لم تتجاوز نسب المشاركة في الانتخابات النيابية الأردنية الـ 30%؛ إذ صوت مليون و150 ألف مواطن من أصل أربعة ملايين و640 ألفا ممن يحق لهم التصويت؛ مسجلة بذلك نسب مشاركة هي الأدنى في تاريخ المملكة إذ بلغت 29.8%؛ بانخفاض قارب الـ7% عن انتخابات العام 2016 التي سجلت 37% حينها.
في المقابل جاءت النتائج بمائة نائب جديد إلى قبة البرلمان في حين احتفظ 30 نائبا فقط بمقاعدهم؛ معادلة نجد انعكاسا لها في كتلة الإصلاح الممثلة لحزب جبهة العمل الإسلامي بتحقيقها عشرة مقاعد شملت سبع نواب جدد في الكتلة التي فقدت أربع مقاعد بعد أن كان تعدادها 14 ليصبح وزنها النسبي في البرلمان 7.5%.
انخفاض نسب المشاركة وفقدان عدد كبير من النواب لمقاعدهم لا يفسره التخوف من عدوى وباء كورونا والقيود المفروضة على الحملات الانتخابية التي فرضها قانون الدفاع؛ بل مزيج من هواجس الوباء وحالة الإحباط الواسعة من أداء مجلس النواب في دوراته المتتابعة؛ فالمجلس كان شبه غائب عن الملفات الحساسة كالملف الاقتصادي الذي عبر عنه بأزمة اقتصادية وضرائب فجرت احتجاجات واسعة في الأردن صيف العام 2018؛ فاقمها ضعف تفاعل النواب وغيابهم عن ملف كورونا وتفاعلاته.
انخفاض نسب المشاركة وفقدان عدد كبير من النواب لمقاعدهم لا يفسره التخوف من عدوى وباء كورونا والقيود المفروضة على الحملات الانتخابية التي فرضها قانون الدفاع؛ بل مزيج من هواجس الوباء وحالة الإحباط الواسعة من آداء مجلس النواب في دوراته المتتابعة
معادلة تفاعلت مع قانون انتخابات اعتبره كثيرون إعادة إنتاج لقانون الصوت الواحد بشكل أعاق تشكل أغلبية برلمانية وكتل برامجية فاعلة تحت قبة المجلس؛ ما أفضى إلى برلمان ضعيف لا يمثل مصالح العامة من الناس بقدر ما يمثل مصالح ضيقة للمرشحين والنواب؛ تشوهات قانونية وسياسية نما على هامشها بعض مظاهر الاحتجاج وأشكال المعارضة المستجدة في الأردن التي يمكن وصفها بمعارضة الفزعات الاحتجاجية ومعارضة الخارج الفوضوية والغوغائية.
عوامل تفاعلت في ظل ظروف استثنائية أدخلت البلاد نفق كورونا المظلم بتسجيل إصابات تجاوزت الـ 126 ألفا ووفيات فاقت الـ 1400؛ نفق لا تظهر نهايته في ظل غياب الوعي بطبيعة المرحلة التي تعيشها البلاد وغياب خطة التعافي عن النقاشات العامة والخاصة؛ سمة طاغية ميزت الناخب والمرشح والحكومة بكافة مؤسساتها؛ فالبلاد لا زالت بعيدة عن الاستعداد لمرحلة التعافي الحقيقية من وباء كورونا المستجد الذي تحول إلى نفق يزداد ظلمة يوما بعد الآخر.
ختاما، فقد بات من الواضح أن المواطن الأردني لم يعد يعول كثيرا على ممثليه في مجلس النواب لرسم معالم السياسات العامة في البلاد أو تمثيل مصالحه الاقتصادية ومعاناتهم الصحية في زمن الوباء بقدر ما يعول على المؤسسات السيادية والاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية التي تندلع بين الفينة والأخرى للضغط على صناع القرار؛ معادلة خطرة لا تتمتع بالاستقرار واليقين الذي يقود للتعافي بل تزيد من عمق نفق كورونا المستجد وظلمته في الأفق المنظور.
hazem ayyad
@hma36
انتخابات الأردن.. لماذا تمت ومن فاز بها؟!
الملف السوري والرئاسات الأمريكية