ملفات وتقارير

ما دلالة انتقاد ساويرس المتكرر لتوسع الجيش في الاقتصاد؟

كانت عائلة ساويرس تورطت في أكبر قضية تهرب ضريبي في مصر عام 2013- جيتي

حظيت تصريحات رجل الأعمال والملياردير المصري نجيب ساويرس، بشأن مزاحمة شركات الدولة والتابعة للجيش للقطاع الخاص، ومطالبته لها بالكف عن التوسع في النشاط الاقتصادي، بردود فعل واسعة في الأوساط الاقتصادية والسياسية في بلد يخضع لحكم عسكري صارم منذ تموز/ يوليو 2013.

 

وقال ساويرس ثاني أغنى أغنياء مصر بثروة تتجاوز 3 مليارات دولار بعد شقيقه ناصيف الذي تقدر بنحو 9 مليارات دولار، في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "يجب أن تكون الدولة جهة تنظيمية وليست مالكة" للنشاط الاقتصادي، مشيرا إلى أن "الشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك"، وأن المنافسة بين القطاعين الحكومي والخاص "غير عادلة منذ البداية".

وسبق أن انتقد ساويرس تدخل الدولة (في إشارة إلى الجيش) في الاقتصاد المصري، وقال في نيسان/ أبريل 2019، إن على الدولة أن ترفع يدها عن الاستثمارات التي بوسع القطاع الخاص تنفيذها، معتبرا أن "التدخل وزيادة الاستثمار الحكومي طارد للاستثمار الخاص".

وشهدت البلاد تحت حكم السيسي تناميا للدور الاقتصادي الذي تضطلع به القوات المسلحة التي تملك عددا كبيرا من الشركات والمصانع الكبرى، وتباشر من خلالها عددا من المشاريع العملاقة، حيث أصبح الجيش لاعبا رئيسيا في الاقتصاد المصري.

 

استفادة عائلة ساويرس
ورغم انتقادات رجل الأعمال لدور الدولة في الاقتصاد فإن عائلة ساويرس المترفة الغنى من أكثر المستفيدين من هذا الدور من خلال مشاركة القوات المسلحة في العديد من المشروعات الضخمة التي يستحوذ عليها بالأمر المباشر وتقدر بعشرات مليارات الدولارات، بحسب مصادر.

في آيار/ مايو الماضي تقدم عضو مجلس النواب، عمرو القطامي، بطلب إحاطة، بشأن الارتفاعات المخالفة التي يتم تنفيذها بمشروع أبراج الشيخ زايد من قبل شركة أوراسكوم للتطوير العقاري المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، ورغم ذلك أقرت الحكومة المشروع.
 
اقرأ أيضا: مسؤول يرد على نجيب ساويرس بخصوص منافسة شركات الجيش

 

ضرائب عائلة ساويرس
وفي ذات الشهر، تقدم عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، المثير للجدل والموالي للنظام، بطلب إحاطة حول أسباب عدم مطالبة الجهاز المالي بوزارة النقل للشركة المصرية للتغذية والخدمات أبيلا مصر، التي يرأسها نجيب ساويرس، لسداد ما عليها من ديون تتجاوز 30 مليون جنيه لهيئة السكك الحديدية منذ عام 2009.

ولم يتوقف بكري عن توجيه الاتهامات إلى ساويرس بعد تصريحاته الأخيرة، وشن في سلسلة تغريدات على "تويتر"، هجوما حادا على رجل الأعمال، وانبرى يدافع عن دور الجيش في الاقتصاد الذي يقف في وجه المستغلين (في إشارة إلى ساويرس).










وكانت عائلة ساويرس تورطت في أكبر قضية تهرب ضريبي في مصر عام 2013 إبان حكومة هشام قنديل في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، بلغت قيمتها أكثر من 14 مليار جنيه (مليارا دولار وقتها)، وانتهت بالتصالح بدفع العائلة مبلغ 7.1 مليارات جنيه (نحو مليار دولار).

وتشير بعض التقديرات غير الرسمية، إلى أن حجم التهرب من الضرائب نحو 400 مليار جنيه، وبلغت الإيرادات الضريبية العام الماضي 834 مليار جنيه وغير الضريبية 271 مليار جنيه، وفق نتائج الحساب الختامي لميزانية العام المالي 2020/2021.


