نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تحقيقا أجراه مدير التحقيقات فيها ألكسي مستوروس، يقول فيه إن
العلامات التجارية العالمية المعروفة تقوم بدعم الإرهاب من خلال الإعلانات، مشيرا إلى أن هذه الشركات تقوم بمساعدة المتشددين الإسلاميين وجماعات التفوق الأبيض وأصحاب المواقع الإباحية دون أن تقصد.
ويقول مستوروس إن "إعلانات الشركات الكبيرة والجامعات، بما فيها شركة (مرسيدس بنز)، ومتجر (ويتروز)، و(ماري كري)، تظهر على مواقع تدعو إلى الكراهية وأشرطة فيديو في (يوتيوب)، أعدها ناشطون من
تنظيم الدولة و(كومبات 18)، وهي جماعة عنف مؤيدة للنازية".
ويشير التحقيق، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "هذه الممارسة قد تؤدي إلى تدفق موارد مالية تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات شهريا للجماعات المتطرفة، حيث إن كل إعلان يظهر إلى جانب شريط فيديو، مثلا فإن الشخص الذي يضعه يحصل على 7.60 دولار لكل ألف مشاهد، وتحظى بعض أشرطة المتطرفين على مشاهدة أكثر من مليون شخص".
وتذكر الصحيفة أن وكالات الدعاية، التي تقوم بوضع إعلانات تجارية نيابة عن عملائها، تتهم بأنها تقوم بدفع العلامات التجارية المعروفة في
الدعايات لزيادة أرباح هذه الشركات، مشيرة إلى أن الشركات تعبر عن قلقها من أنها تدفع مبالغ مالية طائلة لشركات الدعاية الإلكترونية، وتتلقى عوضا عن ذلك "دعاية ذات جودة رديئة".
ويلفت الكاتب إلى أن الوثائق التي تعود إلى إحدى هذه الشركات، وهي "توب- 6"، تكشف عن أن 40% من موارد الإعلانات في عام 2015 جاءت من عمولات خفية و"عائدات أخرى".
وقامت صحيفة "التايمز" بتحليل المحتويات التي يضعها
المتطرفون على الإنترنت، التي تكشف أن القائمة السوداء التي صممت من أجل منع الدعاية الرقمية من الظهور إلى جانبها لم تخدم الهدف، لافتة إلى أنه في دعاية لسيارة جديدة من "مرسيدس بنز" على "يوتيوب"، ظهرت إلى جانب فيديو مؤيد لتنظيم الدولة، الذي شوهد أكثر من 115 ألف مرة، حيث تظهر الدعاية التجارية لمدة ثوان بعد بداية الفيديو، الذي يظهر علم التنظيم وسلاحا مضادا للطائرات تم عرضهما على خلفية أغنية جهادية، وتظهر دعاية لسيارة "جاغوار"، الشركة البريطانية، التي تعرض نموذجا جديدا من نوع "أف- بيس سوف".
وينوه التحقيق إلى أن دعاية لـ"ساندلز ريزوت"، وهي شركة سياحة وسفر، ظهرت إلى جانب فيديو ترويجي لحركة الشباب الإسلامي في الصومال.
وينقل مستوروس عن متحدثة باسم الشركة، قولها إنها "بذلت الجهود كلها" من أجل ظهور دعايتها إلى جانب المواد المناسبة، وتضيف أن "يوتيوب" لم يصنف الفيديو على أنه "حساس"، بالإضافة إلى أن دعايات تعود إلى "هوندا" و"ثومسون رويترز" و"هاليفاكس"، وحتى متحف "فيكتوريا أند إلبرت" وجامعة ليفربول، و"أرغوس"، و"تشرتشل رتيرمنت"، و"ويتروز"، ظهرت إلى جانب فيديو وضعه المتطرفون على "يويتوب" من داعمي جماعة "كومبات 18" المؤيدة للنازية.
وتكشف الصحيفة عن أن شركة "غوغل"، التي تملك إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، قامت بحذف عدد من الدعايات التجارية، بعدما نبهتها الصحيفة لهذا الأمر، مشيرة إلى أن عددا من العلامات التجارية المعروفة اتهمت شركات الدعاية بأنها لم تقم بالتصرف خدمة لمصالحها.
ويورد التحقيق نقلا عن المسؤول في شركة "بي أند جي"، التي تعد إحدى كبرى شركات الدعاية في العالم، مارك بريتشارد، قوله: "لدينا سلسلة من الإمدادات الإعلامية التي تأتي من مصادر مشبوهة ومزورة في معظم الأحيان، ويجب تنظيفها".
ويشير الكاتب إلى أن العديد من الشركات قالت إنها لم تكن تعرف عن هذا الأمر، وعبرت عن "قلقها العميق" لوجودها على هذه المواقع، وقامت بتحميل طريقة وضع الإعلانات الرقمية، حيث يتم الاعتماد على برنامج حاسوب معقد يتم فيه شراء جزء من الثانية على صفحة الإنترنت، منوها إلى أن شركات الإعلانات تملك برنامجها الخاص الذي تقوم من خلاله بتحميل الدعايات التجارية دون معرفة أصحاب العلامة التجارية.
وبحسب الصحيفة، فإن إعلانا يعود إلى "كومبات 18" يظهر رجلا مسلحا يقف أمام شعار يحترق لشعار السواستكا "الصليب المعقوف" النازي، ويستقبل دعاية لعلامة الجمعية الخيرية "ماري كري".
ويفيد التحقيق بأن دعاية شرعية لشركة "نيسان" تظهر إلى جانب الصفحة الرسمية على "يوتيوب" لجماعات اليمين المتطرف، مثل الحزب القومي البريطاني "بي أن بي"، ومجلس الدفاع الإنجليزي، لافتا إلى أنه تم الترويج لشركة "سوني" إلى جانب فيديو معاد للسامية "مكر اليهود"، أما متجر "أرغوس" فتظهر دعايته في شريط فيديو إباحي، ويظهر متحف "فيكتوريا أند إلبرت" على صفحات موقع "بريطانيا أولا" المتطرف، وتظهر دعايات مصرف "أتش أس بي سي" إلى جانب مواقع "اليمين البديل" وجماعات إسلامية متطرفة.
ويبين مستوروس أن دعايات "جون لويس" و"ديزني" ظهرت في موقع يقدم محاضرات لأبي أمينة بلال فيليبس الممنوع من دخول بريطانيا، مشيرا إلى أن دعاية لبنك "لويدز" ظهرت على موقع "إيرامسلم"، الذي حظرته الحكومة الأندونيسية الشهر الماضي.
وتورد الصحيفة أن نوابا بريطانيين دعوا شركة "غوغل" لتقديم توضيحات عن السبب الذي يعطي المتطرفين الفرصة للحصول على أموال من الدعايات التجارية، خاصة أن مستخدمي المواقع الذين يحصلون على المال يجب ألا يخرقوا شروط الموقع.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول النائب العمالي تشوكا أمونا: "هذا أمر مثير للقلق"، ويضيف: "لا شك أن شركات التواصل الاجتماعي تستطيع عمل المزيد لمنع المتطرفين من نشر محتوياتهم"، لافتة إلى قول متحدث باسم "غوغل" إن لديهم سياسة "عدم التسامح".