مقالات مختارة

هل يمكن حدوث عملية سلام جديدة مع الأكراد؟

عبد القادر سلفي
1300x600
1300x600
كتب عبد القادر سلفي: تم إلغاء تأشيرة الدخول بين تركيا وسوريا، وكنا نستعد لتنظيف الألغام الحدودية بالإضافة إلى إلغاء الحدود، ولكننا لم ننظّف الألغام، كما أننا جعلنا جدار الحدود أكثر علوّا وارتفاعا.

في فترة السلام كانت ستُحَل قضية الأكراد ويربو الربيع على جبال تركيا الشاهقة، دعكم من جبالها، لقد عادت مراكز المدن إلى الحرب.

كلما أذهب إلى ديار بكر، أجد نفسي تحت قانون حظر التجول داخل مدينة سور التي أحصّن بها نفسي وألجئ إليها ظهري، كنا في طريقنا إلى إعلان السلم المتين الذي هو بمتانة أسوار مدينة ديار بكر، ولكن في هذه الأيام تحفر الأنفاق والخنادق تحت هذا السور ويهدم الجامع الرصاصي فيها، وقلبي يحترق.

الإرهاب يحرق كل شيء

لقد تم إسكات الأذان في جامع نورسيت باشا وكورشونلو وشفقت أفندي وإبراهيم بي وجامع الصفا، لم يُلغَ الأذان في هذه المدينة حتى في حالة الحرب، ولكن حزب العمال الكردستاني أسكته في ديار بكر.

ألم يحم جبل فيجن الجوامع من نار الهيلكوبتر؟ ألم يقل إدريس بالوكين- من كرسيّه في المجلس- إن الشعب سيحفر الأنفاق؟ لقد قال إن هذه الأنفاق ستحفر ضد الأكراد وليس من أجلهم. ألم يكن الذين تهجّروا من مدينة سور وجيزرة ونصيبين، هم من الأكراد؟ ألم يكن طاهر التشي كرديا؟ انتبه واحذر، إنها ليست سوريا، وهم ليسوا لاجئين سوريين. إنهم أكراد. لقد رهنوا ضمائرهم عند حزب العمال الكردستاني، وكان يجدر بهم أن يخرجوا ويعلنوا أن الشعب صوّت لهم بنسبة 90 في المائة.

لماذا يتدخلون في سياساتنا؟ ولماذا يهدمون جوامعنا؟ ولماذا يحفرون الأنفاق؟ لقد كان من الأجدر بهم أن يقولوا نحن هنا، نحن من يدير هذه المدن، تلك الأنفاق ليست قبرا للمتفجرات فحسب، بل هي أيضا مقبرة لآمال السلام، مقبرة للسياسة ولعبد أوجلان.

الأكراد رهائن في يد المسلحين

لقد قام عبد الله أوجلان في بداية عملية السلام، بإحداث تغيير في إدارة حزب العمال الكردستاني، أما عندما أتى كل من جميل باييك وبيسي هوزات إلى إدارة التنظيم، أوكلوا الذراع المسلّح إلى مراد كاراييلان الذي يثقون به، لقد أخذ عبد الله أوجلان كامل احتياطاته على عكس جميل باييك، لقد ذهبت مساعي عبد الله أوجلان في الانسحاب وترك السلاح، أدراج الرياح. وكان من المنتظر، أن يصدر قانون في قصر دولمه باهتشه في مؤتمر حزب العمال الكردستاني بخصوص ترك السلاح، ولكن ما حصل كان عكس ذلك تماما. لقد تم تحويل الأمر، إلى العناصر المسلحة.

