الشركة
المصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو) تابعة لوزارة قطاع الأعمال، وهي إحدى أكبر ست شركات من حيث حجم الإنتاج؛ من بين كافة
مصانع الدواء في مصر، وتوقف الإنتاج يوما واحدا تكلفته بضعة ملايين.
وقد أعلنت الشركة مؤشرات نتائج الربع الأول من عام 2019 بحجم إنتاج تجاوز مليار جنيه، بنسبة نمو بلغت 42 في المئة. وأشارت الشركة، في بيان للبورصة في 14 نيسان/ أبريل 2019، إلى زيادة استغلال الطاقة المتاحة لخطوط الإنتاج بنسبة 17.7 في المئة، وزيادة العبوات المنتجة لأكثر من 97 مليون عبوة بنسبة زيادة 33.9 في المئة لنفس الفترة.
وبحسب البيان، شهد تعاون إيبيكو مع شركات توزيع الدواء الكبرى في مصر تحسنا مما سهم في نمو المبيعات إلى أكثر من 895 مليون جنيه خلال الربع الأول من العام الحالي. ولفتت إيبيكو إلى احتلالها المكانة الأولى في مجال تصدير الأدوية في مصر، بنسبة تزيد عن 29 في المئة من إجمالي صادرات الدواء المصنع محليا. وتصدر إيبيكو منتجاتها إلى أكثر من 65 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبدأت محاولات جادة لاختراق أسواق أمريكا اللاتينية (الإكوادور وتشيلي). وأعلنت أنه من المخطط فتح أسواق 15 دولة جديدة خلال السنوات الثلاث القادمة وزيادة الصادرات لدول الكومنولث إلى 30 في المئة..
حقوق مشروعة
وبناء عليه، فقد أصدر
عمال الشركة بيانا يطالبون فيه بحقوقهم المشروعة في وزيادة الأجور من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية. فعمال إيبيكو، وفقا للبيان، كانت لهم طلبات لم تستجب الإدارة لبعضها، وهم لم يعطلوا العمل، لكن الإدارة (وفقا لهذا البيان)
هي من قررت غلق المصنع ابتداء من الخميس (14 تشرن الثاني/ نوفمبر الجاري) إلى حين ما أسمته زوال الأسباب..
وتلك الإجراءات التعسفية التي قامت بها الشركة تتوافق مع الاتجاه العام لسياسات نظام الحكم الحالي في مصر بعد الانقلاب العسكري عام 2013، والتي سعت نحو تقييد الحريات وتحجيم العمل النقابي العمالي. ولم تعد الاحتجاجات العمالية، والتي تعكس عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، تمر بدون تضحيات واسعة، مثل الفصل والنقل والاعتقالات والمحاكمات العسكرية، وبات التدخل الأمني لفض الاحتجاجات حاضرا بقوة. وصحيح أن القبضة الأمنية نجحت بالفعل في عرقلة تمدد الاحتجاجات واستمراريتها لمواجهة سياسة غلاء الأسعار والتقشف على حساب الفقراء، ولكنها لم تنجح في تحقيق هدفها الرئيسي في منع الاحتجاجات بسبب الغلاء، الذي بات هاجسا يقلق مضاجع الملايين من العاملين بأجر.
وفي أول رد فعل دولي على الانتهاكات التي يتعرض لها عمال مصر، طالبت منظمة العفو الدولية الحكومة المصرية بالوقف الفوري للانتهاكات ضد العمال، مشيرة إلى أن عشرات العمال فُصلوا أو حوكموا أو احتجزوا للمطالبة بحقوقهم. المنظمة في بيانها الصادر بمناسبة ذكرى عيد العمال؛ قالت: "ألقي القبض على عشرات العمال والنقابيين في مصر، أو احتجزوا، أو تم فصلهم من عملهم، أو حوكموا أمام محاكم عسكرية، لمجرد أنهم مارسوا حقهم في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، وحرية التجمع".
تقليص دور النقابات
وقد بدأت السلطة منذ 3 تموز/ يوليو 2013 في اتخاذ العديد من الإجراءات لتقليص دور وفعالية النقابات العمالية المستقلة؛ وكان آخرها موافقة مجلس النواب بجلسته العامة يوم 5 كانون الأول/ ديسمبر2017 على "قانون المنظمات النقابية العمالية"، وبتاريخ يوم الثلاثاء 19 كانون الأول/ ديسمبر2017، ونقلا عن وكالة انباء الشرق الأوسط، صدّق السيسي على قانون رقم 213 لسنة 2017 بإصدار قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي، وينص القانون الجديد على إلغاء قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976، والذى كان يسمح بتكوين نقابات عمالية مستقلة خارج اطار الهيمنة للاتحاد العام لعمال مصر، والذي يعتبر منظمة حكومية في حقيقته، وكان لها دور بارز في تحقيق مكاسب عمالية كثيرة من قبل.
وبهذا فقد تم إحكام السيطرة على النقابات العمالية وتحجيم دورها في الدفاع عن حقوق العمال، وهذا يمهد الطريق نحو ضياع الحقوق المشروعة لعمال مصر. وأصبح عمال شركة إيبيكو بين مطرقة الفصل العسفي وضياع حقوقهم المشروعة، وبين سندان الاعتقالات والمحاكمات العسكرية والاضطهاد المجتمعي.