ذكرت صحيفة "الغارديان" أن
حادث الطائرة المصرية الأخيرة زاد من مخاوف السفر إلى مصر، حيث إنه بعد تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، توقفت الرحلات الجوية من بريطانيا إلى منتجع شرم الشيخ المصري، مشيرة إلى أن حادث طائرة الخطوط الجوية المصرية "أم أس 804" يثير مخاوف مماثلة.
ويشير التقرير إلى أن تحطم الطائرة، التي كان على متنها 66 راكبا، يرفع من المخاوف حول أمن المسافرين إلى مصر، بالإضافة إلى أمن المطارات في أماكن أخرى من العالم.
وتقول الصحيفة إنه مع بدء التحقيقات، لم يستبعد الطرف المصري المالك للطائرة، والفرنسي الذي انطلقت من أراضيه الرحلة، أي فرضية من تحطم إلى عمل إرهابي، لافتة إلى أن طائرة "إيرباص- 320" ذات السجل الجيد في السلامة الجوية، هبطت بسرعة من ارتفاع عال فوق المتوسط، ثم اختفت عن الرادار.
ويستدرك التقرير بأن الرحلة ما بين القاهرة وباريس تثير عددا من التساؤلات، خاصة أن العاصمتين استهدفتا من تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن مصر قبلت، على تردد، الاعتراف بإمكانية وقوع حادث إرهابي وراء الحادث الأخير، لكنها رفضت الاعتراف بأن تحطم الطائرة الروسية "متروجيت"، التي كان على متنها 224 راكبا تسبب به عمل إرهابي.
وتذكر الصحيفة أنه بعد فترة من التحقيقات في حادث الطائرة الروسية، أعلنت روسيا عن نتائج تحقيقها، وقالت إن قنبلة بدائية الصنع كانت وراء سقوط الطائرة، وعلقت موسكو رحلاتها الجوية إلى المنتجع، وتوقف وصول السياح الروس، لافتة إلى أن مسؤول الأمن الروسي ألكسندر بورتينكوف قال إن عملا إرهابيا ربما كان وراء حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية المصرية.
ويلفت التقرير إلى توقف وصول السياح من بريطانيا وروسيا إلى شرم الشيخ، رغم الجهود التي قامت بها الحكومة المصرية لتحسين الأمن، مستدركا بأن سمعتها في مجال
الأمن الجوي تعرضت مرة أخرى لضربة في آذار/ مارس، عندما حول خاطف رحلة محلية ما بين الاسكندرية والقاهرة إلى قبرص، بعدما هدد بتفجيرها عبر حزام ناسف مزيف.
وتنوه الصحيفة إلى أن الهجمات الإرهابية على باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر، والتفجيرات في بروكسل في آذار/ مارس، قادت السلطات إلى تشديد الإجراءات الأمنية على مطار تشارل ديغول، الميناء الجوي الرئيسي للبلاد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى زيادة المخاوف من قيام شخص من داخل المطار في كل من فرنسا ومصر، مندفعا بدوافع تشدد أو مجبرا، بزرع متفجرات داخل المطار أو الطائرات، ولهذا يتم فحص كل شيء من حقائب السفر إلى خدمات الطعام والفنيين والمنظفين، الذين يسمح لهم بدخول المطار.
وتورد الصحيفة أن خبيرا بارزا تحدث، بطريقة خاصة، عن مخاوفه من مطار باريس؛ لأنه كان هدفا لهجمات إرهابية، ولديه تاريخ في نشاطات كهذه، حيث سافر مفجر الحذاء البريطاني ريتشارد ريد من بروكسل إلى باريس، ليتجه منها على متن طائرة إلى ميامي، رغم القلق الأمني الذي أعقب هجمات أيلول/ سبتمبر 2001.
ويبين التقرير أنه في ظل نظام الطوارئ في فرنسا، قامت السلطات بتفتيش خزائن الموظفين، وقامت بفحص ملفات آلاف العاملين في المطار، خاصة من يسمح لهم بدخول المناطق الحساسة في المطار، وتم منع حمل المواد السائلة والكريمات، مثل الجل، إلى منطقة التفتيش الأمني، لافتا إلى أن التفتيش شمل طاقم الطائرات والمسافرين.
وبحسب الصحيفة، فإنه كان على متن الطائرة المصرية ثلاثة من رجال الأمن المصريين، وهو الإجراء الذي تصفه بأنه عادي وموجود في الطائرات المصرية ومنذ عقود، ويستخدم في الطائرات في معظم أنحاء الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الطائرة المصرية لم تكن تحمل بضائع، وكان رجال الأمن فتشوا الطائرة أكثر من مرة خلال الـ 24 ساعة التي سبقت الاختفاء، حيث سافرت الطائرة إلى العاصمة الإريتيرية أسمرا ومدينة قرطاج التونسية، قبل وصولها إلى باريس.
ويستدرك التقرير بأنه رغم الاضطرابات في إريتيريا، والأعمال الإرهابية في تونس، التي قتل فيها العام الماضي 38 سائحا، إلا أن خبراء الأمن يستبعدون نظرية وضع قنبلة في هذين البلدين، أكثر من إمكانية وضعها في باريس.
وتنقل الصحيفة عن مدير الأمن السابق في مطار "هيثرو" نورمان شانكس، قوله إن التعليمات الأوروبية تقتضي القيام بإجراء فحص أمني على كل طائرة تصل ثم تعود بعد وقت طويل، ويضيف أن "مسؤولية الفحص الأمني تقع على الخطوط الجوية، التي يمكن أن تقوم بها، أو تستأجر من يقوم بها، وليس على المطار، وهذا يعني القيام بفحص منطقة المسافرين، وفحص حاويات القمامة والمقاعد وخزائن الطائرة كلها، وتعتمد دقة الفحص وتفاصيله على الأشخاص الذين يقومون به".
ويورد التقرير نقلا عن المحقق في حوادث الطيران والخبير في مجال الطيران في جامعة "لفبره" ديفيد غليف، قوله إن "زراعة القنبلة ربما تمت في باريس؛ لأن طيران مصر لديه طاقم أمني؛ ولهذا فإن ترك القنبلة لمدة طويلة قد يؤدي إلى انفجارها في وقت مبكر، أو من الممكن أن يؤدي إلى اكتشافها في معظم الأحوال"، لافتا إلى أن شانكس يرى أن هناك احتمالا بزراعة القنبلة في أسمرا أو تونس، لكن الأمر يتعلق بتواطؤ أو عجز في التفتيش حدث في باريس.
وتفيد الصحيفة بأن وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس قدم معلومات حول اللحظات الأخيرة للطائرة، التي قال إنها انحرفت بشكل مفاجئ، ثم هبط من علو 36 ألف قدم، مستدركة بأنه مع أن المسؤول اليوناني يشير إلى قيام الطيار بمناورة للسيطرة على الطائرة، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن دقة المعلومات تعتمد على مصدرها.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن آمال المصريين بعودة السياح الأجانب تلقت ضربة جديدة، حيث أعلنت ألمانيا الأسبوع الماضي أنها سترفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى شرم الشيخ، ولم تغير بريطانيا بعد موقفها، وألغت خطوط جوية رحلاتها حتى الخريف المقبل.