قضايا وآراء

الإخوان المسلمون.. طريق العودة (4)

1300x600

تخيل عزيزي القارئ والمتابع لحال الدنيا وما يجري فيها لو أن للتيار الإسلامي اليوم وجودا ولو بسيطا في ظل الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية التي تجري، سواء من إنتاج مسلسلات بميزانيات ضخمة لتزييف التاريخ الذي ما زلنا شهودا عليه ولا يزال شباب الأمة يرونه رأي العين رغم مرور عشر سنوات على حدوثه.. تخيل لو أن جماعة الإخوان والتيار الاسلامي بعافيته، كم كتابا أو مؤلفا أو حتى مرجعا قد كتب عن هذه العشرية الأكثر أهمية في تاريخ مصر والأمة؟ 

الإجابة أنه ليس ثمة كتاب ولا مرجع ولا فيلم ولا مسلسل رغم أن للإخوان تاريخا مشهودا به في الكتابة والنشر والتوزيع.. فلماذا لما يكتب عن هذه الحقبة؟ ولماذا حبست شهادة الشهود وترك الملعب خاليا أمام طيور الظلام لكي تنوح كما تشاء؟

لم يتم ذلك لأنه وكما ذكرت في المقال السابق، الكل وقع في (فتنة التنظيم) وانشغل بالتنظيم عن الدعوة وبالكيان عن الأمة فأهمتهم أنفسهم وأصابهم بكل أسف ما أصابهم. 

وللتاريخ فقد حاول بعض نفر منذ الخروج في أواخر عام 2013 أن يسجلوا أو يدونوا المراجعات واصطدموا بحائط التنظيم الذي كان يدعي فيه القائم عليه أنه لم تأته التعليمات من الداخل.. واليوم وبعد مرور سنوات ليس هناك لا تعليمات ولا قيادة تعطي التعليمات وتاه ملف المراجعات وترك الأمر لغربان الليل لكي تروي روايتها المنفردة.. ولو شاء الإخوان أن يكتبوا في ما جرى (أسفارا) وليس كتبا لفعلوا ولكن بفعل (التنظيم) توقف كل شيء، وبالتالي فردة الفعل على ما يقال وينشر ويبث من مسلسلات، وهو كذب صراح، هي ردود فعل شخصية لأناس عايشوا الأحداث ولم يهتم أحد في التنظيم بتدوين ما جرى حتى يمكن للجميع الرجوع إليه والرد على وطاويط الليل.
 
إن أول ما يجب عمله في إدارة ملف العودة وهي مرجوة ومرغوبة ومستحقة هو إنهاء فتنة التنظيم والعودة وبكل تواضع إلى جموع الإخوان المسلمين وتعديل اللوائح لتناسب الواقع الجديد، فليس هناك تقديس للائحة ولا اعتبار لأي اجتهاد لا يناسب العصر ولا يتفاعل مع المستجدات.. والذين كتبوا هذه اللوائح لو عادوا إليها فسوف ينكرونها وقد يضحكون على ما كتبوه لأنهم سيدركون أن تغيرات جرت ومعطيات فرضت نفسها وواقع غير الذي كتبوا فيه لوائحهم التي يتمسك بها البعض وكأنها ألواح موسى عليه السلام.
 
يتضمن التعديل على طريق العودة عدة أمور أسردها هنا لعلها تجد من يصغي إليها وينتبه إلى أهمية المبادرة قبل فوات الأوان:

1 ـ إعادة صياغة أهداف الجماعة الاستراتيجية والمرحلية في ظل التحديات المستجدة وتقديم رؤى واضحة للإصلاح المجتمعي في بلاد ضربها الفقر والجوع والمرض والتخلف والاستبداد ويتم على أرضها نشر الإلحاد والفساد والانحلال دون وازع من ضمير ولا دين.

2 ـ إضافة بند انعقاد الجمعية العمومية العامة للإخوان مرة سنويا في اللوائح، وهي بالمناسبة غير انعقاد مجلس الشورى فالشورى جهاز إشراف ومتابعة للمكتب التنفيذي للإخوان.

3 ـ انتخاب المكاتب التنفيذية مباشرة من الجمعية العمومية وليس من بين أعضاء مجلس الشورى.

4 ـ الجمعية العمومية وحدها صاحبة الحق في محاسبة الشورى والمكاتب التنفيذية ومن حقها حجب الثقة كليا أو جزئيا عن بعض أعضاء الهيئتين التشريعية والتنفيذية.

