مقالات مختارة

زيارة بايدن: إعادة هندسة وضبط المنطقة

1300x600

تشهد المنطقة حراكاً سياسياً مكثفا؛ لقاءات ثنائية وثلاثية قبيل زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة التي حسمت في منتصف الشهر المقبل والتي ستشمل إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية ومن ثم السعودية حيث ستعقد قمتان الأولى مع القيادة السعودية، والثانية قمة إقليمية موسعة يحضرها قادة الأردن ومصر والعراق ومجلس التعاون الخليجي.

القمة المنتظرة؛ تأتي على وقع تطورات عديدة عالميا وإقليميا وعربيا ستكون حاضرة على طاولة المباحثات والمؤكد أن تأخر انعقادها كان مرتبطا بإنضاج ظروف نجاحها بما يضمن الخروج بتفاهمات إستراتيجية كبرى بدءا من مستقبل العلاقة مع إسرائيل والتطبيع ومرورا بزيادة إنتاج النفط وحسم الموقف من الملف النووي الإيراني وإنهاء الأزمة اليمنية والملف السوري.

لكن ربما الأهم في القمة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية؛ هو إعادة ضبط وهندسة العلاقات السعودية الأميركية التي مرت بفتور واضح منذ وصول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض وموقفه المعروف والمعلن منذ حملته الانتخابية ووعوده التي أطلقها حينذاك من العلاقة مع السعودية خاصة في ملف الأزمة اليمنية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن من الواضح أن رياح الأزمة الروسية الأوكرانية جرت هذه المرة بما لا يشتهي الرئيس بايدن الذي يذهب للسعودية محملا بتضخم غير مسبوق وبتراجع واضح في شعبيته وبرهان كبير على تحقيق نتائج يوظفها داخليا.

القمة ستجري والاقتصاد الأميركي يمر بتضخم قياسي استدعى من البنك الفدرالي رفع سعر الفائدة عدة مرات وهي مرشحة للرفع أيضا حتى نهاية العام الحالي والمؤكد أن حث السعودية ودول الخليج على زيادة إنتاج النفط لضبط الأسعار وسيأخذ حيزاً كبيراً من أعمال القمة السعودية الأميركية.

السعودية والإمارات اختارتا التريث في الاستجابة للطلبات الأميركية في بدء الأزمة الروسية الأوكرانية في موضوع زيادة إنتاج النفط وحرصت على بقاء العلاقات مع موسكو بعيدة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت شهرها الخامس دون ملامح حسم واضحة.

لا يمكن عزل التردد الخليجي بالاستجابة للرغبات الأميركية عن الشعور بالخذلان من إدارة بايدن التي قدمت مقاربات نحو العودة للملف النووي الإيراني لم تأخذ مصالح دول الخليج العربي بالحسبان كما استشعرت الرياض وأبوظبي والمنامة.

الملف الثاني الذي سيسعى الرئيس بايدن لتحقيق نتائج فيه ملف التطبيع من خلال العمل على تشكيل شبكة تعاون إقليمي تضم إسرائيل قد تأخذ مسميات عديدة مثل شرق أوسط جديد أو ناتو إقليمي أو ناتو عربي في مواجهة التهديد الإيراني الذي يستهدف أمن المنطقة كما تفهمه إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية؛ من الواضح أن هذا الشكل قد يلقى قبولا خليجيا ولكن ماذا عن الأطراف العربية الأخرى؛ بالنسبة لمصر والأردن الحذر والتريث في الاندفاع نحو هذه الصيغة حاضره بالتأكيد بالرغم من شراكتهم الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية إلا أن تعريفهم لأي صيغة من صيغ التعاون لا تكتمل دون إنجاز تسوية عادلة للقضية الفلسطينية مع إقرارهم بخطورة التمدد الإيراني؛ أما العراق بصيغة الحكم الحالية فتبدو القصة أكثر تعقيداً خاصة عندما يتعلق الأمر بأي شكل من أشكال التعاون تكون إيران هي المستهدفة فيه، طبيعة البنية السياسية القائمة الآن في العراق لا تتيح ذلك بسهولة.

في الخلاصة؛ كل الدلائل تشير إلى أن قمة الرياض ستنجز واقعا سياسياً جديداً وخارطة إقليمية تضمن تحالفات جديدة بما في ذلك ليس فقط إعادة هندسة العلاقات الأميركية السعودية بل إعادة ضبط العلاقات الإقليمية وهندستها يعيد ترتيب الأولويات بشكل مختلف دون أن نسقط من الحسابات أن أي تفاهمات ستتأثر إيجابا أو سلباً بنتائج الحرب الروسية الأوكرانية.

 

(الغد الأردنية)