هاجم الكاتب الإسرائيلي اليساري المعروف جدعون ليفي رئيس الحكومة الإسرائيلية على خلفية تصريحات له بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948.
وخلال كلمة له في مهرجان ضمن حملته الانتخابية قال
نتنياهو: "للمواطنين
العرب أقول: هناك 22 دولة عربية في المنطقة يمكن أن يجدوا فيها تعبيرا عن تطلعاتهم القومية، ليس هناك حاجة لدولة أخرى".
وفي مقاله
بصحيفة هآرتس الإسرائيلية –
ترجمته "
عربي21"- وصف ليفي تصريحات نتيناهو وقال إنها "عبارة من مزيج من الغل والجهل" يؤكده "مزاعم اليمين بأنه لا يوجد شيء اسمه الشعب
الفلسطيني، وأن الفلسطينيين لا يرتبطون بأرضهم".
وأضاف: "لا يوجد افتراءات أكبر من ذلك، والحقيقة الأساسية هي أنه يوجد لدى اليهود دولة بينما ليس للفلسطينيين أي دولة".
واعتبر أن "الفلسطينيين هم أولاد الضرة بالنسبة للعالم العربي، لا يوجد دولة عربية واحدة تريدهم ولا يوجد دولة عربية واحدة لم تغدر بهم، جرب أن تكون فلسطينيا في مصر أو في لبنان. أما في المغرب، فيُرحب بالمستوطن الإسرائيلي القادم من مستوطنة إيتامار أكثر مما يرحب بالفلسطيني القادم من نابلس".
وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أنه أن كان للفلسطينيين 22 دولة عربية كما قال نتنياهو "فإن لليهود الإسرائيليين 200 دولة"، موضحا ذلك بالقول: "ينتمي نتنياهو إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما ينتمي أيمن عوده إلى اليمن، وسيجد نفتالي بينيت نفسه ويتأقلم في سان فرانسيسكو بسهولة أكبر بكثير من أحمد الطيبي في مقاديشو. وينتمي أفيغدور ليبرمان إلى روسيا أكثر بكثير مما ينتمي جمال زحالقة إلى ليبيا. ولا ترتبط عايدة توما سلمان بالعراق أكثر مما ترتبط به أياليت شاكيد التي ولد أبوها هناك. وينتمي دافيد بيتان إلى المغرب، حيث موطئ رأسه، أكثر بكثير من محمد بركة".
وتاليا نص المقال كاملا:
فكرة أن لدى الفلسطينيين اثنتين وعشرين دولة بإمكانهم أن يذهبوا ليعيشوا فيها عبارة من مزيج من الغل والجهل: إنما الفلسطينيون هم أولاد الضرة بالنسبة للعالم العربي، لا توجد دولة عربية واحدة تريدهم ولا توجد دولة عربية واحدة لم تغدر بهم.
ها نحن نسمع نفس الأسطوانة المشروخة تارة أخرى: "إن لدى الفلسطينيين اثنتين وعشرين دولة، بينما نحن مساكين، لا يوجد لدينا سوى دولة واحدة." لم يكن بنجامين نتنياهو أول من استخدم هذه الحجة المعوجة، بل ما فتئت تشكل حجر الزاوية في الدعاية الصهيونية التي رضعناها مع حليب أمهاتنا. في مقابلة له مع تلفزيون تكتل الليكود، قال نتنياهو: "إن لدى المواطنين العرب اثنتين وعشرين دولة، وليسوا بحاجة إلى واحدة أخرى".
إذا كان لدى مواطني إسرائيل العرب اثنتان وعشرون بلداً، فإن مواطني الدولة من اليهود لديهم ما يقرب من مائتين. إذا كان رئيس الوزراء يقصد أنه على المواطنين العرب أن ينتقلوا إلى البلدان العربية، فمن الواضح أن اليهود مدعوون للعودة إلى بلدهم الأصلي: إذن، فليعد الفلسطينيون إلى العربية السعودية وليعد اليهود إلى ألمانيا.
ينتمي نتنياهو إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما ينتمي أيمن عودة إلى اليمن، وسيجد نفتالي بينيت نفسه يتأقلم في سان فرانسيسكو بسهولة أكبر بكثير من أحمد الطيبي في مقاديشو. وينتمي أفيغدور ليبرمان إلى روسيا أكثر بكثير مما ينتمي جمال زحالقة إلى ليبيا. ولا ترتبط عايدة توما سلمان بالعراق أكثر مما ترتبط به أياليت شاكيد التي ولد أبوها هناك. وينتمي دافيد بيتان إلى المغرب، حيث موطئ رأسه، أكثر بكثير من محمد بركة.