5 ـ توسيع نطاق الشورى لتتضمن أصحاب الرأي والفكر من المنتسبين إلى التيار الإسلامي ومن مفكري ودعاة الأمة وعلمائها عموما بحيث يدعون إلى اجتماعات الشورى العام للإخوان سنويا لكي يدلوا بدلوهم في أمور التيار الإسلامي.

6 ـ فصل العمل السياسي الحزبي عن التنظيم فصلا تاما واحتفاظ التنظيم والجماعة بالمشاركة في الشأن السياسي العام للأمة لكنها تنأى بنفسها عن العمل الحزبي التنافسي وتكون داعمة لكل من يتصدر للشأن الدعوي ولقضايا الأمة.
 
وفي هذا الصدد يجب إلغاء أي نص يحظر على عضو التنظيم الانضمام لحزب غير حزب الجماعة لأن ساعتها سوف لن يكون هنالك حزب للجماعة، وسوف يترك الأمر لآحاد الإخوان لكي ينضموا إلى ما يرونه مناسبا لتوجهاتهم الفكرية والسياسية من أحزاب. (لا وصاية سياسية).
 
7 ـ ينص في اللوائح على أن الجماعة تسعى للإصلاح والتغيير والمساهمة في وصول من يستحق من أحزاب إلى مقعد السلطة عبر أي وسيلة دستورية وتترك الشعب يختار دون وصاية منها الحزب أو الكتلة السياسية التي يرغب في أن تحكمه وتقدم الدعم والنصح للجميع من في الحكم ومن خارجه وتصبح الجماعة أداة إصلاح مجتمعي وتربوي ودعوي وسياسي عام وليست كتلة تنافس حزبي، وبمعنى آخر تصنع الحكام ولا تحكم، تضغط من أجل التغيير وتساعد على حدوثه بوسائلها المتعددة ولكنها لا تحكم (تتحكم ولا تحكم).

 

إن أول ما يجب عمله في إدارة ملف العودة وهي مرجوة ومرغوبة ومستحقة هو إنهاء فتنة التنظيم والعودة وبكل تواضع إلى جموع الإخوان المسلمين وتعديل اللوائح لتناسب الواقع الجديد ،فليس هناك تقديس للائحة ولا اعتبار لأي اجتهاد لا يناسب العصر ولا يتفاعل مع المستجدات.

 


8 ـ الولاء للجماعة أو اختيار المرشد هو ولاء تنظيمي والمرشد له بيعة تنظيمية لا تغني عن بيعة المواطنين (انتخابهم) لرئيس البلاد أو بيعتهم لملك أو أمير البلاد، وبيعة الإخوان ليست بيعة الإسلام بل بيعة وعهد لخدمة الإسلام كما تعلمنا عبر عقود من الإخوان الذين عملوا للإسلام وكانوا من الاخوان ولا أحد يعلم بوجودهم داخل الإخوان .

9 ـ تقديم أو التعهد بتقديم رؤية شاملة لتطبيق الشريعة الإسلامية على نحو عملي وعلى غرار ما تقوم به اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في دولة الكويت وهو مشروع رائد وعمله مستمر باستمرار المتغيرات في واقعنا ، والأمر ليس مجرد شعار بل دراسات وورش عمل ومحاولات للتطبيق بما يحقق النفع العام للدولة والأمة والإنسانية فشريعة الله كلها خير وبركة لو أحسنا تقديمها وهذا مشروع لو أنجزه التنظيم لكفاه مدى الحياة .

10 ـ تعدبل اللائحة لتتضمن بنودا عن غير المنتسبين للتنظيم وتعهد الجماعة بتقديم الدعم لكل من يعمل في خدمة الإسلام بشكل عام وأن يشعر كل الدعاة بأنهم جزء من هذه الجماعة وليسوا ضيوفا عليها لأنه بل أصحاب دعوة وكما قال الأستاذ حسن البنا (كم منا وليس فينا، وكم فينا وليس منا)، ويمكن ذلك عبر تبني الجماعة مشاريع ومؤسسات يقوم عليها هؤلاء في العلوم والفنون والآدار والإعلام والاقتصاد والسياسة والى ما غير ذلك.
 
