تقارير

مختصون يقرأون أسباب "تنصل أنظمة العرب" من قضية فلسطين

مختصون قالوا إن الموقف العربي تحول نحو التطبيع مع الاحتلال دون ربطه بحل القضية الفلسطينية- جيتي

أرجع مختصون غياب الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية إلى العديد من الأسباب الداخلية والخارجية، والتي لعبت مجتمعة دورا في التنصل العربي الرسمي من القضية، في وقت أحيا فيه الفلسطينيون الذكرى الـ71 للنكبة.


وقال الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، إن "القضية الفلسطينية تمر بمنعرج كبير وخطير في ظل التحولات الدراماتيكية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط".

ورأى في حديثه لـ"عربي21"، أن "الموقف العربي على المستوى الرسمي الشعبي تجاه القضية تراجع، ولم تصبح في سلم أولويات المواطن العربي لصالح القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها صعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة، وهو الأمر الذي ترك تداعيات كبيرة على القضية".

 

التطبيع


ونوه أبو كريم، أن "القضية الفلسطينية ومع مرور الذكرى الـ71 للنكبة تقف تحديات مصيرية كبيرة؛ سواء على المستوى الداخلي؛ متمثلة في استمرار الانقسام والصراع على السلطة لاسيما في ظل فشل المصالحة الفلسطينية في إخراج الوضع الفلسطيني من مأزقه؛ أو على المستوى الخارجي؛ المتمثل في تحول الموقف الأمريكي من قضايا الحل النهائي وتنكر اليمين الإسرائيلي لعملية السلام".


ومما فاقم من تلك التحديات، "التحول في موقف بعض الدول العربية التي لجأت لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، دون ربط ذلك بتسوية سياسية للقضية الفلسطينية"، بحسب الباحث.


وأكد أن "مرور ذكرى النكبة في هذه التحديات يضع القضية والمشروع الوطني الفلسطيني في دائرة الخطر الكبير، ما يجعل الدعوة لتوحيد الصف الوطني لمواجهة هذه التحديات ضرورة ملحة قبل فوات الأوان".

 

اقرأ أيضا: بذكرى النكبة.. الجامعة العربية تطالب بحماية دولية لفلسطين

من جهته، أكد الخبير السياسي عبد الستار قاسم، أن "تراجع الاهتمام بالقضية لا يقف عند الساحة العربية بل يمتد للساحة الفلسطينية ذاتها؛ ففعاليات ذكرى النكبة بالأمس ضعيفة وهي أقل بكثير من السنوات السابقة".


وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "القيادة الفلسطينية صنعت ثقافة جديدة بعيدا عن الثقافة الوطنية، وجعلت الناس يهتمون أكثر بشؤونهم الخاصة، وطورت ثقافة تهتم بالهموم الشخصية على حساب الهموم الوطنية، وبالتالي فإن التراجع حاصل".


ونوه قاسم، إلى أنه "في حال استمرار هذا المنحى في الساحة الفلسطينية ووهب المفتاح للساحة العربية، فإن مخططات الأعداء ستمر وستنفذ ونحن نتفرج وندين ونستنكر.."، معتبرا أن "الأمر متعلق بنا كفلسطينيين؛ هل نحن على استعداد أن نغير ما نحن فيه، أم سنبقى في هذه الدوامة المستمرة على مدى أكثر من 25 عاما؟".


وأضاف: "الإنسان يتعلم من فشله، أما نحن ففشلنا على مدى 25 سنة وما زلنا نكابر عبر الحديث عن مشروع وطني"، مؤكدا أنه "إذا صحت البوصلة الفلسطينية؛ فهذا سيؤثر على الساحة العربية وسيعيد عقارب الساعة إلى الوراء".


وردا على سؤال "هل تراجع الاهتمام العربي بالقضية، هو نتيجة تراجع الموقف الفلسطيني الرسمي؟"، قال: "هذا صحيح ولكن ليس كليا، فكلنا يعلم أن الأنظمة العربية هي صنيعة الاستعمار وهي لا تستطيع أن تتمرد عليه، ولكن قيادة منظمة التحرير والسلطة هي التي فتحت الباب واسعا أمام هذا الانحراف العربي الكبير والخطير والواسع".


فرصة عظيمة

 
وتابع: "إذا كان أصحاب القضية قد اعترفوا بالكيان الصهيوني وينسقون أمنيا معه ويلاحقون المقاومة، فلسان العرب يقول: "لماذا أبقى متمسكا بمبادئ عفا عليها الزمن؟"، موضحا أن "قادة العرب الذين لديهم علاقات قديمة مع إسرائيل، ينظرون للقضية على أنها عبء يريدون التخلص منه".


ونبه قاسم، أن "ما قامت به السلطة ومنظمة التحرير خلال السنوات الماضية، شكل فرصة عظيمة لقادة العرب للتنصل من القضية الفلسطينية".


والأربعاء، أحيت جماهير الشعب الفلسطيني ذكرى نكبة فلسطين الحادية والسبعين، وهي الذكرى التي تعيد للذاكرة ارتكاب العصابات الصهيونية عام 1948 أكثر من 70 مجزرة بحق المدنيين الفلسطينيين، وتدمير أكثر من 531 مدينة وقرية، والسيطرة على نحو 774 أخرى، وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من أراضيهم وديارهم.


من جهته، قال المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، إن "هذه الذكرى تمر والشعب الفلسطيني يعاني من الحصار والضغوط الاقتصادية والمواجهات المستمرة التي تعمل على إنهاكه ودفعه إلى حالة دفاعية عن وجوده بدلا من المطالبة بحقوقه المسلوبة".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "في ظل هذه الهجمة والمعاناة، يقف العالم العربي موقف المتفرج من المخاطر التي تواجهها القضية وكأن الأمر لا يعنيهم، بل للأسف وعلى العكس؛ هناك من العرب بدلا من الاكتفاء بالصمت نجد من يحمل الطرف الفلسطيني (الضحية) مسؤولية هذا الواقع ويبرئ الاحتلال الذي هو سبب كل أذى".

 

اقرأ أيضا: فلسطينيو أوروبا يؤكدون تمسكهم بحق العودة ورفضهم لنوايا أمريكا

وأكد أبو عامر، أن "حالة اللامبالاة التي يعيشها العرب مع التطورات المختلفة التي يعيشها المجموع العربي، تساهم بشكل كبير في حالة انهيار وتفكك النظام العربي الإقليمي، خاصة في ظل ثورات الشعوب العربية ضد جلاديها، وهو ما أدى إلى تركيز الأنظمة العربية على مسألة بقائها دون النظر إلى الواقع الفلسطيني الكارثي".

من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، أن "ذكرى النكبة مرت على الشعب الفلسطيني في ظل أوضاع سياسية صعبة تعيشها المنطقة العربية، وحال بعض الدول العربية أسوأ من الحالة الفلسطينية".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "معظم الدول العربية تعاني مشاكل اقتصادية و اجتماعية وسياسية، والتي لا تعاني تتخوف من يأتي عليها الدور"، معتبرا أن "الأمر ليس متعلقا بالاهتمام بل بالانشغال العربي في قضايا كثيرة جعلت القضية الفلسطينية ثانوية بالنسبة لهم".