سياسة تركية

لماذا يصر أردوغان على عقد لقاء قمة يجمع بوتين وزيلينسكي؟

أردوغان مصمم على عقد لقاء بين زيلنيسكي وبوتين- جيتي

يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عقد لقاء قمة يجمع فيه الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تركيا.

ورغم المقاربات التي حدثت بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول مؤخرا، لكنْ هناك مسألتان مازالتا عالقتين، وهما قضية شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس.

وأمس الخميس، أجرى الرئيس أردوغان اتصالا هاتفيا بنظيره الأوكراني زيلينسكي، جدد فيه مقترحه بشأن عقد لقاء يجمع بينه وبين بوتين.

 

وفي مفاوضات إسطنبول التي عقد بين الوفدين الروسي والأوكراني، أبدت كييف استعدادها عن التخلي عن طموح الانضمام إلى "الناتو"، وتبني وضع "عدم الدخول في تحالفات" مقابل ضمانات دولية لحمايتها من التعرض لهجوم، إلى جانب تخليها عن الأسلحة النووية، لكنها طالبت بمفاوضات مدتها 15 عاما مع روسيا بشأن شبه جزيرة القرم.

 

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الخميس؛ إنه من المحتمل أن يلتقي نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والأوكراني دميترو كوليبا خلال أسبوعين لإجراء محادثات في تركيا.

 

الكاتب التركي برهان الدين دوران في تقرير على صحيفة "صباح"، قال إنه ليس من الصواب توقع نتائج سريعة من مباحثات إسطنبول، وبعد بعض المقاربات في البنود بين الوفدين، ولقاء محتمل لوزراء خارجية البلدين، تأتي المرحلة الثانية بعقد لقاء يجمع بوتين وزيلينسكي، حيث يبذل الرئيس أردوغان جهودا من أجل ذلك، وإقناع الرئيس الروسي الذي سيزور تركيا قريبا.

 

وأضاف أن روسيا التي أعلنت أنها ستقلص عملياتها في كييف وتشيرنيهيف، ثم عادت لتواصل عملياتها يعد مظهرا من مظاهر الطبيعة المتقلبة لهذه العملية، ومن المعلوم أن إنهاء الحرب أصعب من البدء بها.

 

اقرأ أيضا: أوكرانيا تشكر تركيا لاستعدادها لتكون "دولة ضامنة" (تغطية)
 

ضغط بالميدان ومفاوضات على الطاولة

 

ومن ناحية، سيستمر الجانبان في اتخاذ خطوات لدفع الآخر للخلف على أرض الميدان، ومن ناحية أخرى ستكون هناك مفاوضات صعبة على الطاولة، بحسب الكاتب الذي أوضح أن الجانب الروسي سيقوم بإطالة أمد المفاوضات لتحقيق نتائج ميدانية على خط المواجهة أو اختبار إمكانية تفكك التضامن بين التحالف الغربي. كما سيستمر الجانب الأوكراني في تلقي المساعدة العسكرية من الغرب، سعيا منه لصد القوات الروسية وتراجعها ميدانيا.

 

وأعلن رئيس وزراء بريطانيا جونسون عن إرسال أسلحة "أكثر فتكا" إلى أوكرانيا، فيما ينشغل الرئيس جو بايدن بتصريحات بشأن تغيير النظام والأزمة التي ستستمر لعقود، ومن ناحية أخرى تبتعد روسيا بشكل متزايد عن تقسيم أوكرانيا إلى شرق وغرب، وتعطي الأولوية الآن لخط دونباس وشبه جزيرة القرم.

 

ورأى دوران، أنه ليس من المتوقع أن يتبدد تصميم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا على إضعاف روسيا، ويقود هذا المسار ببوتين إلى عدم توسيع الحرب، والحد منها.

 

وأضاف أن مقترح تركيا بـ"خروج مشرف بالدلوماسية" في نهاية المطاف، قد يصبح السبيل الوحيد لبوتين، والمهم الآن استمرار الأطراف بالمفاوضات.

 

أردوغان مصمم

 

ولفت الكاتب إلى أن أردوغان مصمم على بذل قصارى جهده للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الحرب الروسية الأوكرانية، ولذلك هو يصر على السعي للجمع بين بوتين وزيلينسكي، وهناك انعكاس لعشرين عاما من الخبرة في هذا الإصرار.

 

وأوضح أن أردوغان لديه ثقة في إمكانيات دبلوماسيته تجاه بوتين وزيلينسكي، فلم تأت مفاوضات إسطنبول فجأة.

