نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب إيشان ثارور، يعلق فيه على تقارير ذكرت أن إدارة دونالد ترامب قد تقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بالكامل في الأسبوع المقبل.
ويقول ثارور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الفلسطينيين لم ينلهم من الرئيس دونالد ترامب سوى الآلام، وليس كما زعم أنه قادر على تحقيق (صفقة القرن) التي ستجلب السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث وقفت إدارته مع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وتخلى عن السياسة الأمريكية المتبعة منذ عقود".
ويشير الكاتب إلى قرار وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، بقطع 200 مليون دولار من المساعدات للفلسطينيين، كجزء من تخفيض واسع للدعم الخارجي، لافتا إلى أن إدارة ترامب صعدت من حملتها ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي تقدم الدعم للاجئين في الضفة الغربية وغزة ولبنان والأردن وسوريا.
ويرى ثارور أن "قلة اهتمام ترامب بمأساة الفلسطينيين يجب ألا تدهش أحدا، فلم يخف الرئيس الأمريكي قربه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رحب بانتخابه رئيسا عام 2016، ودعم خططه لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وصفق لخروج ترامب من المعاهدة النووية مع إيران".
ويلفت الكاتب إلى معارضة وزراء رئيسيين في حكومة نتنياهو لحل الدولتين، الذي طالما دعمته الحكومة الأمريكية، مشيرا إلى أن السفير الأمريكي ديفيد فريدمان يعد من أهم المتحمسين للاستيطان في الضفة الغربية، ودعا قبل تعيينه سفيرا إلى وقف الحديث عن حل الدولتين، "بل إن بصمة ترامب على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية لها، تعد بمثابة رفض لحق الفلسطينيين في القدس الشرقية ودولتهم بشكل عام".
ويفيد ثارور بأن إدارة ترامب تحاول الضغط على الفلسطينيين أكثر، فبحسب تحقيق نشرته مجلة "فورين بوليسي" بداية هذا الشهر، وكشف عن مراسلات لصهر ومستشار الرئيس المكلف بملف التسوية، الذي عبر بوضوح عن رفضه لـ"الأونروا"، وضرورة تفكيكها، خاصة أن إسرائيل ترفضها، وكتب جارد كوشنر "من المهم القيام بجهود صادقة لوقف (الأونروا)"، وزعم في رسالة إلكترونية كتبها في 11 كانون الثاني/ يناير هذا العام أن بقاء "الأونروا" هو بمثابة تأبيد الوضع القائم، وهي "فاسدة وغير فاعلة ولا تساعد على السلام".
ويبين الكاتب أن "هذا الموقف يحظى بدعم من الصقور المتشددين في أمريكا المؤيدين لإسرائيل، وكذلك داعمي نتنياهو، الذين ينظرون لمؤسسات كـ(الأونروا) والسلطة الوطنية على أنها بقرة لحلب المال، وهم ساخطون على (الأونروا)، التي تمنح حق اللجوء لأبناء اللاجئين الذين طردوا من أراضيهم التي أقيمت عليها إسرائيل، فيما يحاول كوشنر والمسؤولون في إدارة ترامب تجريد الفلسطينيين من حق اللجوء، وتحديده بعدد قليل بصفة ذلك وسيلة لحرمان (الأونروا) من التفويض التي تتمتع به في المنطقة.
ويورد ثارور نقلا عن عمود نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" يوم الاثنين، قوله: "يمثل اللاجئون الأمل الفلسطيني لمحو إسرائيل عن الوجود.. دعم (الأونروا) يغذي النزاع ولا يساعد على حله"، مشيرا إلى أن كوشنر كتب في رسالته الإلكترونية بداية العام: "هدفنا هو ألا نحافظ على الأمور كما هي.. أحيانا يجب أن تخاطر استراتيجيا وتكسر الأمور حتى تصل إلى ما تريد".
ويستدرك الكاتب قائلا إن "تكسير الأمور سيضر بالفلسطينيين، خاصة أن (الأونروا) تقدم الدواء والخدمات التعليمية، ففي الضفة الغربية وحدها توفر المدارس والمراكز المهنية لأكثر من 50 ألف تلميذ، ويصل العدد في غزة إلى مليون".
وتنقل الصحيفة عن ديلان ويليامز من مجموعة اللوبي اليهودية الليبرالية "جي ستريت"، قوله إن "محاولة وقف عمل (الأونروا) التي يقوم بها جارد كوشنر -وضد نصيحة البنتاغون والخارجية والمجتمع الاستخباراتي- متهورة وخطيرة"، وأضاف ويليامز، الذي كان يعلق على قطع المساعدات عن الفلسطينيين، قائلا: "فاقمت هذه التخفيضات الأزمة الإنسانية في غزة، وأسهمت بعدم الاستقرار، الذي يقول الجنرالات الإسرائيليون إنه يهدد الأمن الإسرائيلي، وهذا آخر مثال عن اهتمام إدارة ترامب بالإجراءات العقابية ضد الفلسطينيين أكثر من البحث الجاد عن السلام".
ويفيد ثارور بأن الجانب الفلسطيني يرى في إجراءات واشنطن ضد "الأونروا" هجوما وجوديا على العملية السلمية، لافتا إلى أن القادة الفلسطينيين رفضوا التحاور مع الإدارة الأمريكية بعد قرار ترامب بشأن القدس، بالإضافة إلى أن آمال واشنطن بقدرة السعودية على دفع الفلسطينيين للعودة إلى التحاور تراجعت، فيما عبر القادة العرب في الوقت ذاته عن عدم ارتياحهم من تبني ترامب أجندة اليمين المتطرف في إسرائيل.
وتنقل الصحيفة عن المؤرخ للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني يورغين هينسنهوغين، قوله: "من الصعب عقد سلام مع عدوك، لكن من المستحيل صناعة السلام دونه.. لم تنجح مبادرات السلام من طرف واحد في الماضي ولن تنجح الآن".
وينوه الكاتب إلى أن سفير الولايات المتحدة السابق دان شابيرو قال في تغريدة له، معلقا على قرار الإدارة الأخير، إن "القرار يمثل تحركا رهيبا من فريق ترامب، الذي يفكر على ما يبدو أن الضغط على الفلسطينيين سيدفعهم إلى الطاولة، لن يأتوا".
ويجد ثارور أنه على خلاف ذلك، فإن قرارات ترامب ستشجع على التطرف وانهيار السلطة وتهديد إسرائيل، كما قال المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن ليرنر كتب في صحيفة "هآرتس" أن صفقة القرن لن تصنع مع إسرائيل فقط، لافتا إلى أن دفع الفلسطينيين للإذعان سينفجر على باب إسرائيل.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
بلومبيرغ: كيف بدأت علاقة كوشنر مع روسيا؟
فورين بوليسي: لهذا ستجمد واشنطن أموال المساعدات للفلسطينيين
النص الكامل لمقال الرئيس التركي أردوغان في "نيويورك تايمز"