طالب العديد من مؤيدي الانقلاب في
مصر بعودة
مجلس الشورى، الغرفة الثانية للبرلمان، ضمن حملة يطالبون فيها بتعديل عدد من مواد
الدستور المستفتى عليه منذ نحو ثلاث سنوات، والذي ألغى المجلس؛ بداعي عدم حاجة البلاد لوجوده.
ويقول مراقبون إن النظام يسعى لعودة مجلس الشورى؛ لمكافأة المئات من المقربين منه، عبر تعيينهم في هذا المجلس؛ لضمان ولائهم، كما كان يفعل الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي حول التعيين في مجلس الشورى إلى مكافأة نهاية الخدمة لكبار مساعديه.
حملة ممنهجة
وبدأت الحملة المطالبة بعودة مجلس الشورى بتصريحات صحفية مطلع الشهر الجاري لرئيس مجلس النواب وأحد أعضاء لجنة الخمسين، التي كتبت الدستور الحالي، وألغت مجلس الشورى، علي عبد العال، أكد فيها أنه يتمنى أن يعود به الزمن للوراء؛ ليمنع إلغاء مجلس الشورى.
وبعد ذلك، تزعم النائب مصطفى بكري، المقرب من السلطة الحاكمة، حملة للمطالبة بعودة مجلس الشورى، حيث قال في بيان له، الأسبوع الماضي، إن البلاد في حاجة ماسة لغرفة ثانية للبرلمان؛ ليكون بمثابة مجلس حكماء، ويساند مجلس النواب في مهمته الحالية على الوجه الأكمل؛ عبر عدد من الخبراء والمختصين يقومون بدراسة التشريعات قبل وصولها لمجلس النواب.
وكان مجلس الشورى أنشئ عام 1979، ويضم 270 عضوا، يتم انتخاب ثلثيهم، فيما يقوم رئيس الجمهورية بتعيين الثلث الباقي.
أخطأنا بإلغاء الشورى
وأيد الدعوة عدد كبير من النواب ورؤساء الأحزاب المؤيدين للنظام، حيث قال النائب كمال أحمد إن العمل بنظام المجلسين يضبط عملية التشريع وعمل البرلمان، مضيفا، في تصريحات لقناة "صدى البلد"، أن وجود مجلسين يجعل كل منهما يستأنس برأي الآخر، خاصة إذا كان أغلب أعضاء مجلس الشورى من العلماء والتكنوقراط المجردين من الانتماء السياسي".
وأكدت تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، أن قرار إلغاء مجلس الشورى كان خاطئا، مضيفة، في تصريحات لصحيفة "فيتو"، أن التجربة أثبتت خلال الفترة الماضية أن البلاد بحاجة ماسة لمجلس الشورى، حيث شعر الجميع بضعف أداء البرلمان الحالي.
كما أيد الفقيه الدستوري الموالي للنظام، شوقي السيد، عودة مجلس الشورى لتحسين العمل التشريعي، مؤكدا في تصريحات لصحيفة "فيتو" أن إلغاءه كان قرارا خاطئا.
وأكد موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، أن مجلس الشورى له مهامه الخاصة التي لا يستطيع مجلس النواب أن يقوم بها؛ لأن صلاحياته مختلفة عن مجلس النواب، كما أكد اللواء محمد غباشي، نائب رئيس حزب "حماة الوطن"، ضرورة عودة الغرفة الثانية من البرلمان.
غطاء على الفساد
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، محمد السعيد، إن الدستور الذي أقر عام 2014 ألغى وجود مجلس الشورى؛ لأنه كان يكلف الدولة مليارات طائلة، دون أن يكون له دور فعلي في الحياة السياسية، فهو مجرد صورة تكميلية للنظام الحاكم فقط لا غير.
وأكد السعيد، في تصريحات لـ"
عربي21"، أن من يطالب بعودة الشورى من جديد هم طبقة المنتفعين من أصحاب المصالح ورجال الأعمال، الذين يريدون الحصول لأنفسهم على سلطة تشريعية وحصانة برلمانية تحمي مصالحهم وتجارتهم، وتكون ستارا لأعمالهم المشبوهة والفساد، الذي بدأ في عهد مبارك وتزايد في عهد
السيسي.
وحول كيفية استفادة نظام السيسي من عودة مجلس الشورى، قال محمد السعيد إن السيسي يريد زيادة طبقة مؤيديه؛ عبر زيادة عدد نواب البرلمان التابعين له، الذين يؤيدون النظام في قضاياه المحلية والدولية، ويشتبكون مع المعارضين له في كل الاتجاهات.
الهيمنة على الحياة السياسية
الباحث السياسي جمال مرعي قال إنه يرفض فكرة عودة مجلس الشورى من الأساس، مؤكدا أنه ليس له دور فعلي في الحياة السياسية، فضلا عن إهداره أموالا كثيرة على الدولة.
وأضاف مرعي، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن السبب الظاهر لمن يطالبون بعودة مجلس الشورى مرة أخرى هو الرغبة في تخفيف الضغط على مجلس النواب، بحيث يقوم الشورى بدور تشريعي مساعد، باعتبار أن هناك مناقشة مشروعات القوانين في مجلس النواب تأخذ وقت طويلا.
وأشار إلى أن النظام نفسه هو من يريد عودة مجلس الشورى؛ حتى يفرض سيطرته وسيطرة الجبهات الداعمة له، مثل ائتلافات دعم مصر وحزب مستقبل وطن، على الحياة السياسية، وبسط يدهم مرة أخرى على الدوائر الانتخابية؛ كي يضمنوا وجودهم في انتخابات المحليات المقبلة.
ولفت إلى أن انتخابات المجالس المحلية متوقفة منذ أكثر من 7 سنوات؛ لأن مؤيدي النظام لم يجدوا الكوادر الكافية لتأييدهم داخل المحافظات، وهم يخشون من وجود معارضة في المحليات؛ لذلك من الممكن أن تكون انتخابات مجلس الشورى بمثابة "بروفة" لوجود وجوه جديدة داعمة للنظام الحالي، وفرض سيطرة أكثر للنظام.