تساءلت صحيفة "أوبزيرفر" عن السبب الذي جعل
صلاح عبد السلام (26 عاما) المتورط بهجمات باريس في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 قادرا على الهروب ولمدة أربعة أشهر.
ويجد التقرير أن القبض على عبد السلام يوم الجمعة يعد إنجازا للشرطة، مستدركا بأنه يطرح أسئلة حول قدرتها على الكشف عليه، حيث اختفى ليس بعيدا عنها، وفي حي مولنبيك في العاصمة البلجيكية بروكسل، وقد عاش وشقيقه إبراهيم، الذي فجر نفسه في بوليفارد فولتير بعد رحيل عائلتهما من
فرنسا إلى
بلجيكا.
وتشير الصحيفة إلى أن المدعي العام الفرنسي فرانسوا مولان قال يوم السبت إن صلاح كان من ضمن المجموعة التي أرسلت لتنفيذ الهجوم على ستاد فرنسا، إلا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة، وقرر العودة إلى مولنبيك.
وتعلق "أوبزيرفر" بالقول إن "عبد السلام كان طوال الوقت يحظى بحماية من أصدقاء مقربين من العائلة، والسؤال المطروح هو حول الكيفية التي عاش فيها الهارب عبد السلام في الحي طوال هذه المدة، وكان مختفيا عن أنظار السلطات التي أوكلت لها مهمة العثور على المطلوب الأول في أوروبا".
ويلفت التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الرجل الذي وفر الحماية لعبد السلام واعتقل معه بمداهمة الجمعة، هو نفسه من تسلم بقايا إبراهيم، حيث دفنته العائلة في جنازة خاصة، حيث يتهم عابد أبركان بتقديم المساعدة لعبد السلام، مشيرا إلى أن شعور ارتياح ساد في حي مولنبيك عقب عملية المداهمة، حيث رحب إمام المسجد المحلي أحمد أبلهي بالعملية، وقال إن عبد السلام "كان مثل الفيروس وكنا مرضى، أما الآن فقد شفينا"، وفي بيان من عائلة عبد السلام قرأه محاميها نيابة عنها عبرت فيه عن انتهاء المطاردة، لكن ليس كل الأشخاص في الحي، الذي ارتبط بالتطرف، يشعرون بالراحة.
وتذكر الصحيفة أن أثر عبد السلام انقطع بعد أشهر من البحث عنه، وعندما وصل أفراد الشرطة إلى شقة في الحي الهادئ "فوريست"، قابلتهم طلقات النار من بندقية أوتوماتيكية، وقتلوا شخصا انتحاريا له علاقة مع خلية باريس، وهو محمد بلقايد (35 عاما)، وهو جزائري يعيش بطريقة غير قانونية في بلجيكا، ووجدت جثته إلى جانب علم
تنظيم الدولة، وعثرت الشرطة على بصمات صلاح عبد السلام، حيث اكتشفت أنه هرب مع متواطئ آخر قبل وصولهم بدقائق، وقررت الشرطة ملاحقته بسرعة قبل أن يهرب من جديد ويعثر على مكان آخر للاختفاء فيه، ووجدته في النهاية في شقة برو دو كوارت فينتز.
وينوه التقرير إلى أن دور عبد السلام أصبح واضحا بعد اعتقاله والتحقيق معه، وعلم المحققون أنه استأجر سيارتين من السيارات التي استخدمت في الهجمات، وقام بشراء 12 صاعقا للتفجير عن بعد و 15 ليترا من البروكسايد، وتعتقد الشرطة أن عبد السلام قام بقيادة ثلاثة من الانتحاريين الذين طلب منهم مهاجمة ستاد فرنسا.
وتقول الصحيفة إن إلقاء القبض على صلاح عبد السلام يطرح أسئلة حول فشل الشرطة في العثور عليه ولمدة أربعة أشهر من التفجير، كما يشير النقاد للكيفية التي استطاع فيها المشاركون في عملية باريس التخطيط والتحضير ومن ثم الإنطلاق من الأراضي البلجيكية إلى فرنسا دون اكتشافهم، وانتقد النائب عن حزب الجمهوريين من يمين الوسط، ألاين مارسو بلجيكا قائلا إن سذاجة بلجيكا كلفتنا حياة 130 شخصا، مشيرا إلى فشل السلطات البلجيكية في التعامل مع مشكلة التطرف.
ويذهب التقرير إلى أن مشاعر عدم الثقة بين السكان المسلمين الذين يسكنون في الحي وبين الشرطة، جعلت مولنبيك في بروكسل منطقة جذابة للمتطرفين، مشيرا إلى أن المشتبه بمحاولته تفجير قطار سريع كان في رحلة من بلجيكا إلى فرنسا وسكن في شقة تعود إلى شقيقة صلاح في الحي ذاته، وقضى كذلك فرنسي قتل العام الماضي أربعة في متحف يهودي وقتا في الحي.
وتفيد الصحيفة بأن الحكومة البلجيكية ردت بأنها ستقوم بتنظيف المنطقة، ووعدت بتقديم التمويل والدعم للشرطة، كي تدير برامج لوقف التشدد، مستدركة بأن الكثير من أبناء الحي يشعرون بالإحباط وأنهم صاروا كبش فداء بسبب تصرفات أقلية صغيرة، ويقولون إن الحكومة لم تظهر اهتماما كبيرا لمواجهة الفقر الذي يغذي التطرف، مع أن واحدا من بين ثلاثة سكان في الحي عاطل عن العمل.
وينقل التقرير عن خالد قوله: "عادة ما يأتي المتشددون من عائلات محطمة أو فاشلة، فإنها ليست مسألة متعلقة بالدين، إنها مسألة اجتماعية"، ويضيف: "على الورق هم مسلمون، لكنهم لم يأتوا من عائلات متدينة"، مشيرا إلى أنها صفات تصلح لوصف إخوة عبد السلام الذين كانوا يديرون حانة خمر ولهم تاريخ في المشكلات مع الشرطة قبل تحولهم إلى الراديكالية.
وتشك الصحيفة بقدرة الحكومة على مواجهة التشدد في بلد ذهب من أبنائه المسلمين أكبر عدد من المتطوعين إلى سوريا والعراق بالنسبة لعدد السكان.
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أنه بعد اعتقال عبد السلام فإن محمد أبريني يصبح المطلوب رقم واحد في أوروبا، فقد شوهد مع صلاح عند محطة بنزين وقبل يومين من هجمات باريس، ويعتقد أنه جزء من شبكة التخطيط للعملية، لافتة إلى أنه نشأ هو الآخر في مولنبيك.