سياسة عربية

تعليق مصري غريب على غرامتها لإسرائيل.. وخبراء: حكم نهائي

الهيئة المصرية العامة للبترول خسرت القضية وملزمة بدفع التعويضات- أرشيفية
علَّق رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، على قرار إحدى المحاكم السويسرية بتغريم الهيئة المصرية العامة للبترول (هيئة حكومية) مبلغ 1.7 مليار دولار، بالتقليل من شأن الحكم، لكن خبراء قانونيين أكدوا أنه حكم نهائي، وأن مصر ملزمة بتنفيذه.

وقال إسماعيل، في تصريحات صحفية، الأحد، إن ما صدر ليس حكما، مشيرا إلى أن القضية تتمثل في أن محامي هيئة البترول والشركة المصرية للغازات قام بعمل استشكال ضد حكم التحكيم الذى صدر من قبل في أيلول/ سبتمبر 2015، وأن المحكمة السويسرية رفضت الاستشكال.

وكانت المحكمة الفيدرالية السويسرية رفضت قبل ثلاثة أيام طلب استئناف تقدمت به الهيئة العامة للبترول، والشركة القابضة للغازات، ضد حكم بتغريم مصر نحو 1.7  مليار دولار، نتيجة التوقف عن الالتزام بالعقد المبرم مع الجانب الإسرائيلي بتوريد الغاز لمدة 20 عاما.

خبراء قانون: حكم نهائي

لكن خبراء قانون دولي أكدوا أن حكم تغريم مصر ملياري جنيه لصالح "كهرباء إسرائيل" هو حكم نهائي.

وبحسب أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، فإن هذا الحكم الصادر من المحكمة الفيدرالية السويسرية لصالح شركة "كهرباء إسرائيل" نهائي "مبرم"، مشددا على أن الحكومة المصرية عليها الالتزام بتنفيذ الحكم حرفيا، إلا في حالة حدوث مفاوضات ثنائية مباشرة بين الطرفين على كيفية السداد.

وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة "المصري اليوم"، الاثنين، أن الاعتبارات والمصالح السياسية في مثل هذه الأحوال تسود في النهاية.

وأوضح أن الحكم المتقدم كان في باريس، وأنه رفض جميع الدفوع القانونية، التي قدمتها الهيئة المصرية العامة للبترول من أنها غير مسؤولة عن تنفيذ العقد المبرم مع الجانب الإسرائيلي بشأن إمداد الجانب الإسرائيلي بالغاز بكميات محددة، وفي آجال معينة وفقا لشروط العقد.

وتابع أن الدفوع القانونية المصرية كانت تتأسس على أن السبب الرئيسي في عدم وفاء الهيئة العامة للبترول في مد الجانب الإسرائيلي، هو القوة القهرية التي نجمت عن التفجيرات المتتالية لخط الإمداد بالغاز الواصل إلى إسرائيل، وعدم استطاعة السلطات المصرية المختصة، التصدي لهذه الهجمات الإرهابية، التي فجرت خط الغاز لأكثر من مرة، مشيرا إلى أن التفجيرات طالت أيضا الخط الآخر الموصل إلى الأردن.

وأكد سلامة أن محاكم التحكيم الدولية كافة، درجت على الالتزام بهذه القاعدة، إلا في حالات استثنائية محددة، وهي الظروف القهرية التي لا يمكن توقعها أو درؤها، مثل الزلازل والبراكين والفيضانات والكوارث الطبيعية الأخرى، مضيفا: "هنا الأمر جد مختلف"، داعيا السلطات المصرية للاهتمام بقضايا التحكيم التجاري الدولي، حرصا على المصالح الاقتصادية العليا للبلاد، بحسب "المصري اليوم".

ومتفقا معه، قال أستاذ القانون الدولي، عابدين قنديل، إن مصر أصبحت مجبرة على تنفيذ حكم المحكمة الفيدرالية السويسرية الخاص بإلزامها بدفع 1.7 مليار دولار، في القضية التي أقامتها إسرائيل على خلفية تفجيرات خطوط الغاز بين القاهرة وتل أبيب.

وأضاف، في تصريحات نقلتها صحيفة "صدى البلد"، أن مصر قبلت أن تكون طرفا في هذا التحكيم، وبالتالي هي ملزمة بتنفيذ الحكم الصادر، موضحا أن الحديث حول أن الحكم صادر من محكمة خارج الدولة غير صحيح؛ لأن هذا تحكيم دولي، ونحن قبلناه، وبالتالي أصبحنا طرفا فيه، وقدمنا استئنافا على الحكم في 2015 لكن المحكمة رفضته ما يعني أن مصر باتت مجبرة على الدفع طبقا لقرار المحكمة.
وتابع قنديل: "ما صدر من المحكمة ليس حكما بالفعل بل رفضا للاستئناف، ما يعني أن الحكم السابق سار، وأن مصر مجبرة على الدفع، لكن في المقابل هناك مرحلة ما بعد التقاضي، وهذه تكون خارج أروقة المحكمة، وتكون تنسيقات واتفاقات بين الحكومتين"، حسبما قال.

ويُذكر أن بداية الأزمة تعود إلى عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي سمح بتصدير الغاز لإسرائيل من خلال شركة غاز شرق المتوسط، التي كان يملكها رجل الأعمال، حسين سالم، ومع ثورة 25 يناير، وتوالي تفجير خطوط الغاز، التي تنقل الغاز لإسرائيل، قامت وزارة البترول المصرية بفسخ العقد مع إسرائيل باعتباره عقدا تجاريا، وأن اسرائيل تأخرت في دفع المستحقات.

 وعلى إثر ذلك، قامت إسرائيل برفع أربع قضايا على مصر، وذكرت شركة "أمبال" أن الحكومة المصرية لم تكن قادرة على حماية خط الغاز الطبيعي الذي يربط بين العريش المصرية ومدينة عسقلان في دولة الاحتلال، ما نتج عنه تكرر الهجوم على خط الغاز 13 مرة، في الفترة من الأول من شباط/ فبراير 2011 حتى 9 أيار/ مايو 2012، وخسرت مصر حتى الآن قضيتين منهما.

وسبق أن خسرت مصر قضية تحكيم دولية أمام الغرفة التجارية الدولية لصالح إسرائيل للسبب ذاته، في كانون الأول/ ديسمبر 2015، وتعدت قيمة التعويض وقتها 2.2 مليار دولار، ومن المقرر أن يصدر الحكم في القضية الثالثة والرابعة خلال هذا العام، وهي أحكام نهائية، ولا يجوز الطعن عليها، ومطلوب من مصر سدادها في ظل وضعها الاقتصادي الحرج الحالي، وحصولها على قروض كثيرة.