مقالات مختارة

عين على الفضائيات.. "افضح تُعرف واهبط تكسب"

مارلين سلوم
1300x600
1300x600
"اهبط بالمستوى لترفع نسبة المشاهدة"، شعار لا ترفعه صراحة بعض القنوات العربية، ولكنها تعمل به بكل وضوح، بل بات هدفها الأول من أجل تحقيق مكاسب مادية ولفت الأنظار بأي شكل. 

وهبوط المستوى يعني فتح خط الابتذال مباشرة على الهواء، فتتحول البرامج إلى عروض "ماسخة" يحلو فيها نشر الفضائح والكلام السوقي والشتائم والسخرية من الجميع، وكأن مقدم أو مقدمة البرنامج أهم من كل "هؤلاء" المشاهير والنجوم وفوق كل الشبهات والهفوات. 

بعض القنوات هدفها غير نبيل وغير بريء من وراء تقديم برامج لا تصلح للمشاهدة لا من قبل الصغار ولا من هم فوق 18 عاما ولا حتى العجائز. برامج تُعتبر سقطة إعلامية بكل معنى للكلمة للقناة، ومعيب جدا أن نضمها إلى قائمة البرامج العربية التلفزيونية. لماذا يختارون هذه النوعية من البرامج "الصفراء"؟ الجواب لم يعد عصيا على المشاهدين، فالكل يعرف أنها من أجل حفنة من الأموال التي سيحصدونها بعد كل إثارة لمشكلة وفضيحة، وبعد كل فيديو ينتشر على يوتيوب يبين عيوب المذيع والألفاظ البذيئة التي يتباهى بها باعتبارها "مصدر قوته وجرأته في الإعلام".

ما هكذا يكون الإعلام، وما هكذا يكون جذب المشاهدين، وما هكذا تكون الجرأة في الطرح. أنت جريء حين تواجه مسؤولا بحقيقة ظاهرة في المجتمع وتناقشه، وأنت جريء حين تتسلح بثقافتك وعلمك وإعدادك الجيد للمادة التي تقدمها، وتواجه الفنان بما لديك لتناقشه في عيوب في المهنة أو في عمله لا أن تفتش عن أسراره فتسرع لفضحها على الشاشة وتسخر منه أيا كان هذا النجم أو الإنسان الذي تتحدث عنه. ما هكذا يكون النقد بأن تهاجم وتنعت بأسوأ الألفاظ شخصية عامة، بل أن تواجهها بأخطائها التي تظهر على العلن وأمام الناس.

من القنوات التي سلكت طريق "افضح تُعرف" و"اهبط تكسب"، قناة "أو تي في" اللبنانية التي تعرض برنامج "ذا غوسب" تقديم إيلي باسيل الذي يعرف عن نفسه بأنه "إعلامي شامل"، ويلقبه البعض ب "نجم الميديا الفضائحية بلا منازع"، علما أنه ظهر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما "فيسبوك". ومع باسيل تشارك الراقصة إلينور زغيب في تقديم ما يسمونه برنامجا، وهو جلسة كلام مبتذل وشتائم ونبش "فضائح" الفنانين. 

لا حدود ولا سقف يكبح جموح باسيل في سباقه نحو بلوغ قمة الشهرة من خلال لفت الأنظار بشتى الوسائل، سواء كانت شكلا أو لفظا أو هجوما وسخرية. ما الهدف من البرنامج (باعتبار أنه من الطبيعي أن تضع كل قناة هدفا لكل برنامج تقدمه للمشاهدين)؟ لماذا "ذا غوسيب" ولماذا إيلي باسيل الذي يحمل قطته "ديفا" معه ويدللها ويقول لزميلته إلينور "أنا وديفا منقلك اخرسي"؟ هل كسبت القناة أعدادا "هائلة" من المشاهدين من وراء الفضائح والميوعة والمشهد غير المقبول والألفاظ السوقية؟ وهل ضمنت معلنين بفضل مقدِّم يصف إعلامية ب "جربوعة" ويريد تصفية حساباته الشخصية من خلال الشاشة؟ وهل مقبول أن نسمي من يُسقط حروف الأبجدية من عليائها لتتحول "ص" إلى "س" وال "ط" "ت" وال "ق" "ك".. "إعلاميا" ونروّج له ونساهم في تلميع صورته؟

كفاكم استخفافا بعقولنا، وكفاكم استغلالا للشاشة وأنتم تلهثون خلف المعلنين والمكاسب ومؤشرات نسب المشاهدة. ولا تعتمدوا على "لعبة" الأرقام والأكثر مشاهدة بفعل الفضائح، فهذه اللعبة أصبحت مستهلكة ومكشوفة وندرك جيدا الفرق بينها وبين إقبال الجمهور على المشاهدة حبا واستمتاعا. ابحثوا عن الرقي والاختلاف بالإبداع واحترام المشاهد أيا كان سنه أو جنسيته. اكبروا بجمهوركم ولا تصغروه وتقللوا من شأنه كي لا يقلل من قدركم ويشطبكم من قائمته بكلمة "بلوك".


(عن صحيفة الخليج ـ 22 نيسان/ أبريل 2016)

التعليقات (0)