 

ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية، سعى أردوغان جاهدا لجمع الزعيمين الروسي والأوكراني، ولا يزال قرار بوتين هو العامل الأكثر أهمية لإنهاء هذه الحرب، وأشار الكاتب إلى أن العملية العسكرية دخلت في منعطف يتسبب في زيادة الخسائر الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية لروسيا، وستكون التكلفة التي سيتكبدها بوتين أكبر إذا تأخر، وعليه فإن عرض أردوغان لبوتين "الالتقاء مع زيلينسكي" ذات أهمية.

 

وأشار دوران، إلى أن أردوغان يعلم بأنه يمكن إنهاء الأزمة من خلال اجتماع زعماء البلدين، ومن المعتاد في الدبلوماسية الروسية أن يتبع المفاوض الروسي صورة صارمة لا هوادة فيها في المباحثات، وعلى الرغم من أنها مختلفة جدا، إلا أن المفاوضات حول الأجندة السورية بين تركيا وروسيا واجهت صعوبات مماثلة، لكن نقل المحادثات من زعيم إلى زعيم ساهمت في اتخاذ خطوات حاسمة.

 

وتابع بأن أردوغان يريد أن يجمع بين بوتين وزيلينسكي معا لخلق "تأثير القائد" في حل الأزمة، ولهذا يحتاج بوتين إلى الاقتناع بأن الوقت قد حان لوقف الحرب أو إنهائها، كما أن زيلينسكي يحتاج أيضا إلى أن يكون قادرا على الجلوس على الطاولة وإظهار الحسم لتطبيق ما سيخرج عن الطاولة، فالسلام يلزم الطرفين بالتخلي عن بعض مطالبهما.

 

وأضاف أن التحدي الحقيقي لزيلينسكي سيبدأ بعد لقائه مع بوتين، حيث إنه من الصعب للغاية التوصل إلى حل وسط، وإخبار الناس بالشروط المتفق عليها، وكذلك إقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بها.

 

اقرأ أيضا: أردوغان لوفدي أوكرانيا وروسيا: الحرب ليست لصالح أحد
 

هل تراوغ روسيا؟

 

الكاتب التركي كورشات زورلو، في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، قال؛ إن محادثات إسطنبول شكلت أهم مرحلة بهدف التوصل إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وعلى الرغم من أن خارطة الطريق إلى وقف شامل لإطلاق النار لم توضح بعد، يمكن القول إن الأطراف أحرزت تقدما بشأن بعض البنود.

 

وحول مسألة الدول الضامنة، قال زورلو؛ إن المفاوضات بشأن نوعيتها ستتواصل، والموقف التركي غير واضح بعد بهذا الشأن، كما أن أوكرانيا لديها الرغبة بإضافة "إسرائيل" لمجموعة الدول الضامنة.

 

وأضاف أن تركيا تتوقع بأن هذا النظام (الضمانة) لن يعمل تلقائيا، ولن يكون هناك نشر للقوات في أوكرانيا، وهو قريب من النموذج النمساوي.

 

وقال مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة؛ "إن توقيع اتفاق بشأن الضمانات الأمنية لن يكون ممكنا إلا بعد عودة جميع الوحدات المسلحة الروسية إلى مواقعها قبل 23 شباط/ فبراير الماضي".

 

وفقا لكييف، يجب أن تجعل الاتفاقية الجديدة بريطانيا والصين والولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وكندا وإيطاليا وبولندا وإسرائيل الدول الضامنة لأمن أوكرانيا.

 

ونوه الأكاديمي التركي إلى الادعاءات الغربية بشأن عدم جدية روسيا الانسحاب من أوكرانيا، مشيرا إلى تصريحات بريطانيا حول زيادة التعزيزات الروسية في شرق وغرب أوكرانيا، والتقديرات الأمريكية التي قالت إن ما يجري إعادة تموضع وليس انسحابا.

 

وأضاف أن الأوساط الغربية ترى أن روسيا تريد إعطاء انطباع بأنها مهتمة بالدبلوماسية من أجل كسب الوقت، وتجنب المزيد من العقوبات الغربية.

 

ورأى أن هذا الاتجاه وحالة التوازن الجديدة التي سيتم تشكيلها الأساس النفسي لكل من مستوى ثقة الأطراف بعضها ببعض، ودعم الدول الغربية لحراك تركيا ومفاوضات إسطنبول.