دفع تفجير منطقة الكرادة وسط العاصمة
العراقية، في منتصف ليل السبت الماضي، والذي راح ضحيته بحسب آخر حصيلة رسمية أكثر من 200 قتيل و300 جريح، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى الإعلان عن خطة أمنية جديدة لتعزيز
الأمن في
بغداد والمحافظات. ورغم الترحيب بهذه الخطة، إلا أن مختصين بالشأن الأمني شككوا بتطبيقها أو نجاحها.
ويقول المتحدث الرسمي باسم الحكومة سعد الحديثي لـ"
عربي21"؛ إن الحكومة تسعى جاهدة من أجل تأمين المناطق بما فيها العاصمة، رغم التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد".
وأصدر العبادي عددا من الأوامر للأجهزة الأمنية، من ضمنها سحب أجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدويا (آي دي آي) من السيطرات وإعادة فتح التحقيق في الفساد الذي شاب صفقات توريد هذه الأجهزة، حيث أنها لا تعمل، وبعض هذه الأجهزة التي تم شراؤها من رجل أعمال بريطاني؛ مخصص أصلا للبحث عن الكرات في ملاعب الغولف وليس لكشف المتفجرات.
وأضاف الحديثي أن العبادي أصدر أمرا بالإسراع في نصب أجهزة "رابسكان"، لفحص السيارات على جميع مداخل بغداد وتأمين مداخل المحافظات، فضلا عن "الإسراع في استكمال وإنجاز حزام بغداد الأمني"، وتكثيف الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري فوق العاصمة والمناطق المحيطة لكشف "حواضن الإرهاب".
ومنع العبادي أيضا استخدام جهاز الهاتف النقال من قبل الأجهزة الأمنية عند الحواجز، داعيا إلى إعادة تنظيم السيطرات والحواجز الأمنية بما يخفف على المواطنين والاستعانة بقوات ردع مسنودة بجهد استخباري، كما قال الحديثي.
لكن عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، وصف هذه الخطوات بأنها "متأخرة جدا"، رغم أنها تنطوي على شيء من الصحة، مؤكداً في حديث لـ"
عربي21" أن على العبادي "دعم الأجهزة الاستخبارية، وزيادة عدد عناصرها شريطة ألا يتم تعيينهم على أساس انتمائهم الحزبي".
وشدد عضو اللجنة، على ضرورة "استيراد أجهزة متطورة من شركات رصينة لكشف المتفجرات ووضعها في مداخل المدن والأماكن المهمة، واتخاذ إجراءات رادعة بحق الفاسدين"، لافتا إلى أن هنالك "أطرافاً تريد أن يعيش العراق في فوضى".
وكان أهالي الضحايا قد واجهوا العبادي، الذي زار موقع الحادث صباح الأحد؛ بهتافات ضد طالبته بالابتعاد عن المكان، وتعرض موكب رئيس الوزراء أثناء مغادرته المنطقة للرشق بالحجارة من قبل مواطنين غاضبين.
وبالنسبة للخبير في الشؤون الأمنية، اللواء المتقاعد قاسم العاني، فإن "نقاط التفتيش المنتشرة في عموم العراق غير مجدية"؛ لأن حفظ الأمن في العاصمة وباقي المدن لا يعتمد على سيطرة ثابتة، الأمر الذي يجعلنا نفقد الكثير من الأرواح"، مشيراً إلى أن "أجهزة كشف المتفجرات فاشلة وليست لدينا أجهزة حقيقية للاستخبارات".
واستبعد العاني في حديث لـ"
عربي21"؛ أن تتمكن وزارة الداخلية من كشف خلية إرهابية لها علاقة بتفجيرات الكرادة، مستغرباً من "ترديد مثل ذلك الكلام بعد كل تفجير إرهابي".
وقال: "إذا كانت وزارة الداخلية صادقة في كلامها، فلماذا لا تعرض الخلايا التي تورطت بتفجير مناطق أخرى من العاصمة بغداد التي ذهب ضحيتها المئات من الأبرياء؟".
ورأى العاني أن "الأجدر بالداخلية وسواها من الجهات الأمنية إثبات كلامها بالأفعال من خلال الكشف عن مرتكبي تلك الجرائم الإرهابية، قبل أن يفقد العراق أكثر من 400 ضحية بين قتيل أو جريح في كل مجزرة، لذا فإن تطبيق تلك الخطط سيكون ضعيفا"، وفق تقديره.
أما عوني حمزة، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي، فرأى في حديث لـ"
عربي21"؛ أنه مع استمرار تقدم القوات المشتركة في مختلف القواطع والمناطق خاصة في الفلوجة وفتح صفحة جديدة في الشرقاط وأطراف الموصل يتحرك "الإرهابيون" لسحب المعركة إلى المدن الآمنة والمستقرة، "وتفجيرات الكرادة تندرج في هذا الإطار".
وشدد عوني على ضرورة "تغيير الخطط الكلاسيكية، ووضع استراتيجة جديدة لمكافحة الإرهاب وتفكيك الخلايا النائمة في العاصمة"، إضافة إلى إعادة ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية، حيث باتت هذه العلاقة "ضعيفة وربما منعدمة" في بعض مناطق العراق.
يذكر أن الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد، تشهد توترا منذ منتصف العام 2013، إذ أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، في الأول من تموز/ يوليو الحالي، مقتل وإصابة 2119 عراقيا نتيجة أعمال العنف التي شهدتها البلاد خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، مسجلة انخفاضا مقارنة بشهر أيار/ مايو، مجددة التأكيد أن العاصمة بغداد كانت "الأكثر تضررا".