فكرة أن لدى الفلسطينيين اثنتين وعشرين دولة بإمكانهم أن يذهبوا ليعشوا فيها عبارة من مزيج من الغل والجهل. ويؤكد ذلك الغل مزاعم اليمين بأنه لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، وأن الفلسطينيين لا يرتبطون بأرضهم، وأن العرب كلهم سواء. لا يوجد افتراءات أكبر من ذلك. والحقيقة الأساسية هي أنه يوجد لدى اليهود دولة بينما ليس للفلسطينيين أي دولة.
إن الفلسطينيين هم أولاد الضرة بالنسبة للعالم العربي، لا توجد دولة عربية واحدة تريدهم ولا توجد دولة عربية واحدة لم تغدر بهم. جرب أن تكون فلسطينياً في مصر أو في لبنان. أما في المغرب، فيُرحب بالمستوطن الإسرائيلي من إيتامار أكثر مما يرحب بالفلسطيني القادم من نابلس.
هناك دول عربية يُعتبر فلسطينيو 1948 فيها أكبر خيانة من يهود تلك الدول. فاللغة المشتركة والدين وبعض المشتركات الثقافية لا تشكل معاً هوية وطنية مشتركة. حينما يلتقي الفلسطيني بأحد من البربر فإنهما يتحاوران باللغة الإنجليزية، وحتى حينها يصبح المشترك بينهما ضئيلاً جداً.
إن الاقتراح القائل بأن على مواطني إسرائيل العرب أن ينتقلوا ليعيشوا في تلك الدول الاثنتين والعشرين لهو اقتراح خسيس ودنيء، ويتجاوز بكثير الإشارة إلى اللغة المشتركة التي تجمعهم. بل يرسم صورة لهم كما لو كانوا هنا ضيوفاً عابرين، ويشكك في عمق انتمائهم وارتباطهم بأرضهم، ويدعوهم إلى المغادرة. ما يثير الدهشة حقاً أن الذين يخرجون علينا بهذه الاقتراحات هم أنفسهم مهاجرون وأبناء مهاجرين مازالت جذورهم في هذ البلد بحاجة لأن تجتاز اختبار الزمن.
لا يقل ارتباط الفلسطينيين بهذا البلد عن ارتباط اليهود، وربما يفوقونهم في ذلك. من المستبعد أن يستحوذ صخب الحصول على جوازات سفر أجنبية على المجتمع العربي كما فعل بالمجتمع اليهود، حيث أصبح الجميع فجأة ينحدرون من أصول برتغالية. بإمكاننا أن نفترض أنه يوجد في تل أبيب ممن يحلمون بالعيش في بلاد أجنبية أكثير بكثير ممن هم في جنين. ومما هو مؤكد أن لوس أنجليس يعيش فيها من الإسرائيليين أكثر بكثير من الفلسطينيين.
لقد عزز العيش في هذه الديار لمئات من السنين الحب لها في قلوب الفلسطينيين بما لهم من تقاليد وبما يحملون من إرث ولا يمكن لمستوطن أن ينافسهم في ذلك. يوجد لدى الفلسطينيين زعتر، بينما لدينا شنيتزل (بفتيك لحم مكسو بالبيض وفتات الخبز). على أية حال لست مضطراً لكي تقلل من شدة ارتباط اليهود بهذا البلد لكي تعترف بعمق ارتباط الفلسطينيين بها.
لا يوجد لديهم مكان آخر يذهبون إليه ولا يرغبون في المغادرة، بينما لا يمكن قول الشيء ذاته في حق بعض اليهود الذين يعيشون هنا. إذا كانوا قد تعرضوا لكل تلك المآسي والهزائم وذلك الكم الهائل من الإهانات ولم يغادروا، فإنهم لن يرحلوا أبداً. من المؤسف أنك لا يمكنك قول الشيء ذاته بحق يهود هذا البلد. لن يغادر الفلسطينيون إلا إذا أرغموا بالقوة على الرحيل. فهل هذا ما كان يومئ إليه رئيس الوزراء في حديثه؟
عندما اقترحت الصحفية الأمريكية هيلين توماس أن يعود اليهود إلى بولندا، أجبرت على الاستقالة. وعندما يقترح رئيس وزراء إسرائيل نفس الشيء بخصوص العرب، فإنه يعبر بذلك عن رأي الأغلبية.
كانت الحركة الصهيونية تحلم منذ نشأتها بطرد الفلسطينيين من هذا البلد. في بعض الأوقات قاتلت في سبيل تحقيق تلك الغاية. إلا أن الناس الذين نجوا من التطهير العرقي في عام 1948 ومن الطرد في عام 1967 ومن الاحتلال وأعماله الشيطانية بشكل عام، هؤلاء بقوا هنا ولن يذهبوا إلى أي مكان، لا إلى الدول الاثنتين والعشرين ولا لأي واحدة منها. لن يجبرهم على الرحيل من هنا سوى نكبة ثانية.