كتاب عربي 21

من يُصدّق الضبع؟

1300x600
كان للغزلان قائد تمكنت الذئاب منه فقتلته بهجمات مدمرة على كِناسَه (بيت الغزال) أرشدها إليه بعض المتعاونين معها من قومه، ثم قسمت أرض الغزلان إلى عدة حظائر وشيدت بالقرب منها حظيرة للخنازير البرية تعتدي على الغزلان كما تشاء دون حساب، وتمكنت من إقامة علاقات ودية مع كبار الغزلان الذين أداروا الحظائر الجديدة المقسمة، لضمان مراقبة أقوامهم مع نزوع نفر منهم للانتقام للقائد المغدور والالتفاف حول خلف له يكون قائدا عليهم، يعيد بناء الكِناس الأصيل، لكنهم لم يفلحوا بذلك. 

بقي الغزلان مستعمَرين من قبل الذئاب لمئة عام إلى أن ضعفت الأخيرة في الغابة. ومع استمرار غياب الأسود، برزت أنياب الضباع الصاعدة الباحثة عن فرائسها في كل اتجاه، لكنها لم تُرِد إغاظة الذئاب دفعة واحدة، فعززت حظيرة الخنازير بكل ما يمنحها البأس في الصيد وإثارة الشغب وسمحت بفوضى الزواحف في الغابة، ثم استمالت بعض أمراء الغزلان وأبلغتهم أن الغربان أخبرتها بأن جماعة الوعول في الجبال تحضر لهجوم عليهم لتنزع ملكهم الذي ملّكتهم عليه الذئاب، وأكدت الضباع للغزلان أنها ستدافع حتى الموت عن أصدقائها الجدد من الغزلان التي سارعت إلى تقديم نصف مخزونها من المياه والحشائش والأعشاب والشجيرات الجافة لكبير الضباع، كبادرة حسن نية. 

وعلى الخط الآخر، أرسلت الضباع من يسرّ للوعول أنها ترى أحقية الوعل في كَلَأ وكِناس الغزال، الذي لا ينفك بعض مخربيه عن المناداة بانعزال قومهم عن سائر الحيوانات في الغابة، فأقامت الوعول هدنة غير معلنة مع الخنازير لتتفرغ للتحرش بأطراف حظائر الغزلان، لكن هذا لم يؤد إلى الاشتباك الكامل الذي تتطلع إليه الضباع، فالغزلان لم تعِدّ نفسها للمواجهة منذ أن استعمرهم الذئاب. 

قرر الضبع الكبير النزول شخصيا إلى أرض المعركة، فزار أرض الغزلان وجمع قبائلها المتفرقة على معركة باتت قبائل الوعول تنتظرها؛ لأنها لن تكون على أرضها بل على أرض الغزلان، ولأن هناك من وعدها بالدعم والمساندة انتقاما من الغزلان وتاريخهم.

وأعطى كبير الضباع كلمة شرف بألا يترك الغزلان وحيدة في المواجهة فصدّقته، إلا أنه أولم في الليلة ذاتها على شرف كبار وحوش الغابة وطلب من بعضهم مؤازرة الوعول، مؤكدا لهم أنه سيترك الغزلان لمصيرها في حمأة الوطيس، ثم تتقاسم الوحوش المغانم التي لن تسلم منها أرض الوعول.