كتاب عربي 21

ورقة جديدة وخطة بديلة للقاهرة في ليبيا

1300x600

استقبل السيسي وفد القبائل الليبية، وعبر هالة إعلامية وظهور ذي بهرج أعلن أنه سيدخل ليبيا عسكريا بطلب منهم، وليطمئن جموعا كبيرة من بينهم شيوخ وأعيان قبائل قلقون من الورقة المصرية الجديدة في ليبيا، أعلن أنه سيخرج من ليبيا بأمر منهم.

بالقطع لم تكن الزيارة طوعية، فالسياسة المصرية، التي تتسم بالتخبط، اتجهت إلى ورقة القبائل وشيوخها لفتح مساحات للمناورة داخل ليبيا بعد أن ضاقت عليها السبل بالفشل في التعويل على الاجسام السياسية والعسكرية، من برلمان وحكومة مؤقتة وجيش.

لماذا القبائل ولماذا الشيوخ؟

رهان القاهرة على البرلمان والجيش التابع له ودعمها الكبير لهما أوصلها إلى مأزق أفقدها الأوراق التي كانت تتصور أنها من خلالها يمكن أن تؤمن استقرارها والحصول على جزء من الكعكة عبر الاستفادة من الثروة الليبية التي أعلن ساسة ونخب مصرية أن مصر حرمت منها لعقود.

صار برلمان طبرق جسما بلا روح بعد سلسلة من الممارسات الخاطئة والتي كان من نتائجها سلبه الشرعية وتجيير مواقف من تبقى من أعضائه، الذين لا يتعدى عددهم الـ30 عضوا، لمصلحة رئيسه أو لخدمة مشروع حفتر.

 

يتفق كل أو جل من عارضوا العدوان على طرابلس أن من بين أهداف حفتر وحلفائه الإقليميين عسكرة الدولة والقضاء على الأجسام السياسية والاجتماعية والعسكرية التي تتطلع إلى قيام دولة مدنية يحكمها الدستور ويخضع فيها الجيش لسلطة مدنية منتخبة.

 



أما الجيش التابع للبرلمان فقد أدى تهور وعنترية قائده إلى هزيمة لم تفقده حضوره في الغرب الليبي فحسب، بل سلبته النفوذ في الجنوب، وخلخلت قاعدته في الشرق، وكان من أهم تداعياته تملص الأطراف الإقليمية والدولية من دعمها لحفتر وذلك بعد فشل مغامرته في طرابلس والكشف عن انتهاكات وجرائم خطيرة أصبحت محط الاهتمام دوليا.

مخطط القاهرة أحبط بدعم تركي لحكومة الوفاق المتآمر عليها من قبل حلف إقليمي مصر شريك فيه، وفشل الجيش والمليشيات الأجنبية في مواجهة الحلف، فصار الاتجاه إلى القبائل كمحاولة أخيرة لتعظيم التحديات أمام الوفاق المدعومة تركياً.  

القبائل والعمق الاستراتيجي لمصر

القفز إلى المنتظم الاجتماعي الليبي عامة، والبرقاوي خاصة، ومحاولة اللعب على وتره وتوظيفه في التدافع والاستقطاب الإقليمي والدولي أمر خطير، وأشبه ببرميل البارود القابل للاشتعال والانفجار في حقل ملغوم الشرر يتطاير في كل جنباته.

أخبرني من أثق في معلوماتهم أن السلطات المصرية تتحرك بحيوية داخل المكونات الاجتماعية في الشرق المصري، وبعض مناطق وجود القبائل التي لها امتداد في ليبيا، والغرض هو حفزهم للمشاركة في أي خطوة تقدم عليها القاهرة تتعلق بالتدخل في ليبيا.
 
ولأن ملف القبائل المصرية ذات الامتداد في ليبيا، أو التي كان لها وجود في برقة، شديد التعقيد وشديد الحساسية، ويشكل تهديدا لقبائل برقة، لجأت القاهرة إلى التعبئة ضمن المنتظم الاجتماعي القبائلي الليبي والبرقاوي في محاولة لاستخدامه كأداة ضغط في هذه المرحلة، ووسيلة لخلط الأوراق في مرحلة لاحقة.


المنتظم القبلي والتشويش على المنتظم المدني

يتفق كل أو جل من عارضوا العدوان على طرابلس أن من بين أهداف حفتر وحلفائه الإقليميين عسكرة الدولة والقضاء على الأجسام السياسية والاجتماعية والعسكرية التي تتطلع إلى قيام دولة مدنية يحكمها الدستور ويخضع فيها الجيش لسلطة مدنية منتخبة.

وقد كان من أهم نتائج فشل مغامرة الاستيلاء على السلطة بالقوة في العاصمة أن ترسخ الخيار الديمقراطي أكثر، وتراجع مشروع العسكرة وحكم الفرد، فاتجه عرابو العدوان إلى اللعب على وتيرة القبيلة والقبلية بشكل مباشر والدعوة إلى فرضها كرائد لأي تحول أو انتقال أو تسوية للأزمة الليبية، فدعا قادة إقليميون القبائل لتصدر تسوية الأزمة، واتخذت القاهرة خطوات عملية لتعبئة المنتظم القبلي ليفرض واقعا يحقق مصالحها بعد أن فشل البرلمان والجيش التابع له في تحقيق ذلك.