مقالات مختارة

اللغط والغضب من اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية

جمال سلطان
1300x600
1300x600
ما أعلن عنه حتى الآن من اتفاقيات اقتصادية بين السعودية ومصر يجعل من زيارة الملك سلمان الحالية الأهم والأفضل لمصر طوال تاريخ علاقات البلدين الشقيقين فالأرقام المطروحة في استثمارات صناعية وزراعية وسياحية وتنموية متعلقة بالبنية الأساسية مذهلة بالفعل وإذا أحسن استخدامها يمكنها أن تحدث طفرة في مصر إلا أن الاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود بين البلدين وإعلان مصر عن عودة جزيرتي "تيران" و"صنفا" إلى السعودية باعتبار أنها في الأساس أراض سعودية وكان الوجود المصري فيها باتفاق مؤقت بين البلدين بقصد الحماية هذا الاتفاق أثار كثيرا من الغبار الكلامي واللغط والغضب أيضا في مصر وجرح شعورا متعاظما بالحساسية تجاه مسألة "الأرض" باعتبارها "عرضا" للإنسان.

لست خبيرا جغرافيا ولا قانونيا لكي أفتي في تلك المسألة فهي موكولة إلى الخبراء في الجانبين والموضوع في حد ذاته لا يحتمل حساسية زائدة لأن الخلاف هو بين بلدين عربيين شقيقين والوشائج السياسية والإنسانية والدينية والتاريخية بينهما غنية عن البيان كما أن الجزيرتين أقرب للمحميات الطبيعية بإشراف دولي وليستا مأهولتين على مدار التاريخ ولكن الذي أثار الضجة والغضب هو الطريقة التي تعاملت بها السلطات المصرية مع شعبها في هذا الخصوص وإدارتها لهذا الملف الحساس برعونة وعدم لياقة من الصعب على مواطن مصري أن يبيت ليلته على خريطة لوطنه ثم يفيق صباح اليوم التالي على أن جزء من وطنه هذا لم يعد موجودا وأن رئيس الجمهورية قرر أن يذهب هذا الجزء إلى حيازة دولة أخرى لأنه من حقها هذا سلوك أرعن وصادم خاصة وقد خاض آباء هذا المواطن حروبا ودماء ومرارات من أجل حماية هذا الجزء العزيز من أرض الوطن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تعالج بطريقة الصدمات أو القرارات التي يتم اتخاذها في غفلة من الزمن وغفلة عن رقابة المؤسسات خاصة وأن البرلمان قائم بالفعل وهو المنوط به دراسة مثل هذه الأمور كيف يستبيح لنفسه الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أو غيره أن يقرر مثل هذا القرار "الهائل" فجأة ثم يعلنه على الرأي العام المحلي والعالمي واللي ما يعجبوش يشرب من البحر !!

هذا سلوك يفتقر إلى أبسط قواعد اللياقة السياسية واحترام الشعور الوطني خاصة من قيادة تسوق نفسها بهتاف "تحيا مصر" بمناسبة ومن غير مناسبة وتعمد بصفة دائمة إلى تفجير الشعور الوطني بالعظمة والكبرياء ثم يفاجأ الناس أنها تتنازل بسهولة وفجأة عن قطعة من أرض الوطن أو هكذا عاش الناس يتصورون دون أدنى احترام لرأي الشعب أو ممثليه أو التمهيد له إعلاميا وقانونيا وتشريعيا قبل إعلان الاتفاق.

أيضا كان بالإمكان إعلان هذا الاتفاق في ظروف مختلفة ووقت آخر فهذا سيكون أقل حساسية من أن يطرح في سياق حزمة معونات ومساعدات سعودية سخية فيربط الناس بينها وبين "التنازل" عن الجزيرتين وهو شعور غير صحيح ولا واقعي خاصة وأن المساعدات السعودية لمصر ممتدة منذ سنوات طويلة لكنك لا تستطيع دفع هذه الوساوس عن مشاعر الناس عندما تتم الاتفاقية في مثل تلك الأجواء ولو أن الإعلان عن الاتفاقية كان قبل هذا الاتفاقات الاستثمارية العملاقة أو في ظروف مختلفة لكان ألطف وأقل إثارة للمشاعر.

أيضا يستغرب الناس وحق لهم أن يستغربوا أن تكون مثل هذه الخلافات على مسائل حدودية بسيطة أو كبيرة في البحر الأحمر أو البحر المتوسط معلقة سنوات طويلة ثم يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال عامين فقط من أول حكمه بالتوقيع على قرارات تاريخية فيها سواء مع الجانب السعودي أو مع اليونان وقبرص وإسرائيل ما الذي يدعوك لفعل ذلك وكأنها أولويات سياسية وقومية للدولة المصرية كانت تنتظرك أنت طوال نصف قرن وقصر في تنفيذها كل من سبقوك هذا أمر مثير للحيرة والتساؤل فأنت لديك ملفات بالغة الخطورة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا واجتماعيا داخل الوطن وفي محيطه الإقليمي وكلها ملفات معلقة ولم تنجح في تحقيق أي إنجاز ملموس فيها بل بدا فيها التخبط والاضطراب والارتباك الشديد فلماذا تترك كل ذلك ثم تهتم بملفات عالية الحساسية وتمثل حقوقا تاريخية للشعب المصري وأجياله المتعاقبة فتسارع أنت للبت فيها بهذه العجلة و"السربعة" وبطريقة الصدمة للشعب وتهميشه وكأنه غير موجود ثم تلوح له بعدها وأنت تهتف "تحيا مصر" مصر إيه وبتاع إيه يا راجل.

(عن صحيفة "المصريون" المصرية)
1
التعليقات (1)
طه
الثلاثاء، 12-04-2016 01:32 ص
نداء وإعلان للإخوة السعوديون والخليجيون عامة: نبيع لكم محافظة المنوفية بما فيها ومن فيها - فكم تدفعون؟؟