة قدرات أوكرانيا القتالية وإمدادها بالمعدات المتقدمة
مثل صواريخ هيمارس إلى جانب الصواريخ الدفاعية مثل جافلين المضاد للدبابات. ومع مرور
الوقت أصبحت المساعدات العسكرية أكثر فتكا ونوعية، مقارنة مع آذار/ مارس عندما عارضت
واشنطن إرسال بولندا طائرات ميغ- 29 لأوكرانيا، خوفا من تصعيد الحرب. لكنها لم تعترض
في تموز/ يوليو عندما أعلنت سلوفاكيا عن تفكير بإرسال نفس الطائرات إلى كييف. وتفكر
الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بمقاتلات واف-15 وأف-16. وزاد الغرب والولايات المتحدة
من تدريب القوات الأوكرانية وتطوير قدراتها وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية لتدمير
القوات الروسية.
ونشرت
صحيفة "نيويورك تايمز" أن الغرب "لديه شبكة قوية من الكوماندو والجواسيس"
على الأرض في أوكرانيا. وربما لم تكن واشنطن مشاركة في الحرب مباشرة لكنها متورطة فيها
وبعمق. وهي على بعد خطوة من جنودها لكي يضغطوا على الزناد وطياريها ليدوسوا على الأزرار.
ويمكن
للجيش الأمريكي المشاركة في الحرب عبر عدة طرق، وما عليك إلا التفكير لو استمرت الحرب
في أوكرانيا بدون منتصر أو حل دبلوماسي لعام أو أكثر. ولأن أمريكا حريصة جدا على إنهاء
الحرب، إما لأنها تريد التركيز على احتواء الصين أو لأنها تريد تجنب الكلفة المالية
والاقتصادية التي تسبب بها دعمها لأوكرانيا والمشاكل النابعة من الحرب في أوروبا. وفي
هذه الظروف قد تتخذ واشنطن الخطوات المتطرفة مثل فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا أو
وضع وحدات عسكرية لمساعدة الجيش الأوكراني على هزيمة روسيا.
وسيكون
التدخل الأمريكي محتملا في سيناريو بدأ فيه الجيش الأوكراني بالانهيار وروسيا تنتصر.
وضمن هذا قد تقرر واشنطن التدخل لمنع نتيجة كهذه. ويمكن لنا أن نتخيل كيف سيبرر فيها
المسؤولون الأمريكيون تدخلا عسكريا محدودا للحفاظ على مصداقية بلدهم وبدون استفزاز
بوتين لاستخدام السلاح النووي.
وبشكل
آخر، قد يلجأ الأوكرانيون اليائسون لشن هجوم كبير ضد المدن والبلدات الروسية لاستفزاز
رد قوي من روسيا، بشكل يقنع واشنطن للتدخل لصالح أوكرانيا. أما السيناريو الأخير بشأن
التدخل الأمريكي، فلربما كان غير مقصود ودون رغبة من واشنطن. فقد تجر أمريكا إلى الحرب
من خلال حادث غير متوقع ويخرج عن السيطرة. مثل تصادم طائرة أمريكية وروسية فوق البحر
الأسود. وحادث كهذا يمكن أن يصعد الحرب، في ظل قلة التواصل والشيطنة المتبادلة بين
الطرفين.
وفي
سيناريو آخر قد تغلق ليتوانيا الطريق أمام البضائع الروسية للوصول إلى كاليننغراد،
الجيب الروسي المنفصل عن بقية البلاد. وحاولت ليتوانيا هذا في منتصف حزيران/يونيو لكنها
تراجعت منتصف تموز/يوليو عندما أوضحت موسكو أنها ستقوم باتخاذ إجراءات قاسية، لكن ليتوانيا
قاومت رفع الحصار بشكل كامل، ولأنها عضو في الناتو فإن أمريكا ستدافع عنها لو تعرضت
لهجوم روسي.
وربما
زادت الحرب تصعيدا أو دمرت روسيا بناية وقتلت أعدادا من الأمريكيين. وستواجه إدارة
بايدن ضغوطا في الداخل للانتقام مما سيقود لحملات انتقامية بين الطرفين.
والسيناريو
الأخير، هناك إمكانية لأن يضر القتال في جنوب أوكرانيا بمفاعل زاباروجيا الأكبر في
أوروبا بشكل يؤدي إلى تسرب الإشعاعات النووية إلى المناطق المحيطة به، ويؤدي لرد روسي
بنفس الطريقة. وقال الرئيس السابق ديمتري مدفيدف في آب/ أغسطس: "لا تنسوا أن هناك
مفاعلات نووية في الاتحاد الأوروبي، والحوادث ممكنة هناك"، ولو ضربت روسيا مفاعلا
نوويا هناك فستدخل أمريكا الحرب بالتأكيد.
وعلينا
عدم تناسي أن روسيا قد تثير التصعيد، فهي التي تريد وقف شحنات الأسلحة من الدول المجاورة،
قد توجه ضربات لها، مثل بولندا ورومانيا، عضوا الناتو. وهناك فرصة لشن روسيا هجوما
إلكترونيا على دولة أوروبية داعمة لأوكرانيا بشكل يدمر البنى التحتية فيها. وسترد الولايات
المتحدة بهجوم مماثل، ولو نجح، فربما ردت روسيا عسكريا.
وفي
حالة فشل أمريكا فربما استنتجت أمريكا أن الطريق الوحيد لوقف روسيا هو التدخل المباشر.
وربما كانت هذه السيناريوهات بعيدة أو خيالية لكنها محتملة. فالطريق للتصعيد متعدد
ويمكن أن تتحول فيه حروب محلية إلى حروب كبيرة وخطيرة.
