نشرت مواقع مختلفة، على لسان الكاتب البريطاني ديفيد هرست، أن النظام العسكري المصري هدد الرئيس الشهيد محمد مرسي، بأن على الإخوان أن تقرر حل الجماعة، وإلا ستتعرض لعقاب شديد، وبدأ البعض يناقش: لماذا لم يقبل الرئيس بذلك، أو لماذا لا يفكر الإخوان في هذا الأمر، كي يخرج المعتقلون من السجون، بدل ما هم فيه من تنكيل وتعذيب، لهم ولذويهم؟!
سؤال الجدية
والسؤال المهم هنا: هل فعلا السيسي وعصابته التي تحكم مصر بالحديد والنار، جادة في طلبها إن طلبت ذلك، بأن حل الجماعة والتنظيم سيحل مشكلاتهم معهم، وسوف يخرج النظام المعتقلين من السجون؟ ربما ظن البعض أن تجربة عبد الناصر مع من أيدوه من الإخوان من قبل، فأفرج عنهم من المعتقلات، فيما عرف باسم: (تأييد عبد الناصر)، فكل من وقع استمارة، أو كتب طلبا يرجو فيه العفو من عبد الناصر قام فعلا بالإفراج عنه، وكان من هؤلاء مجموعة من الأزهريين، ولذا ظل الكثيرون من أعضاء تنظيم 54، و65، لا ينسون هذه للأزهريين. ربما ظن البعض أن التجربة قابلة للتكرار مع السيسي.
لكن ينسى الجميع أننا نتعامل مع شخص آخر ليس عبد الناصر، الذي لم يطلب حل الجماعة، بل قام هو بإصدار قرار بالحل، ثم قام بسجن عدد كبير منهم، ولكننا مع نظام مختلف تماما، إنه نظام عسكري تربية (كامب ديفيد)، فهو فقط يصدر ذلك للإعلام، أن الإخوان ليس عليها فقط سوى حل الجماعة، ويخرج المعتقلون من السجون، هكذا يتصور البعض بسذاجة شديدة.
ينسى الجميع أننا نتعامل مع شخص آخر ليس عبد الناصر، الذي لم يطلب حل الجماعة، بل قام هو بإصدار قرار بالحل
بغض النظر عن جدية الفكرة ـ فكرة حل التنظيم ـ أو جدواها، فهذا قرار يفكر فيه الإخوان أنفسهم، ويشترك معهم فيها الدوائر القريبة منهم، وقد طرحها من قبل الدكتور عبد الله النفيسي المفكر الكويتي الكبير، وقد نقل وقتها تجربة (حل التنظيم) في قطر، ورددت عليه بمقالة نشرت في موقع (المصريون)، فندت وجهة نظره، وأخبرني الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، فك الله أسره، وقتها، أن المستشار طارق البشري أبلغه أن يحذر الإخوان من التفكير في مثل هذه الفكرة حاليا.
لو كان النظام جادا في طرحه فكرة حل الجماعة، كشرط لإخراج معتقليها، فما موقفه من معتقلين ليسوا من الجماعة، بل ليسوا محسوبين عليها، ومنهم من على خلاف شديد معها، يصل إلى العداء، فهل أفرج النظام عن أبي الفتوح، أو الفريق أحمد شفيق، أو رئيس الأركان سامي عنان، أو المستشار هشام جنينة، وهم ليسوا من الإخوان؟ وهل أفرج عن علاء عبد الفتاح، وأحمد دومة، وغيرهم عددا لا يحصى، ومؤخرا تم القبض على زياد العليمي، ومجموعة من التيار اليساري، يعني مستحيل أن يلتقي مع الإخوان، وإن اتهمهم النظام بأنهم إخوان، يعني لو قامت الجماعة بحل التنظيم، فإن النظام سيخترع تنظيما وهميا، ليحاكم الناس به!
استمارات التوبة
لقد أعلن النظام من قبل، عن توزيع استمارات توبة على المعتقلين، وأن من يوقعها سيتم الإفراج عنه، ووقع البعض ـ وهو قليل جدا ـ ولم يحدث أن تم الإفراج عنهم، بل بقوا كما هم، وهو ما يذكرنا بنظام عبد الناصر، عندما اعتقل أحد المنتمين للإخوان، ومع شدة التعذيب، قرر تغيير ديانته ـ ولو شكليا ـ كي يجنب نفسه المشاكل، وأعلن عن تنصره، ثم جاءت اعتقالات 1965م، وكان القرار باعتقال كل من سبق اعتقاله، فاعتقل الشخص، وكان ينادى عليه في المعتقل باسم: محمد الشهير بجرجس، فيقول: نعم، يا افندم، يعني لم ينفعه حتى تغيير الديانة مع النظام العسكري!!
إن حسبة بسيطة لعدد معتقلي الجماعة في سجون الانقلاب، سنكتشف أنهم ـ وإن مثلوا نسبة كبيرة ـ إلا أن هناك نسبة غير قليلة من معتقليه ليسوا من الجماعة، بل منهم من تركها، وتوهم البعض أن الجماعة لو قامت بحل نفسها، ستجنب أفرادها محنة كبيرة، فهو وهم كبير، لا يقل عن وهم القوى المدنية التي كان يقابلني بعض أفرادها ويقول لي: يا شيخ لو قبل الكتاتني يوم 3 تموز (يوليو) بالحضور مع إعلان السيسي، لجنب الجماعة كل هذا.
لو كان النظام جادا في طرحه فكرة جل الجماعة، كشرط لإخراج معتقليها، فما موقفه من معتقلين ليسوا من الجماعةوهو وهم كبير كما قلت، لأن ما دخل رفض الكتاتني حضور لقاء انقلاب، بشكل سياسي، في أن يعاقب بذلك بالاعتقال، ثم المحاكمة، هو والمهندس خيرت الشاطر، والشيخ حازم أبو إسماعيل، ود. رشاد البيومي، وهل لو رفضت جماعة حضور لقاء سياسي، يتم معها مجزرة (الحرس الجمهوري)؟ هل رفض خيار سياسي يكون الجزاء المذابح التي شهدتها مصر، ثم انقلب السيسي نفسه على شركائه في الانقلاب، تنكيلا وانتقاما، فلم يفلت منه: عبد الحليم قنديل، وغيره.
وفاة الرئيس مرسي ومستقبل الثورة المصرية
الرئيس الإنسان محمد مرسي كما عرفته