حقوق وحريات

تكرار محاولات انتحار لمعتقلين بسجون مصر تثير المخاوف والقلق

سجون مصر- أرشيفية

عبر عدد من الحقوقيين عن مخاوفهم من جنوح عدد من الشباب المعتقلين إلى محاولة الانتحار داخل زنازينهم، محملين نظام السيسي وأجهزته الأمنية مسؤولية حياة هؤلاء الشباب، بسبب الممارسات التي ترتكب ضدهم، ومحاولات إذلالهم مما يدفعهم للانتحار.


وطالبوا في تصريحات لـ"عربي٢١" بضرورة التحرك لإنقاذ هؤلاء الشباب وتطبيق لائحة السجون في التعامل معهم، بل والعمل على إطلاق سراحهم وإنهاء مأساتهم وآلاف السجناء غيرهم.


وكان عدد من الشباب المعتقلين حاولوا الانتحار مؤخرا، من بينهم عبد الرحمن طارق "موكا" ومحمد إبراهيم "أكسجين"، وغيرهم على فترات سابقة، فضلا عن تلويح بعض الشباب بعد خروجهم على صفحاتهم الخاصة على الفيسبوك بخيار الانتحار بسبب معاناتهم وما تعرضوا له داخل السجن.


ونشر موقع "مدى مصر" مؤخرا تصريحات لأهالي هؤلاء الشباب تؤكد هذه الوقائع، وهو ما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وكذلك التنسيقية المصرية للحقوق والحريات.

 

اقرأ أيضا: قرار للداخلية المصرية بإنشاء سجنين جديدين

وكانت سارة طارق، شقيقة موكا قد نشرت، مؤخرا عبر فيسبوك، عن محاولة موكا الانتحار الأربعاء الماضي، فيما كان في التأديب الانفرادي على إثر مشادة بينه وضابط في سجن طرة على خلفية منع الضابط دخول أي من الطعام وأشياء أخرى خلال زيارة أخيه له، السبت الماضي، بسبب وجود شاحن راديو في الزيارة تشكك الضابط في استخدامه كشاحن موبايل.


تعبير عن اليأس


وفي سياق تعليقه قال المستشار محمد سليمان، إن تفكير هؤلاء الشباب في الانتحار هو تعبير عن يأسهم من وجود منظومة عدالة يمكنهم من خلالها حصولهم على حقوقهم في تحقيق موضوعي منصف، ومحاكمة عادلة أمام قضاة بحق، لا تحركهم الأهواء ولا يرهبهم السلطان.


وأضاف سليمان في حديثه لـ"عربي٢١" أن وقف هذه المحاولات سيكون من خلال وجود قضاء حقيقي في مصر، يحاكم الظالم وينتصر للمظلوم، وهذا لن يكون إلا بإزاحة الانقلاب، وهذا هو السبيل للإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين، دفاعا عن الثورة وعن الوطن -حسب قوله.


أما المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار فقد أرجع هذه المحاولات إلى زيادة الانتهاكات والضغوطات والاعتقالات، التي تمارسها السلطات الأمنية المصرية على المعتقلين السياسيين وخاصة صغار السن والشباب منهم، لافتا إلى ممارسات السلطات المصرية منذ الانقلاب  والتي شملت أنواع التعذيب النفسي وكسر الذات لدى المعتقلين، وهو ما جعل بعضهم يحاول أن يتخلص من حياته بالإقدام على محاولة الانتحار.


وأشار مدير الشبكة المصرية في حديثه لـ"عربي٢١" إلى أن المعتقل عبد الرحمن طارق الشهير بموكا والمصور الصحفي محمد أكسجين، ربما لا يكونان آخر ضحايا هذا العنف تجاه المعتقلين السياسيين، خاصة أن عبد الرحمن طارق يعد مثالا فاضحا للانتهاكات وتدوير القضايا التي مارستها السلطات الأمنية بحق المعتقلين الشباب.


مضيفا: "السجون وأماكن الاحتجاز في مصر تعج بالآلاف من المعتقلين، الذين يعيشون مأساة العزلة والانتهاكات وفقدان الأمل في المستقبل وهو ما دفع بعضهم للإقدام على محاولة الانتحار في أماكن وسجون مختلفة على مدار سنوات".

 

اقرأ أيضا: معاناة جديدة للمعتقلين بسجون مصر مع اشتداد حرارة الصيف

وحول إمكانية وقف هذه المحاولات أكد العطار على أنه لن يكون هذا إلا بالكف عن اعتقال المزيد من الأبرياء، وكذلك بإطلاق سراح الآلاف في السجون والمحتجزين رهن الحبس الاحتياطي، والعمل على تطبيق مواد الدستور والقانون ومحاسبة المقصرين.


التحرك والضغوط ضرورة


وبدورها تقول المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن: "هذه المحاولات ليست قاصرة على موكا وأكسجين ولكن تحدث منذ سنوات سواء نجحت وانتحر صاحبها كما هو الحال في واقعة معتقل يدعى شادي العام الماضي، وتم إنقاذه كما حدث مع البعض، ولكن كثيرا منها لا يتم الإعلان عنه برغبة الأهل أو الأمن في التستر على مثل هذه الحوادث".


وأكدت في حديثها لـ"عربي٢١" على أن أسباب هذه المحاولات تعود إلى سوء أوضاع السجون، بالإضافة لغياب العدالة والمحاكمات المنصفة وتعرض كثير من الشباب للتعذيب نفسيا وبدنيا، وإعادة تدويرهم على القضايا ظلماً، وكل ذلك يُفقدهم الأمل ويغيب لديهم أي أفق لانتهاء ما يتعرضون له، فتنهار نفوسهم وتتساوى لديهم الحياة غير الآدمية وخطوات الموت البطيء مع الموت العاجل، مشيرة إلى ما يمر به كثير من المعتقلين بهذه الحالة، ولكن تتفاوت ردود أفعالهم وقدرتهم على التخطي.


وأنهت كلامها بالقول: "نحن بحاجة لأن نعمل جميعا على تحرير هؤلاء وإنقاذهم، ونحتاج لجهود العالم الحر والمنظمات الدولية، وكل من يتحدث عن حق الحياة كأحد حقوق الإنسان في العهد الدولي ليوقفوا إحدى أكبر الجرائم ضد الإنسانية تلك التي يرتكبها النظام المصري لسنوات في إعدام وطن بأكمله".