كتاب عربي 21

التوحم على "لحم" ممدوح حمزة

1300x600
هل ينافس أو يزاحم عبد الفتاح السيسي، الدكتور ممدوح حمزة، أو الدكتور عصام حجي، أو المستشار هشام جنينة، أو الدكتور حسن نافعة، أو الدكتور حازم حسني، أو بهي الدين حسن، أو حتى الدكتور البرادعي؟!

ألم تكن هذه الأسماء - وغيرها – ممن شاركوا أو باركوا 30 حزيران/ يونيو 2013، وبعضهم ساند السيسي في اعتلاء مقعد الرئاسة؟

فلماذا إصرار السيسي، على اعتقال، أو اغتيال، أو إقصاء، أو تشويه، أو نفي، كل مَن ساعدوه، أو أيّدوه؟، ويعاملهم معاملة مَن ناهضوه، ولم يعترفوا يوما بشرعية وجوده؟!

لن أتحدث عن اعتقال الدكتور حسن نافعة، وحازم حسني، وجنينة، ومعصوم مرزوق، ويحيى القزاز، وغيرهم من رموز القوى المدنية المصرية من القابعين خلف القضبان. ولن أتحدث عن الاغتيال المعنوي، لشخصيات وقامات كبيرة مثل الدكتور عصام حجي الذي حرموه حتى من حقه في تجديد بطاقته المصرية.

لكني اليوم أريد أن أتحدث تفصيلا عن الدكتور ممدوح حمزة، المرشح بقوة – هذا الشهر – أن ينضم لقائمة سجناء الرأي في زمن السيسي.

الدكتور ممدوح حمزة، لم يُضبط متلبسا بدعم جماعة الإخوان المعروف عنه العداء لها – قبل وأثناء وبعد الثورة – وللآن.

الدكتور ممدوح حمزة، لم يتوحم على سلطة السيسي، أو مقعده، ولم يسع للترشح أو لتصدر مشهد أو موقع سياسي.

لكن السيسي ومنذ فترة يتوحم على لحم وحرية الدكتور ممدوح حمزة وحقه في الحياة آمنا في بلده دون تهديد بالسجن الذي يكاد يلامس ممدوح حمزة أبوابه هذا الشهر، بعد حجز قضية "هزلية" للحكم النهائي أمام دائرة الإرهاب ‼

القضية "الهزلية" بدأت فصولها من أهالي جزيرة الوراق، كان ثمنها الإحالة لدائرة الإرهاب، التي حجزت القضية للحكم في نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2020.

بالقطع نظام السيسي لا يحاسب ممدوح حمزة، على "تغريدة"، لكنه يحاسبه على مجمل مواقفه، منذ ثورة يناير وللآن، والتي اتسمت في معظمها بالتصادم مع سياسات العسكر، حتى لو تلاقت معها في 30 حزيران/ يونيو.

لن ينسى هذا النظام دور ممدوح حمزة، قبل ثورة يناير، ودوره في الثورة والميدان، ومواقفه وانتقاداته للمجلس العسكري، وتورطه في جرائم كشف العذرية، وماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء.

في عام (2011/2012) وبعد شهور من الثورة، جمعتني قضية هزلية بالدكتور ممدوح حمزة، حيث أتهمنا المجلس العسكري بالمشاركة والتحريض على أحداث مجلس الوزراء‼

وقتها كان الدكتور ممدوح حمزة بالخارج، وتواصل معي تليفونيا، فاقترحت عليه ألا يعود حتى ينتهي التحقيق معي، وتظهر نوايا النظام، ورغم أن قاضي التحقيق أمر بمنعي ومنعه من السفر، إلا أن ممدوح حمزة عاد في اليوم التالي ليواجه الاتهامات الهزلية بشجاعته المعهودة.

مسلسل الانتقام من ممدوح حمزة لم يتوقف بعد، رغم موقفه من 30 حزيران/ يونيو، فقد توالت الاتهامات، والقضايا الملفقة، عقابا له على مواقفه في قضايا مثل تيران وصنافير، وسد النهضة، وانتقاداته لمشروع قناة السويس، والعاصمة الإدارية، وغيرها من المشاريع المأساوية.

ويبقى السؤال: ماذا يريد السيسي – الآن – من ذلك الشيخ السبعيني الذي يعاني من أمراض خطيرة؟!

هل يريد أن يحرمه من قضاء سنواته الأخيرة في منزله وبين أسرته؟، لماذا الإصرار على سجنه وهو يعني قرارا بقتله عمدا؟، هل يريد أن يدفعه للنفي الاختياري، وقيادة معارضة السيسي من الخارج؟

لا أرى مصلحة للسيسي أو منطق في أي من الاحتمالات السابقة، لكن ربما هناك مصلحة لمَن يدفع السيسي لمثل هذه الحماقات التي تصب جميعها خصما من رصيده، وما تبقي له من فرص أظنها باتت محدودة.

قديما قالوا: قل لي مَن معك؟! أقول لك مَن أنت!، وأحسب أن السيسي لم يعد معه أحد، بعد أن تخلص من كل القامات والشخصيات التي أخطأت وساندته. فمن صعد للسلطة عبر سلم الخدم، لا يسمح بالبقاء إلا للخدم.