ملفات وتقارير

لماذا تتصاعد الهجمات ضد أمريكا قبل زيارة الكاظمي لترامب؟

الكاظمي يزور واشنطن 20 أغسطس الجاري للقاء ترامب- وكالة الأنباء العراقية

ارتفع منسوب الهجمات العسكرية ضد القوات الأمريكية في العراق، وذلك بالتزامن مع استعدادات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لإجراء زيارته الرسمية الأولى إلى الولايات المتحدة في 20 آب/ أغسطس الجاري، لخوض الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي مع واشنطن.

وخلال شهر واحد فقط، سُجلت خمس هجمات ضد التواجد الأمريكي بالعراق، كان آخرها انفجار عبوة ناسفة، الثلاثاء، استهدفت رتلا عسكريا قرب قاعدة التاجي شمالي بغداد، الأمر الذي أثار تساؤلات عن الرسائل المراد إيصالها من خلال هذه الضربات قبل لقاء الكاظمي مع ترامب.

رسائل مختلفة

وتعليقا على الموضوع، قال المحلل السياسي نجم القصاب، في حديث لـ"عربي21"، إن "تصعيد الضربات العسكرية ضد القوات الأمريكية ما هي إلا ورقة ضغط على الكاظمي، بعد تسريبات عن مضامين لقائه برئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب خلال زيارته إلى واشنطن".

وأكد القصاب أن الضربات تحمل رسائل، مفادها أن على الكاظمي التفاوض لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وإلا فإنه بعد رجوعك من واشنطن مع عدم إخراجها، ستُصعّد هذه الضربات، بالتالي يتحول العراق إلى فوضى أكثر مما كان عليه في السنوات الماضية.

الأمر الآخر، يرى القصاب أن "الضربات فيها ضغوط على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات على إيران، لأن الأخيرة بدأت تتأثر بها خصوصا انهيار التومان أمام العملات الأجنبية، وكذلك المظاهرات الداخلية، والعزلة العربية والدولية لطهران".

 

اقرأ أيضا: الكاظمي يلتقي ترامب بهذا الموعد.. وملفات هامة لبحثها

ولفت إلى أن إيران "لديها أوراق ضغط للتخفيف من العقوبات عليها، وأن الضربات العسكرية هذه لإظهار إيران بأنها تمتلك القوة داخل العراق واليمن ولبنان وسوريا، وكل ذلك يشكل ضغطا على الولايات المتحدة".

ونوه القصاب إلى أن الضربات تحاول أيضا إضعاف موقف رئيس الولايات المتحدة الحالي أمام الديمقراطيين أولا والجمهورين ثانيا، للقول إنه إلى أين وصلت أمريكا بسبب السياسات الفردية التي ينتهجها ترامب".

ابتزاز سياسي

من جهته، قال الخبير العسكري والأمني أحمد الشريفي، لـ"عربي21"، إن "سير الأحداث يشير بوضوح إلى وجود نوع من الاستهداف للحكومة العراقية، وتحديا خلال الفترة التي تسبق الحوار مع واشنطن، والغاية منها جعل الحكومة تنساق إلى رغبة الأحزاب التي لا تريد بقاء القوات الأمريكية".

وأشار إلى أن "الضغوطات تأتي بأوجه متعددة، منها ضرب القوات الأمريكية، واستخدام البرلمان والحلفاء السياسيين لإصدار قرارات، واستهداف المتظاهرين والاختطاف والجريمة المنظمة، وإيجاد جيوش إلكترونية تثير الهلع والرعب وتبث أخبارا كاذبة، كلها الغرض منها خلق حالة من الاضطراب؛ للضغط على صانع القرار السياسي بالعراق".

ولفت الشريفي إلى أن "الجماعات المسلحة التي تستهدف الأمريكيين تدرك أن الوجود الأمريكي أكبر بكثير من أن تجعل الولايات المتحدة تغير من منظومة تحالفاتها برشقات من صواريخ كاتيوشا، لذلك هم يريدون الضغط على صانع القرار العراقي؛ رغبة في جعل القرار وطنيا".

 

اقرأ أيضا: بلومبيرغ: الانتخابات المبكرة بالعراق لن تنقذ الكاظمي

وبخصوص الحديث عن رسائل للداخل الأمريكي، رأى الشريفي أن "كل هذه العمليات من حيث الجدوى، تعبويا وعسكريا، على أنها سترغم الولايات المتحدة على الانسحاب، وما إلى ذلك، أمر مستبعد، وبالتالي حتى إن حصلت، فهي لا تحمل مضامين يمكن أن تؤثر على الانتخابات داخل الولايات المتحدة".

وأوضح أن "الداخل الأمريكي غير معني في الهجمات، لأن دول الرفاه أفرادها غير معنيين بالشأن الخارجي، بقدر ما يعنيهم منسوب الرفاهية في الداخل. وفي تقديري، هذه الهجمات تفهم على أنها ضغط سياسي على الحكومة العراقية، وهي أقرب إلى الابتزاز".

تخوف شيعي

وعبرت قوى سياسية شيعية قريبة من إيران عن تخوفها من زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة، لإكمال الحوار الاستراتيجي مع واشنطن، حسبما صرّح النائب مختار الموسوي في حديث سابق لـ"عربي21".

وقال الموسوي في حينها، وهو عضو في تحالف "الفتح"، بقيادة هادي العامري، إنه "بالفعل هناك تخوف من هذه الزيارة التي ستجري خلالها حوارات بين الجانبين الأمريكي والعراقي، ونحن لن نقبل بأي اتفاقيات أخرى خارج سياق هذا الحوار الاستراتيجي".

وأضاف أن "مصطفى الكاظمي حتى وإن كان رئيسا للحكومة، لا يمكن له أن يقرر رسم السياسة الخارجية للعراق، وبما يتفق واستراتيجية البلد خلال عشرة أو عشرين عاما المقبلة".

وأوضح أن "تحالف الفتح سيطلب لقاء الكاظمي قبل سفره إلى واشنطن؛ للاطلاع على أجندة الزيارة، فلا بد من الجلوس مع رئيس الحكومة؛ لمعرفة مضمون الزيارة، وما الذي يمكن أن يترتب عليها لاحقا".

وأشار الموسوي إلى أن "جلوس الكاظمي مع ترامب خطوة حساسة بالنسبة لنا، وعليه أن يكون حذرا في اتخاذ القرارات خلال اللقاء، ولا بد أن تطلع القوى السياسية على ماذا وقّع، وما الذي اتفق عليه الجانبان"، مشددا على أن "القوى السياسية إذا لم تقتنع بالاتفاقيات فستنقضها في البرلمان".

يذكر أن البرلمان العراقي صوّت في 5 كانون الثاني/ يناير الماضي، بالأغلبية على إنهاء الوجود العسكري الأجنبي، بعد أيام من مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، رفقة أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، في قصف جوي أمريكي قرب مطار بغداد الدولي.

وكانت فصائل شيعية مسلحة، بينها كتائب "حزب الله" العراقي، هددت باستهداف القوات والمصالح الأمريكية بالعراق، في حال لم تنسحب امتثالا لقرار البرلمان القاضي بإنهاء الوجود العسكري في البلاد.