نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن المؤسسات المصرفية الجديدة، أو ما يعرف بـ"نيو بنك" التي تعرض فتح حساب عن بُعد في بضع دقائق دون حتى أن تتحقق بشكل صحيح من مراجع العملاء، أو احترام أدنى تقييم لمخاطر الجرائم المالية.
وأشارت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى تقرير أصدره المنظم المالي البريطاني والمتمثل في ما يعرف بـ"هيئة السلوك المالي" في 22 نيسان/أبريل بهدف تقييم المخاطر التي تشكلها "البنوك الجديدة" فيما يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبحسب الصحيفة؛ فقد خلصت هيئة السلوك المالي، في نهاية التحقيق الذي أجرته في عام 2021، إلى أن "نقاط ضعف هذه المؤسسات تخلق بيئة مواتية لارتكاب المزيد من الجرائم المالية"، لكن الهيئة لم تكشف عن أسماء المؤسسات التي طالها التفتيش.
وأكدت الصحيفة أن بعض البنوك الجديدة "لا تتحقق كما يجب من دخل عملائها ومهنهم"، كما أن البعض الآخر لم "يضع تقييمًا لمخاطر الجرائم المالية"، ولاحظ المنظم المالي البريطاني أيضًا "إدارة غير فعالة لتنبيهات مراقبة المعاملات"، فيما لا تشكل المملكة المتحدة استثناء في هذا الشأن.
وبينت الصحيفة أن النجاح السريع جدا الذي أحرزته هذه الشركات في جميع أنحاء أوروبا أدى إلى إثارة قلق السلطات المالية؛ فقد لوحظ انتشار ملفت للمعاملات الاحتيالية منذ منتصف عام 2010، ولا سيما في ما يخص التحويلات المصرفية، وتزامن ذلك مع ظهور هذه البنوك الجديدة.
"نظام معيب"
وفي عام 2019؛ عبرت "وحدة معالجة الاستخبارات والعمل ضد الدوائر المالية السرية" عن قلقها المتزايد من جنوح "عدد كبير من مؤسسات الدفع إلى إبرام علاقات مبسطة وسريعة مع العملاء"؛ حيث صار "من الممكن لأي شخص أن يفتح حسابات مصرفية بهوية مزيفة، من خلال تقديم مستندات مزورة" حسب ما نقلته رسالة إخبارية تقدم بها جهاز المخابرات الفرنسي المكلف بمكافحة غسيل الأموال.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الواقع؛ لا تسمح المعلومات المحدودة جدًّا المتعلقة بالمهنة أو الدخل أو الأصول الخاصة بالعملاء بالكشف عن المعاملات غير المتوافقة مع ملف تعريف العميل.
وفي فرنسا، كما نقلت الصحيفة؛ فرضت هيئة الرقابة العليا واتخاذ القرار - في عام 2021 - عقوبات على مؤسسة إي إن خي وبنك كارفور، بسبب حسابه الوقتي سي-زام بسبب اتباع "نظام خاطئ لمراقبة المعاملات غير النمطية"، و"عدم موثوقية أداة المراقبة"، أو "المعرفة غير الكاملة للعملاء" وعدم إبلاغ وحدة معالجة الاستخبارات والعمل ضد الدوائر المالية السرية، أما بالنسبة لبنك كارفور؛ فقد ثبت أن نظام تحليل التنبيهات "معيب إلى حد كبير، بسبب نقص الموارد البشرية الكافية"، عوقبت المؤسستان بتوبيخ وغرامات بلغت 3 ملايين و1.5 مليون يورو على التوالي.
سباق لكسب العملاء
وتوضح الصحيفة أنه بينما تكافح معظم البنوك الجديدة، العالقة في سباق من أجل كسب أكبر عدد من العملاء، لضمان سرعة الخدمة والتطبيق المناسب لقواعد مكافحة غسيل الأموال في الآن ذاته؛ برز أحد البنوك الأكثر شيوعا في الوقت الحالي وهو مصرف برلين الرقمي "آن 26"، الذي انتشر في فرنسا في عام 2017؛ حيث يضم هذا المصرف الآن 2.5 مليون عميل من إجمالي أكثر من 7 ملايين في أوروبا.
وتمكن هذا المصرف من تجميع 900 مليون دولار (855 مليون يورو) في خريف عام 2021 لترتفع قيمته بأكثر من 9 مليارات دولار، ما أدى إلى وضعه تحت رقابة المشرف المصرفي الألماني وهي الهيئة الاتحادية للرقابة المالية، التي فرضت على مصرف "آن 26" الرقمي غرامة تزيد عن 4 ملايين يورو لخروقات تتعلق بنظام مكافحة غسيل الأموال.
وتبين الصحيفة أنه بعد التورط في هذه القضية؛ وجد المصرف نفسه مجبرا على الحد من نموه إلى ما دون عتبة 50،000 عميل جديد شهريا. علاوة على ذلك؛ منع مصرف إيطاليا في 29 آذار/مارس الفرع المحلي لـ"آن 26" من قبول عملاء جدد، بعد أن كشفت الشيكات التي أجريت في نهاية عام 2021 عن مخاطر غسل الأموال.
"إغلاق الحسابات بشكل خاطئ"
وتكشف الصحيفة عن أنه في مواجهة هذه الإجراءات التي تكبل نشاط "آن 26" وتمس من صورته؛ صرح هذا المصرف الرقمي بأنه "يعمل باستمرار على تحسين إجراءاته الأمنية". ومع ذلك؛ فإن أنظمة مكافحة غسيل الأموال في البنوك الجديدة، والتي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا (الذكاء الاصطناعي)، تجعلها أمام خطر إخفاقات واسعة النطاق، عندما يتم استخدامها بشكل سيئ.
ففي 14 نيسان/ أبريل؛ أدت هذه المراقبة الآلية الهادفة إلى البحث عن الأنشطة غير العادية للعملاء، "إلى إغلاق بضع مئات من الحسابات"، كما يقول متحدث باسم المصرف الألماني - في تصريح على حساب لينكد إن - مشيرًا إلى بذل أقصى الجهود للعمل على حل هذا الأمر بأسرع ما يمكن.
وهذه المرة ليست الأولى من نوعها فقد سبق أن قام المصرف بإغلاق عدة مئات من الحسابات كجزء من مكافحته لغسيل الأموال، دون تقديم تفسير لعملائه.