11 ـ الابتعاد عن مركزية التنظيم والتفكير في إنشاء مؤسسات يقوم عليها النبهاء والنجباء والمبتكرين والنوابغ وغيرهم ممن لا يحتملون التنظيم أو لا يحتملهم التنظيم وهم كثر ولديهم طاقة جاهزة للتشغيل بيد أن البعض ينظر إلأيهم نظرة المرتاب ولا قوة إلأا بالله العلي العظيم . 

12 ـ إذا رضي الإخوان بالعمل داخل أي دولة فهم بذلك يعملون وفق أطرها القانونية ويجب عليهم وعلى غيرهم من التنظيمات الالتزام التام بالقوانين المعمول بها طالما طبقت على الجميع.

13 ـ إذا انتخب رئيس أو أختير ملك أو أمير برضا الشعب أو بتوافق أهل الرأي والمشورة فلا خروج عليه بل النصيحة و البيان حتى إذا ما أجمعت الأمة على وجوب خلعه عبر استفتاء أو انتخاب أو بيان لعلماء الأمة ورموزها فإن الجماعة تكون جزء من هذا الاجماع لا تتقدم عليه ولا تتأخر عنه.

14 ـ في حال وقوع ثورة سياسية رافضة لنظام الحكم أو للحاكم وجب على الإخوان التحقق مما يجري وتبين حقيقة ما يجري ومن وراءه حتى لا يم استخدامهم لتحريك الرأي العام من أجل أهداف يقوم بها الجيش أوة الشرطة أو الاستخبارات أو جهات أجنبية ، ويتعين عليهم إقامة الحجة على الحاكم أمام الشعب وبيان ما أخطأ فيه وضرورة الرجوع وتعديل مسار الحكم وإحالة الفاسدين إلى القضاء أو التراجع عن القرارت التي تكون في غير مصلحة الشعب والأمة وإذا ما أصر الحاكم على موقفه تعلن الجماعة انحيازها للشعب ولقوى المجتمع الحية بعد أن تبصر موضع قدميها وتتحقق مما يجري وترى الأمر رؤيتها للشمس في كبد السماء أو في رابعة النهار كما يقولون.
 
15 ـ لا ترتبط الجماعة مطلقا ولا تدخل أبدا في أي حوارات سياسية بصورة من الصور مع مكونات الدولة الصلبة وأعني بها الجيش والشرطة والمخابرات بشقيها وتترك الأمر للأحزاب السياسية لفعل ذلك، فهذه المؤسسات ليست مؤسسات حكم ولا يجب أن تكون وهي ملك للشعب وليست ملكا لمن يقوم عليها. 

هذا بعض ما استطعت تدوينه بعد مراجعة مرة واثنين وعشر مرات وكنت مترددا في الكتابة في ذلك ولكن ومرة أخرى فأمر الإخوان ليس أمر التنظيم وحده بل أمر يهم الأمة بأسرها.

ما كتبته في المقالات الأربع ليس هو كل شيء ولكنه كاف لهذا الوقت حتى إذا تبدى لي شيء أو أشياء فسأعاود للكتابة في نفس الملف.
 
قد يكون ما كتبته قابلا كله أو بعضه للتطبيق فورا أو على المدى القصير لحاجة الجماعة إلى ذلك وحاجة الأمة إلى الجماعة وكل تأخير أو تردد في الإصلاح يضر بمصلحة الاثنين للأسف الشديد.
 
اجتهدت بما لدي من أفكار وكتبتها هنا، وقد يقول قائل إن هناك محاولات داخل الإخوان للتغيير وإن جزءا مما طرحته قد يكون موجودا، فإن كان فزيادة الخير خيران وإن لم يكن فقد بذلت جهدي ونصحي لله فإن صح ما كتبته وصلح للتغيير من أجل العودة فبها ونعمت وإن لم يصح أو لم يصلح فأطلب العفو من الله وأن يتقبل مني اجتهادي.
 
وختاما ولو مؤقتا فإن العمل لدين الله أبوابه مفتوحة ومجالاته واسعة ومن أراد فليجتهد في ذلك وليسعَ حتى ولو قعدت أو تقاعست الأمة بأسرها ففيه الخير والبركة.

 

إقرأ أيضا: الإخوان المسلمون.. طريق العودة (1)

إقرأ أيضا: الإخوان المسلمون.. طريق العودة (2)

إقرأ أيضا: الإخوان المسلمون.. طريق العودة (3)