كشفت صحيفة "أوبزيرفر"، في تقرير أعده كل من إيان كوبين وجيمي دوارد، عن تقديم وكالة الاستخبارات الخارجية البريطانية "أم آي 6" أسئلة لمحققي "سي آي إيه"، كانوا يحققون مع سجين تم تعريضه 83 مرة لأسلوب الإيهام الغرق، وهو ما كشف عنه التقرير البرلماني.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تعاون المخابرات الخارجية البريطانية جاء مع معرفتها بأن الرجل، وهو
أبو زبيدة، عرض لأسلوب الإيهام بالغرق.
ويكشف الكاتبان عن أن أبا زبيدة هو السجين الوحيد الذي طبق عليه "أسلوب التحقيق المدعم"، الذي يقوم على 12 طريقة، تشمل الضرب، والحرمان من النوم، ووضعه في صندوق ضيق.
وتورد الصحيفة نقلا عن لجنة الاستخبارات والأمن قولها بعد أربع سنوات في تقريرها، الذي أعلنت عنه يوم الخميس، إن "
بريطانيا كانت على علم بالمعاملة المتطرفة، وربما
التعذيب" لأبي زبيدة، مشيرة إلى أن هذه المعرفة لم تمنع لا "أم آي 6" أو المخابرات الداخلية "أم آي 5" في الفترة ما بين 2002 و2006، من إرسال أسئلة ليتم طرحها على المعتقل، وهي الفترة التي مارست فيها "سي آي إيه" أسلوب الإيهام بالغرق وطرق تعذيب أخرى.
ويلفت التقرير إلى أن المخابرات الخارجية قد لا تكون على معرفة بالظروف الحقيقية لأبي زبيدة، الذي فقد إحدى عينيه عندما كان محتجزا، إلا أن مسؤولا بارزا كان يعلم بهذه الظروف لاحظ أن "نسبة 98% من القوات الأمريكية الخاصة كانت ستنهار لو تعرضت للأساليب ذاتها".
ويفيد الكاتبان بأنه تم استخدام عدد من التصريحات التي انتزعت من أبي زبيدة تحت التعذيب، على أنها أدلة على وجود علاقة بين تنظيم القاعدة ونظام صدام حسين البعثي، وذلك أثناء الفترة التحضيرية لغزو العراق عام 2003، مع أنه ثبت أنه لم تكن هناك أي صلة بينهما.
وتذكر الصحيفة أن أبا زبيدة الفلسطيني، المولود في السعودية، اعترف بأن تنظيم القاعدة حاول تصنيع قنبلة بدائية نووية وضرب واشنطن بها، وتبين أن هذا الزعم كاذب أيضا، مشيرة إلى أن التحقيق البرلماني توصل إلى أن ضباط الاستخبارات البريطانية كانت لهم علاقة بحوالي 600 حالة تمت فيها إساءة معاملة المعتقلين في مرحلة ما بعد
11/ 9، وأن بريطانيا خططت ووافقت لدعم 31 حالة ترحيل قسري.
وينقل التقرير عن الشرطة البريطانية "أسكتلند يارد"، قولها إنها تقوم بدراسة التقرير وسط مظاهر قلق من أنها لو لم تقم بالتحقيق فلربما قامت به محكمة الجنايات الدولية، مشيرا إلى أن بعض النواب يدعون إلى تحقيق يقوده قاض؛ لأن رئيسة الوزراء تيريزا ماي لم تسمح بالتحقيق مع ضباط الاستخبارات من الصفوف الدنيا والوسطى، ولم تستدع اللجنة البرلمانية لا وزير الخارجية في حينه جاك سترو، أو وزير الداخلية ديفيد بلانكيت للشهادة.
وينوه الكاتبان إلى أن اللجنة استمعت إلى أن "إسكتلند يارد" قامت بالتحقيق في زعم لم يثبت، وهو قيام ضابط استخباراتي بضرب سجين بمضرب بيسبول، فيما قال ضابط آخر إنه حقق مع معتقل تم حرمانه من النوم لثلاثة أيام، وأجبر على الجلوس بطريقة غير مريحة في قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، وكتب الضابط واصفا حالة المعتقل: "كان يرتجف بعنف من البرد والتعب والخوف"، مشيرا إلى أنه والجيش الأمريكي وافقوا على مواصلة الضغط لمدة 24 ساعة أخرى.
وتقول الصحيفة إن ضابطا من "أم آي 6" اعترف بأنه هدد معتقلا بنقله إلى غوانتانامو، قائلا إن زوجته قد تصبح عاهرة من أجل إطعام أطفاله، مشيرة إلى أنه عندما سمع مسؤول في وزارة الخارجية صراخا قادما من مربط للطائرات في قاعدة في باغرام في تشرين الأول/ أكتوبر، فإن الإدارة وافقت على فتح الموضوع مع الحكومة الأمريكية، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن أمرا كهذا حدث.
ويبين التقرير أنه عندما أثار ضابط من "أم آي6" مخاوف من الطريقة التي يحتجز فيها
المعتقلون، في زنازين طولها متران، وعلوها 1.8 متر، وعرضها 1.2، فإنه شعر أن الطرف الآخر لم يكن راضيا، وكأنه تخلى عنه عندما تحدث عن الحقيقة غير المريحة.
ويشير الكاتبان إلى أن محاميا للمخابرات زار مكان الاعتقال وصفه بمركز التعذيب، حيث تم احتجاز المعتقلين في صناديق خشبية لا يستطيعون الوقوف فيها أو الجلوس، وعرضوا فيها للأصوات المزعجة، لافتين إلى أنه لم يتم تحديد مكان المعتقل في التقرير المرفق، لكن يعتقد أنه كان في قاعدة بلد الجوية، في شمال العاصمة العراقية بغداد.
وتذكر الصحيفة أن المحامين التابعين لـ"أم آي6" توصلوا إلى صيغة يتم من خلالها منع إرسال أي معتقل تلقي القوات البريطانية القبض عليه إلى هذا المعتقل، وبدلا من ذلك فإنه يتم التحقيق مع المعتقلين في غرفة متحركة إلى جانب السجن الذي يعودون إليه بعد الانتهاء من التحقيق معهم.
وبحسب التقرير، فإن ضابطة "أم آي6" قدمت أسئلة لمعتقلين كانت تعرف أنهم يعانون من الجوع والعطش، وحرموا من النوم، وأسيئت معاملتهم من خلال استخدام دم الحيض، لافتا إلى أن ضابطا اقترح إجبار السجناء على استعراض زنازينهم، بعد تثبيت أوزان من 14 كيلو غراما حول رقابهم، وتعريضهم للأضواء الخاطفة والموسيقى المزعجة، إلا أن مقترحه رفض.
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أن التفاصيل المدفونة داخل التقرير صادمة إلى درجة أنها ستثير الدعوات لإجراء تحقيق عام في نشاطات الأمن والاستخبارات البريطانية في الخارج.