رغم الاتصالات الهادئة في الأسابيع الأخيرة بين دولة الاحتلال وبولندا على خلفية الأزمة التي نشبت بينهما بسبب قانون البرلمان البولندي الخاص بالمطالبات العقارية للناجين من المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية، لكن رياح أزمة جديدة بينهما أثيرت من جديد في الأيام الماضية، ومن آثارها المباشرة إصدار وزارة الخارجية البولندية قرارا بتقييد الاتصال والتعاون مع السفارة الإسرائيلية في وارسو، فيما وجهت انتقادات إسرائيلية حادة إلى وزير الخارجية يائير لابيد بشأن خطئه الفادح في إدارة العلاقة.
تعود بدايات الأزمة إلى الصيف الماضي حين أمر وزير الخارجية لابيد السفير الإسرائيلي في وارسو تال بن آري يعالون بالعودة إلى تل أبيب ردا على توقيع الرئيس البولندي لذلك القانون المثير للجدل، وقبل أسبوعين تم إعادته إلى وارسو ردا على استجابة دولة الاحتلال لسلسلة من الإشارات الإيجابية الواردة من بولندا، التي دعت لإنهاء الأزمة الدبلوماسية بينهما، والمصالحة.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر في تقرير ترجمته "عربي21" أن "بولندا أعربت عن غضبها من عودة السفير الإسرائيلي إليها لأنها تمت دون الإعلان الإسرائيلي عنها رسميا، لأنه على خلفية اندلاع الأزمة "أعلنت" إسرائيل عن السفير البولندي في تل أبيب مارك ماغيروفسكي".
اقرأ أيضا: بولندا تستدعي سفيرها بتل أبيب ولا عودة له حتى إشعار آخر
وأضاف أن "وارسو غاضبة من التصريحات الإسرائيلية المسيئة ضدها، ومن أجل إظهار احتجاجهم أصدر البولنديون توجيها يمنع السفير الإسرائيلي من عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في وارسو، إضافة لذلك، وجهت وزارة الخارجية البولندية تعليمات لجميع الوزارات الحكومية بإبلاغها بأي اتصالات تود إجراءها مسبقا مع السفارة الإسرائيلية، وصولا إلى الامتناع عن مثل هذه اللقاءات دون توصية صريحة منها".
من الواضح أن المسؤولين البولنديين غاضبون من نظرائهم الإسرائيليين بسبب سلوكهم "غير الدبلوماسي" في إدارة هذه الأزمة، ومفادها أنه في ظل عدم وجود سفير بولندي في تل أبيب، فإن السفير الإسرائيلي في وارسو لن يتمكن من عقد اجتماعات رفيعة المستوى هناك.
في الوقت ذاته، أصدرت وزارة الخارجية البولندية تعليمات للأكاديمية الوطنية للعلوم ومؤسسات أكاديمية أخرى بإبلاغها مسبقا بأي اتصالات هاتفية يجرونها مع السفارة الإسرائيلية في بولندا، وأي مؤسسات بحثية إسرائيلية، وهو توجيه غير عادي لم تصدره وزارة الخارجية البولندية من قبل، مما يعني أننا أمام أزمة متفاقمة بينهما.
السفيرة البولندية السابقة لدى تل أبيب أغنيسكا ماجديتش جاكوسكا ذكرت أن "رد وزارة الخارجية البولندية يعطي انطباعا وكأننا نعيش في ظل حرب باردة مع إسرائيل، وبالتالي فقد تم محو إنجازات الثلاثين سنة الماضية في العلاقات البولندية الإسرائيلية، مع العلم أن بولندا هي أكبر داعم لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي، وعقدت مؤتمرا دوليا لديها ضد إيران، وطالما أنه من المعروف أن البولنديين لا ينسون، فهناك احتمال أن نرى المزيد من الخطوات التصعيدية في اتجاه إسرائيل".