ورغم
الضرر الذي تسببت فيه روسيا على أوكرانيا إلا أن موسكو مترددة في التصعيد للفوز بالحرب،
فمن ناحية لم يزد بوتين من حجم قواته في العملية، كما لم يستهدف البنى التحتية ومحطات
الكهرباء السهل استهدافها. وبالتأكيد فقد انتقده الروس لعدم شنه الحرب بطريقة قوية.
واعترف بهذا النقد لكنه أوضح أن الحرب ستصعد لو اقتضى الأمر. وقال في تموز/ يوليو:
"لم نبدأ الحرب بشكل جدي"، مقترحا أن روسيا قد تفعل وستفعل المزيد لو تدهور
الوضع العسكري. لكن ما هو أقصى شكل للتصعيد؟
هناك
ثلاثة سيناريوهات قد يلجأ فيها بوتين للسلاح النووي. أولا، لو دخلت أمريكا والناتو الحرب.
ولن يكون هذا فقط حرفا لميزان الحرب ولكنه سيزيد من احتمالات هزيمة روسيا. ويعني أن
روسيا تخوض حربا ضد قوى عظمى قد تنتشر إلى أراضيها. وسيفكر قادة روسيا بنجاة نظامهم
بشكل يحفزهم على استخدام السلاح النووي. وفي الحد الأدنى قد تقوم موسكو بضربات لإظهار
جديتها وإقناع الغرب على التراجع. وسواء أدت هذه الخطوة للتصعيد أم نهاية الحرب، أمر
لا أحد يعرفه. وأعلن بوتين عن استعداده عشية الغزو في 24 شباط/فبراير لاستخدام السلاح
النووي لو تدخل الناتو وأمريكا.
أما
السيناريو الثاني، نجاح الأوكرانيين بحرف مسار الحرب بأنفسهم دونما مساعدة أمريكية.
فلو أصبح الوضع وكأن أوكرانيا ستستعيد المناطق التي خسرتها، فستتعامل موسكو مع هذا
كتهديد وجودي وتفكر برد نووي. فبعد كل هذا شعر بوتين ومستشاروه بالقلق من استمرار تقارب
أوكرانيا مع الغرب لدرجة أنهم قرروا وقف هذا، رغم التحذيرات من الولايات المتحدة وحلفائها
بشأن التداعيات الخطيرة التي ستواجه روسيا.
وعلى
خلاف السيناريو الأول، فستستخدم روسيا السلاح في سياق حرب مع أوكرانيا وليس مع أمريكا.
ولأن كييف لا تملك السلاح النووي ولأن أمريكا ليس لديها نية لبدء حرب نووية، فسيكون
لدى بوتين الحافز للتفكير بالخيار النووي.
أما
السيناريو الثالث، فهو تحول الحرب إلى نزاع مستعص ودائم بدون حل دبلوماسي، فلربما لجأ
بوتين للخيار النووي، من أجل إنهاء الحرب وتخفيف الكلفة، ومثل السيناريو الثاني، فلن
يكون لدى أمريكا الحافز للانتقام نوويا. وربما استخدمت روسيا أسلحة نووية تكتيكية ضد
أهداف عسكرية وضربت مدنا وبلدات في المراحل الأخيرة. وسيكون الهدف من الهجمات هو تحقيق
مكاسب عسكرية، والأهم من كل هذا هو زرع الخوف في قلب الغرب والولايات المتحدة ومنعها
من الدخول في الحرب ووقفها بناء على الشروط الروسية.
وربما
اعترفنا ومن الناحية النظرية أن واحدا من هذه السيناريوهات الكارثية قابل للتحقق، إلا
أن فرصها تظل قليلة ولا تدعو للقلق. فهناك اعتراف من القادة لمنع دخول أمريكا الحرب
علاوة على بدء حرب نووية. ولو كنا متفائلين، فمخاطر التصعيد الكارثي للحرب في أوكرانيا
تظل قليلة. فالحروب تسير حسب منطقها بدرجة يصعب التكهن بمسارها ونتيجتها، وأي شخص يعرف
وبثقة نتيجة الحرب فهو مخطئ.
والتصعيد
في أثناء الحرب من الصعب التكهن به أو السيطرة عليه. وهذا تحذير لمن يعتقدون أن الأحداث
في أوكرانيا يمكن السيطرة عليها. وكما قال المنظر العسكري البروسي كارل فون كلاوفيتز
من أن القومية تشجع على تصعيد الحروب لأعلى مستوياتها، وبخاصة لو كانت الرهانات عالية
للطرفين. وهذا لا يعني أن الحروب لا يمكن أن تكون محدودة، إلا أن فعل هذا ليس سهلا.
وأخيرا
فإن الثمن المذهل للحرب النووية يجعل أي شخص يمعن التفكير في المسار الذي تمضي فيه
هذه الحرب. ووضع خطير كهذا يجب أن يكون محفزا للبحث عن حل دبلوماسي. وللأسف، فلا تسوية
سياسية في الأفق، لأن الطرفين ملتزمان بهزيمة بعضهما البعض وليسا في مزاج التنازل.
وكان يجب على إدارة بايدن العمل مع روسيا لحل الأزمة في أوكرانيا قبل اندلاع الحرب.
وقد تأخر الوقت للتوصل إلى صفقة، فقد علقت أوكرانيا وروسيا والغرب في وضع رهيب بدون
مخرج. والأمل هو أن يدير القادة على الجانبين الحرب بطريقة لا تقود إلى تصعيد كارثي،
لأن حياة عشرات الملايين من البشر هي على المحك.