نشرت صحيفة "إندبندنت" افتتاحية قالت فيها إن مشكلة بريطانيا هي الخروج من الاتحاد الأوروبي وهذه المشكلة هنا لتبقى. وقالت إن الحكومة قضت معظم الأسبوع الماضي وهي تتظاهر بأن أزمة الوقود لا علاقة لها بالبريكست وهو موقف غير صحيح.
وعلقت على مؤتمر حزب المحافظين الذي يعقد بحضور أعضائه شخصيا منذ سنتين: "عامان منذ أن اجتمع أفراد الحزب في مانشستر كما فعلوا الآن حيث لم يترك في ذلك الوقت مساحة دون أن يعلق عليها ملصق يحمل 3 كلمات "دعونا ننهي البريكست"، وبعد أشهر تم الانتهاء من عملية الخروج".
و"يلتقي الحزب مرة ثانية كنتيجة مباشرة للبريكست الذي تم الانتهاء منه والبلد وسط أزمة وقود لا تظهر أي إشارات على التحسن. وهناك نقص في الكثير من المواد في المتاجر، وهناك قلق حقيقي من أن السبب الحقيقي وراء النقص لن يخف بحلول أعياد الميلاد".
وأضافت الصحيفة أن الحكومة ظلت وطوال الأسبوع الماضي تتظاهر بأن مشاكل البلاد الحالية لا علاقة لها بالبريكست، وتواصل إنكار هذا الربط بالقول إن بقية الدول تواجه نفس المصاعب، وهذا ليس صحيحا و"لا توجد أزمة وقود إلا هنا".
واعترف جونسون في لقائه مع أندرو مار في "بي بي سي" بطريقة غامضة بأن المشكلة لها علاقة بالبريكست و "عندما قرر الناس التصويت لصالح التغيير عام 2016، وعندما صوتوا لصالح التغيير عام 2019 كما فعلوا لإنهاء النموذج الاقتصادي المحطم الذي اعتمد على العمالة الرخيصة والمهارات المتدنية والإنتاجية المتدنية بشكل مزمن، ونحن نتحرك بعيدا عن هذا".
اقرأ أيضا: بريطانيا تستعين بالجيش في مواجهة نقص الوقود
ومن الصعب الإشارة إلى أنه لو كان هذا هو العامل الذي دفع الناس للتصويت مع البريكست فإن جونسون محظوظ بشكل كبير وهو أن الناس اتسموا بالحكمة وغضوا الطرف عن الأسباب الحقيقية التي قدمها لهم شخصيا عن توفير الأموال للعناية الصحية والمخاوف من انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ولا حاجة للحديث عن أن الناس لم يصوتوا للخروج من الاتحاد الأوروبي حتى لا يستطيعوا شراء البترول، ولم يكونوا يفعلون لأن هذا هو نتاج مباشر للصفقة التي عقدها مع الاتحاد الأوروبي والتي لا علاقة لها بالوعود التي قطعت في 2016 وحتى لو تم التفاوض عليها قبل تلك الانتخابات.
وربما كان جونسون مصيبا بالقول إن التصويت كان للحد من حرية الحركة التي تحتوي في داخلها إشارة قوية من أن التصويت كان يهدف لوقف توفر العمالة الرخيصة من أوروبا الشرقية تحديدا. ولكن تأكيده مع وزير التجارة كواسي كوارتينغ أن نقص الوقود والمواد الأخرى هو عرض لعملية التحول إلى اقتصاد مختلف، عار على الصحة.
صحيح أيضا أن الدول الأوروبية تعاني من نقص في سائقي الشاحنات وأنه تم التحذير من هذا كما حذرت بريطانيا قبل أن تنشغل بالبريكست. وكان تحسين رواتب السائقين حلا من الحلول للمشكلة، لكنه لا يحل الجانب الرئيسي وهو أن سائقي الشاحنات يقودونها في أوروبا ويجب أن يقطعوا الحدود، وعملهم متعدد الجنسيات، فرحلة عادية لسائق شاحنة تقوده إلى عدة دول وفي عدة أيام. وفقط أصبحت شركات النقل في الأيام الأخيرة غير راغبة بضم بريطانيا في خطوطها لأنها تريد تجنب الأوراق الرسمية المطلوبة، ولا يزال عدد من السائقين غاضبين بعدما تم حشرهم في شاحناتهم في مدرج كينت عندما تم الكشف عن "متحور كينت" في فترة عيد الميلاد العام الماضي، وهو وضع كان من مسؤولية إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي وليس غيره.
وترى الصحيفة أن المشكلة الحالية ليست سهلة ويمكن لجونسون الخروج منها حرا. فنقص الأغذية ونقص الوقود هي مشاكل حقيقية ملموسة ولا ينساها الناس. وتؤثر بشكل عميق على حياتهم. وكما هو معروف في السياسة، وهذا يطال جونسون، فالمشكلة يمكن شرحها عبر سرد زائف وفكرة غير ناضجة أو نظرية لا يمكن تطبيقها ولكنها تقدم جوابا على سؤال.
فالتحول إلى اقتصاد الرواتب الكبيرة والقائم على المهارات القوية أمر مرغوب ولكن لا علاقة له بقيادة الشاحنات وغير مرتبط أصلا بالاتفاقية التي وقعتها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي والتي تجعل الحياة صعبة جدا جدا لمن ينقلون المواد الغذائية إلى هنا.
ولا يمكن حل أي منها لأن المشكلة هي البريكست وهي موجودة هنا لتبقى. والحل بسيط وهو البقاء في الاتحاد الأوروبي ولكنه مستحيل الآن. والتداعيات ظاهرة للعيان وتعرت مثل الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود ولا يمكن للتبجح أن يجعلها تختفي.
الغارديان: الملاجئ الضريبية تمتد من لندن ودبي إلى هذه الدول
WP: جونسون بأمريكا للدفع باتجاه الالتزامات المناخية والتجارة
الغارديان تقرأ تداعيات اتفاق أمريكا وبريطانيا وأستراليا