ملفات وتقارير

انفراد.. مدير أمن مصري محكوم بالسجن يتولى منصبه

مدير الأمن برتبة لواء ومحكوم في قضية تعذيب وقتل- جيتي

المتهم زور مع آخرين رواية ملفقة كشفتها المحكمة والطب الشرعي... وتمت إدانته.

 

قانوني: استمرار القيادة الأمنية في منصبه حتى الآن وترقيته مخالف للقانون واللوائح لإدانته.

 

كشف مصدر قضائي مصري بارز، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن مسؤولا كبيرا ويعمل حاليا بمنصب رفيع في الدولة المصرية، كان متهما في إحدى قضايا القتل، وقد ثبتت إدانته، وحكم عليه بالسجن، لكنه ما زال على رأس عمله، وهي مخالفة للقانون.


وأوضح المصدر أن ذلك المسؤول هو لواء شرطة في منصب مساعد وزير الداخلية الحالي ومدير أمن إحدى محافظات جمهورية مصر العربية، وأنه كان متهما منذ سنوات في قضية تعذيب مواطن حتى الموت، وذلك خلال استجوابه في أحد المقرات الشرطية المخصصة للحجز.


وتابع بأنه أدين بالفعل في القضية، وحكم عليه من محكمة الجنايات بالسجن مع إيقاف التنفيذ، إلا أنه ورغم صدور ذلك الحكم بالإدانة، إلا أنه استمر في عمله، وتمت ترقيته حتى وصل إلى درجة "لواء" شرطة، وتولى منصب مساعد وزير الداخلية ومديرا لأمن إحدى محافظات مصر.


وكشف المصدر تفاصيل اتهام القيادة الأمنية، حيث أكد أنه في منتصف الألفينات، تم اتهام القيادة الأمنية مع ضباط آخرين بالتورط في قضية قتل مواطن عمدا، بعد تعذيبه بشكل وحشي داخل أحد مقرات الحجز الشرطية؛ لإجباره على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها.

 

اقرأ أيضا: الببلاوي.. بلا حصانة ومحاكمة تفتح ملف "رابعة" من جديد (بورتريه)

وأضاف أن المتهمين في أولى درجات التقاضي حصلوا على حكم بالبراءة؛ وذلك لعدم تقديم الأدلة من قبل جهات التحقيق والفحص المعنية، إلا أنه تم الطعن على حكم البراءة أمام محكمة النقض، التي حكمت بنقض الحكم، وأعادت المحاكمة من جديد أمام دائرة جنايات أخرى.


وتابع بأنه خلال إعادة المحاكمة قامت الدائرة الجديدة بالتحقيق في القضية مجددا، وتبين للمحكمة أن الضباط المتهمين صوروا الواقعة تصورا معينا كاذبا، وكتبوا في هذا التصور: "فبركة وتزوير" للواقعة، وأن هذا التصور الذي زوروه لم يقنع الطب الشرعي الذي قام بتشريح جثمان الضحية، ووضع تقريره أمام المحكمة.


وأكد المصدر أن الضباط المتهمين في القضية ابتدعوا رواية مؤداها أنه حال القبض على أحد المتهمين لاتهامه في قضية سرقة، اعتدى على نفسه، بأن ضرب رأسه بحديد سور كان يقف بجواره، وأن ذلك أدى إلى تحطم بالرأس، ووفاته على إثر ما قام به، بعد فشل إسعافه.


إلا أن الطب الشرعي قال إن هذه الرواية كاذبة، وتبين أن المواطن المتوفى تم تعذيبه بشكل وحشي، وثبت وجود آثار كدمات في أنحاء متفرقة من جسده، وأنه تعرض للاعتداء والضرب المبرح، وصدم رأسه في أجزاء صلبة، واستحالة حدوث الواقعة وفقا لرواية الضباط المتهمين.


وقد أدانت المحكمة المتهمين، ومن بينهم مساعد وزير الداخلية الحالي ومدير الأمن، بالسجن مع إيقاف التنفيذ، بعد أن نزلت بالعقوبة إلى الحد الأدنى لها، وهو إيقاف التنفيذ، بعد ما قدمه دفاع المتهمين من دفوع، كان أبرزها شيوع الاتهام، وعدم تحديد دور كل متهم في الجريمة.


إلا أن المحكمة تيقنت بأنهم كانوا متواجدين في مكان الحادث، ووقت الوفاة، ووقت حدوث الإصابات في الضحية، وأنهم هم الفاعلون، وأن الضحية توفي على أيديهم، فحكمت بسجنهم، ونزلت بالعقوبة للإيقاف مع الإدانة.

 

اقرأ أيضا: أكاديمي مصري يخاطب النظام بشأن المعتقلين السياسيين

وفي سياق متصل، أكد محمد صالح، المحامي بالنقض والدستورية العليا، أن استمرار تواجد القيادي الأمني في منصبه كمدير أمن هو أمر مخالف للقانون المصري، ومخالف أيضا للقانون واللوائح المنظمة للعمل والترقيات داخل جهاز الشرطة في مصر.


وأضاف "صالح" لـ"عربي 21" أن القانون المصري أقر أن أي حكم يدين موظف في الدولة أساء أو استغل سلطات وظيفته، وثبتت إدانته بالفعل، فإنه يعزل من وظيفته، ومن ثم فإن الحكم الصادر ضد مدير الأمن كان بالسجن مع الإيقاف، أي أنه أدين بالحكم، ومن ثم فإن بقاءه في منصبه غير قانوني.


وتابع بأن اللوائح والقوانين الداخلية المنظمة لعمل جهاز الشرطة في مصر أقرت أيضا بأنه للترقيات إلى رتبة "لواء" يقتضي الأمر أن يكون ملف من تم ترقيته خاليا من الجزاءات والمخالفات أو لفت النظر، ومن ثم فإن ترقية القيادة الأمنية إلى رتبة لواء ثم تقلده منصب مساعد وزير داخلية ومديرا لأمن إحدى محافظات مصر، هو أمر مخالف للقانون واللوائح، لأن ملفه الوظيفي فيه حكم بالإدانة بالسجن مع الإيقاف في قضية تعذيب مواطن مصري حتى الموت داخل أحد مقرات الحجز الشرطية في مصر.