ملفات وتقارير

إجراءات "كورونا" تدفع بعمال الأردن لمواجهة المجهول

تسببت إجراءات الحظر بتوقف ملايين العمال والموظفين عن ممارسة عملهم وتحصيل قوت يومهم- جيتي

يعيش معتصم الهرش (39 عاما)، حالة من البؤس والضيق الشديد، بعد توقف مصدر رزقه الوحيد وهو العمل كسائق سيارة بالأجرة، بعد مرور نحو شهر على قرار الحكومة الأردنية وقف العديد من القطاعات الخدمية والحكومية وحركة السيارات، سعيا لوقف انتشار فيروس كورونا.

 

ويعيل الهرش طفلين، أحمد وهاشم، وهما دون سن العاشرة، ويكاد بصعوبة تأمين احتياجاتهم، بعد توقف دخله بالكامل.

 

وحال معتصم يشبه أحوال آلاف العمال في قطاعات اقتصادية واسعة، تعرضت لخسائر كبيرة؛ بسبب إجراءات الحظر ومنع التجوال وحركة السيارات، ما تسبب لها بخسائر دفعت ببعضها لخيار الإغلاق وتسريح العمال.


برامج حكومية

الحكومة الأردنية وتحت وطأة الوضع الاقتصادي الصعب، الذي يعيشه عمال المياومة، أصدرت الخميس الماضي أمر دفاع رقم 9 استنادا لقانون الدفاع، والذي حدد آلية تعويض للمتضررين من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي.

وفي هذا الصدد أطلقت مؤسسة الضمان، برامج (تضامن 1،2،3)، وبحسب الناطق باسم المؤسسة موسى الصبيحي، والذي صرح لـ "عربي21" فإن تضامن 1 يشمل المنشآت المسجلة بالضمان والتي يستطيع الموظفون فيها الحصول على 50 بالمئة من رواتبهم، كبدل تعطل مؤقت، وبحد أدنى 165 ديناراً وبحد أعلى 500 دينار، شريطة أن يكون للموظف العامل 12 اشتراكا بالضمان أو أكثر".

أما البرنامج الثاني، وهو للمنشآت غير المسجلة بالضمان، التي تضررت من الإجراءات، فبحسب الصبيحي عليها التقدم بطلب شمول عمالها بتأمين التعطل عن العمل، مع الالتزام بدفع مبلغ 140 ديناراً عن كل عامل، لمرة واحدة فقط، ويمكنها بعد ذلك تقسيط هذه المبالغ على فترة لا تزيد على السنتين بدون فوائد.

 

وفي المقابل فإن العامل يحصل في هذا البرنامج على 150 ديناراً شهرياً بدل تعطل مؤقت، ولا يتحمل صاحب العمل من هذا البدل سوى 50 ديناراً شهرياً.

وحول البرنامج الثالث، أوضح الصبيحي، أنه يشمل "من كان مشتركا سابقا في الضمان الاجتماعي، أو مشتركا اختياريا، وعنده 12 اشتراكا أو أكثر في الضمان، ولا يزيد أجره الخاضع على 500 دينار، فهذا بإمكانه طلب سلفة على حساب اشتراكاته".


شركات تسرح موظفيها


بدوره تحدث "محمد"، وهو شاب يعمل في مقهى في العاصمة عمان، عن تأخر استلامه لراتبه منذ شهرين، وتبلغه من قبل إدارة المقهى قبل فترة قليلة، بأسفها عن قرار الاستغناء عنه و22 من زملائه من العمالة الأردنية والوافدة بسبب سوء الأوضاع التي ترتبت على الحجر.

 

ويقول محمد لـ"عربي21": "نحن 22 موظفا نعمل في مقهى بعمان لم نستلم الراتب منذ شهرين، شباط وآذار، رغم تقديرنا للظرف العام الذي يسود البلد، ومع ذلك فقد جاء قرار الاستغناء عن خدماتنا".

 

اقرأ أيضا : ارتفاع ضحايا كورونا عربيا.. والأردن يدرس إجراءات جديدة

 

وبحسب استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية، التابع للجامعة الأردنية، فإن 67 بالمئة من أصحاب العمل، يفكرون بالاستغناء عن خدمات بعض الموظفين والعاملين، في حال استمرت الأزمة، وإجراءات الحظر والإغلاق لفترة أطول.

بينما قال 44 بالمئة من العينة، وهم من عمال القطاع الخاص، إنهم لم يتسلموا رواتبهم عن شهر آذار وإن 36 بالمئة منهم، استدانوا من الأهل والأصدقاء لتدبير أمور معيشتهم.

 

رأس المال.. يهدد

وشهدت المملكة عدة حوادث اعتبرها البعض شكلا من التنمر من أرباب مال ومدراء مؤسسات، واجه فيها عمال وموظفون، سيلا من التحقير والشتيمة، بعد اعتراضهم وتواصلهم مع وسائل إعلام ونقلهم شكاوى قطع رواتبهم أو تقليصها أو تسريحهم من العمل.

 

وعن ذلك تحدثت مديرة راديو البلد، عطاف الروضان، لـ"عربي21"، بالقول إنه "بعد مقابلة أجرتها محطتها مع مدير أحد المستشفيات الخاصة بعمان، وما أثارته المقابلة من ردود فعل على شبكات التواصل، بعد تهجمه على مذيعة المحطة وشتمه لممرضات يعملن لديه، اعترضن على سياسته المالية تجاههن، أصبحنا نتلقى يوميا عشرات الاتصالات والرسائل لعمال تم فصلهم أو توقفت مؤسساتهم عن صرف رواتبهم".

تحذيرات من انتهاكات عمالية

بدوره قال مدير المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، إن الانتهاكات العمالية التي كانت تجري في الخفاء، ويتم إنكارها من بعض أصحاب الأعمال، أصبحت الآن تتم بالعلن وعبر وسائل الإعلام المختلفة.

 

ولفت لـ"عربي21"، تعليقا على ما قاله رئيس نقابة أصحاب المدارس الخاصة ومالك أحد المستشفيات الخاصة، إلى أن ما تحدثوا به يمثل نموذجا لتحدي القوانين والقرارات الحكومية الصادرة بموجب قانون الدفاع.

وكشف عوض عن وصول معدلات البطالة لمستويات غير مسبوقة، مشيرا إلى أنها كانت قبل الأزمة تقترب من 19.2 بالمئة، وبأنها سترتفع إن لم تدعم الحكومة المنشآت الاقتصادية المتضررة، على غرار دول أخرى في العالم.

وفي محاولة لطمأنة العمالة في القطاع الخاص، أصدرت الحكومة في التاسع من نيسان/ أبريل، أمر دفاع رقم 6، وبحسب رئيس الحكومة عمر الرزاز فإن القرار يؤدي لحماية حقوق العمال في مختلف القطاعات الاقتصادية، في ظل التوجه لتشغيل بعض القطاعات تدريجيا مع استمرار حظر التجوال.