الضغط على نظام السيسي
في تعليقه، قال رجل الأعمال المصري الأمريكي، محمد رزق، إن "ساويرس يستغل كونه مسيحيا وقريبا من الكنيسة والمجلس المللى ويعتبره النظام واجهة لرجال الأعمال المسيحيين، ويحصل على امتيازات من النظام لا يمكن لأحد في مصر الحصول عليها".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "عندما شرعت الحكومة المصرية في السماح للتليفون المحمول بالدخول إلى مصر كان هناك صراع بين شقيق عاطف صدقي رئيس الوزراء وقتها وعلي لطفي رئيس الوزراء الأسبق في الحصول على أول رخصة، ولكن مبارك منحها إلى ساويرس بسعر زهيد حقق من ورائها أرباحا طائلة".

وأضاف رزق، "عندما يعقد أي مؤتمر في مصر مثل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي مثلاً يقوم ساويرس بعمل عشاء على نفقته لرجال الأعمال المشاركين ورجال الدولة، من الذي يمنح هذا الامتياز لساويرس؟ هل هي الدولة؟ أهو سطوة نفوذ ساويرس، ناهيك أن أعمال مقاولات كبيرة تقوم بها الدولة ويتم إسنادها إلى شركات ساويرس من الباطن؛ مثل محطات الكهرباء والمونوريل وغيرهما من المشروعات العملاقة التي تقوم بها الدولة".


نصيب الشركات والأشخاص من الضرائب
تستهدف وزارة المالية تحصيل نحو 983 مليار جنيه من الضرائب خلال عام 2021-2022 مقابل نحو 830.8 مليار جنيه متوقعة للعام الحالي، ومن بين أبرز بنود الحصيلة المستهدفة للضرائب حصيلة الضرائب العامة والمقدر لها نحو 497 مليار جنيه.

تشمل الضريبة العامة الضريبة على دخول الأشخاص الطبيعية والمستهدف لها 146.9 مليار جنيه العام المقبل، وتتضمن ضريبة دخول الأشخاص الطبيعية ضريبة مرتبات بقيمة 90.4 مليار جنيه، وضريبة نشاط تجاري وصناعي بقيمة 50 مليار جنيه، وضريبة نشاط مهني غير تجاري بقيمة 4.8 مليارات جنيه، وضريبة ثروة عقارية بقيمة 1.7 مليار جنيه.

وتشمل الضريبة العامة أيضا الضريبة على أرباح الأشخاص الاعتبارية والمستهدف لها 220.3 مليار جنيه، وتتضمن ضريبة أرباح الأشخاص الاعتبارية ضرائب البترول بقيمة 41.6 مليار جنيه، وضرائب قناة السويس بقيمة 34 مليار جنيه بزيادة، وضرائب باقي الشركات بقيمة 144.7 مليار جنيه.

وتمتلك الدولة 17 شركة قابضة غير نفطية والتي تسيطر مجتمعة على حوالي 180 شركة صغرى، زادت أرباحها إلى أكثر من المثلين إلى 60.64 مليار جنيه مصري (3.88 مليارات دولار) في السنة المالية 2018-2019 وفق حسابات رويترز.


مطالب متكررة وتجاهل مستمر
من جهته؛ قال المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، المقيم في فرنسا إنها "ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ساويرس عن هيمنة الجيش على الاقتصاد ومطالبته بحرية أكبر للقطاع الخاص، فقد تكرر هذا المطلب في أكثر من مرة منذ عام 2016، و2018 و2019 لكن النظام لم يلتفت لتصريحاته".

مضيفا لـ"عربي21": "لكن في حقيقة الأمر أن ساويرس وعائلته لم يتضرروا من هيمنة الجيش منذ الانقلاب وإلى اليوم والدليل على ذلك حجم مشاريعها في طول البلاد وعرضها والتي لم تتوقف أو تقل بل الأكثر من ذلك منحه ترخيصا للتنقيب عن الذهب في صحراء مصر الشرقية".


وبشأن دلالة حديثه المتكرر والذي من شأنه أن يغضب السلطات، رأى أن "حديث ساويرس هو تنفيس عن الاحتقان الذي يعاني منه الآلاف من رجال الأعمال الذين تضرروا من سيطرة العسكر على كافة القطاعات في الدولة ليس إلا، وربما من طريقة التعامل بغطرسة واستعلاء مع شركاتهم".