بورتريه

أديب رئيسا للحكومة بلبنان.. الطريق لـ"السراي الكبير" (بورتريه)

رجل ميقاتي القديم وغير البعيد عن حزب الله، فضلا عن حمله الجنسية الفرنسية، وعدم انتمائه للمنظومة التقليدية- عربي21

أتقن خلال مسيرته الوظيفية العمل في الظل وخلف الستار وكرجل ثان.

لا ينتمي لأي حزب سياسي، وليس من نادي الأسر السنية العريقة مثل: كرامي والحص والسنيورة والحريري وسلام وميقاتي واليافي والصلح، أو "أمراء الحرب" المعروفين في لبنان. 

ليس من بيروت حيث الصراع الصامت على النفوذ وسط الطائفة السنية على أشده خصوصا بين آل ميقاتي وآل الحريري، فهو من طرابلس وصعوده لن يؤثر على أحد في العاصمة وربما يخطف شيئا من بريق آل كرامي في معقلهم الحصين. وبالنسبة لعائلات بيروت لا بأس بذلك، وربما تكون فترة هدوء على جبهة الطائفة.

كلفه الرئيس ميشيل عون بتشكيل حكومة جديدة بعد أن حصل على دعم غالبية النواب خلفا لحكومة حسان دياب الذي استقال وسط غضب شعبي عارم بعد انفجار كبير ضرب مرفأ بيروت، وأسفر عن مقتل 200 شخص على الأقل. 

حصل مصطفى أديب، المولود 1972 في طرابلس شمال لبنان، على درجة الدكتوراة في القانون والعلوم السياسية من جامعة "مونبيليه" في فرنسا، ومارس في حياته العملية مهنة التدريس للقانون الدولي والدستوري والجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية في جامعات عدة بكلا البلدين. 

بدأ عام 2000 التدريس في كلية بيروت الحربية، وأصبح أستاذا متفرغا في الجامعة اللبنانية، وفي نفس العام عينه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي مستشارا له حتى تاريخ تعيينه عام 2013 سفيرا لدى ألمانيا.

 

رعاية ميقاتي له سمحت له بتمثيله أيضا أمام اللجنة الخاصة المكلفة بوضع قانون الانتخابات الجديد في عامي 2005 و2006.

أكمل ميقاتي رعايته لرجله "المفضل" أديب حين طرح اسمه بقوة مع رؤساء الوزراء السابقين، بمن فيهم سعد الحريري زعيم "تيار المستقبل"، والذين أيدوا الترشيح دون اعتراضات، وفقا لحسابات خاصة بكل رئيس وزراء ممن حضورا الاجتماع.

وبالتالي يحظى أديب بثقة "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" و"الحزب الاشتراكي"، فيما خرج رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن الإجماع، وأعلن أن حزبه ينسب اسم نواف سلام لرئاسة الحكومة، الذي شكر بدوره داعميه بعد تلاشي فرصة تشكيله الحكومة نهائيا. 

 

اقرأ أيضا: هكذا تغير تمثيل طوائف لبنان منذ "الطائف" (إنفوغرافيك)

وسيكون مصطفى أديب هو رئيس حكومة "التوافق النادر" الذي سيجلس في "السراي الكبير"، ذلك الصرح الأثري العثماني الكائن في بيروت، والذي تدار منه البلاد.

ويقال إن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لعب دورا في حدوث "التوافق"، فرئيس الوزراء المرشح يحمل الجنسية الفرنسية وزوجته سيدة فرنسية الأصل.

وربما يعود سبب مرور ترشيح أديب بسهولة ويسر إلى كونه ليس سياسيا ولا ينتمي إلى أي تيار أو حزب، ولم يشارك في أية مواقف أو مفاصل تتعلق بالصراع الطائفي في البلاد وليس من "نتاج" الحرب الأهلية في لبنان.

 

وفي النهاية، فإن المشهد بالبلاد اليوم كان ليقوده إلى السراي الكبير عبر أي من تلك الطرق.

ومع هذا يواجه مصطفى أديب مهمة قد يصفها البعض بـ"المستحيلة"، وتتمثل بإحداث تغيير سياسي وإجراء إصلاحات ملحة لإنقاذ البلاد من أزمة غير مسبوقة.

وتقول صحيفة "الأخبار" اللبنانية إن أديب شخصية معتدلة غير صدامية، لكن في سجله "نقطة سوداء"، هي راتبه. فبعد تعيينه سفيرا، رفع دعوى على الدولة اللبنانية أمام مجلس شورى الدولة مطالبا بضم "خدمات مع مفعول رجعي وزيادة معاشه"، لأنه متفرغ في الجامعة اللبنانية.

 

وكسب أديب الدعوى، وبات يقبض أعلى راتب دبلوماسي قدره 33 ألف دولار شهري.

كونه "مسالما" وليس رجل مواجهات ولا يبدي مواقف حادة، لم يمنع منتقديه من وصفه بأنه "نسخة" أخرى عن رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي دخل الحكومة من بوابة الاختصاصيين و"كبلته" القوى السياسية، ومن بينها تلك التي دعمت وصوله وعلى رأسها "حزب الله".

وفيما أبدت قوى إقليمية وعربية دعمها للحكومة، فقد صدرت تلميحات من مقربين من دول خليجية مثل رجل الأعمال بهاء الحريري، شقيق رئيس الوزراء السابق، انتقدت أديب واعتبرته "وكيلا آخر لنظام لبنان القديم.. ومن غير المقبول أن يدير أمراء الحرب والميليشيات بلدنا، ونحن بحاجة إلى تغيير كلي للوصول إلى لبنان الجديد". 

ويرى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يتواجدون بشكل يومي في المظاهرات أن ترشيح مصطفى أديب هو "إنتاج فرنسي"، وأن ثمة "تضخيما" لدور حكومته التي ستكون قصيرة ولن تتعدى العام الواحد، وستنحصر وظيفتها في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان دوليا والتحضير لانتخابات نيابية ومعالجة تداعيات انفجار مرفأ بيروت.