من أولى الأوامر التي أصدرها النواب الثمانون في البرلمان والذين جاءوا بعد الحصول على نسبة 13 بالمائة من الأصوات، كانت جر المدن إلى حالة حرب، وقد تم الأمر أيضا بحفر الأنفاق وبناء شبكة تحت البيوت من أجل التواصل فيما بينهم. وكان من بينهم جمييل باييك، الذي ضغط على زر الحرب الداخلية في نفس الوقت الذي أوضح فيه للإعلام عن حصول عملية السلام على الدعم بسبب إدخال 80 نائبا كرديا إلى المجلس. وقال أيضا إن من سيعطي الأمر بانسحاب القوات الكردية ليس عبد الله أوجلان بل العناصر المسلحة نفسها، وهذا تحد صارخ لعبد الله أوجلان، ولكن من أين يأتي جميل بايييك بهذه الجسارة؟ ومن أين يستمد قوته؟

لقد قام بإنشاء حركة الشباب الثوار ضد عبد الله أوجلان. بمعنى آخر، لقد أنشأ كيانا موازيا لحزب العمال الكردستاني، وهذا يجعلنا في مواجهة إرهاب آخر ومفهوم جديد، ألا وهو "حرب قذرة المنبع"، هم سيبدأون الحرب وإذا لزم الأمر سيدخلون حزب العمال الكردستاني إلى الميدان.

آمال السلام تضيّعها لغة السلاح

يجب إعادة تنظيم الهيكلية التي تواجه الحرب الداخلية والمخرّبين، تلك الهيكلية التي رغم سعيها لإخماد إرهاب حزب العمال الكردستاني فإنها لم تستطع إخماده رغم السنوات الطويلة.

يجب إنشاء وحدات لمكافحة شغب المدن بمعزل عن وحدات مكافحة الجبال، لأن مفاهيم كل من المنطقتين مختلف.

أنا أتحدث إلى المعنيين. إلى متى سيبقى الحال هكذا؟ دائما حرب؟

إن مهمتنا صعبة بسبب الظرف السوري المتأزم، ويبدو أننا مجبرون على أن نعيش في شتاء آخر على الأقل.

حسنا، ألن تكون هناك عملية سلام جديدة؟

أريد أن أقتبس من ملاحظات الكاتب علي بيرام أوغلو التي أرسلها إلى رئيس إيرلندا خلال عملية السلام: "إن الأطراف لا تجلس على طاولة المفاوضات بسبب صفاء نية الطرفين، إن الذي يحرّكهم هو إيمانهم بعدم إمكانية الاستمرار في هذه المواجهات".

عندما يكون الأمر متعلقا بهذه المنظمة، فيجب الأخذ بعين الاعتبار: العلاقات الخارجية.

عبد الله أوجلان قال إنه عندما أسّس حزب العمال الكردستاني، قيل له إنه يجب أن يجعل تركيا مشغولة بنفسها، لكن من قائل هذه العبارة؟ لقد كان حافظ الأسد الذي كان بمثابة رحم لجنين حزب العمال الكردستاني.

لماذا يبدأ حزب العمال الكردستاني الحرب الداخلية مع أنه فاز بنسبة 13 بالمائة من الأصوات البرلمانية؟ الجواب هو لأنه من مهامهم الأساسية إشغال تركيا بنفسها. الوضع هكذا، أما الحل فهو مرحلة سلمية جديدة.

أعلم جيدا كم هو صعب الحديث عن عملية سلام أخرى في ظل وجود الجنازات والجثامين.

خارطة الطريق التركية

قال أردوغان: "سنبقى نواجه وستبقى مواجهتنا مستمرة، حتى يُسلم السلام، ويُدفن، ويُصب فوقه الأسمنت، وحتى انتهاء وجود كل المخرّبين من أراضينا".

لقد تعلّمنا الكثير من التجارب خلال التحضير لعملية السلام مع أننا لم نظفر بها، لقد رأينا استعداد حزب العمال الكردستاني للحرب في نفس الوقت الذي تسعى فيه تركيا لطرح السلام، ولهذا فإنه ليس من الممكن أن تبدأ مرحلة السلم القادمة من نفس المكان الذي تُركت فيه.

لقد تم تناول موضوع عملية السلام خلال زيارة مسعود بارزاني، وكانت خريطة الطريق التي طرحتها أنقرة واضحة ويمكن تلخيصها في أربع نقاط أساسية:

1- يجب أن تُغلَق الأنفاق.

2- يجب تسليم السلطة للشعب.

3-  يجب البدء بالانسحاب، ويجب أن يشهدوا على ذلك.

4- وبعد ذلك يجب البدء بمرحلة سلم جديدة.

النقطة الأساسية هنا هي مرحلة الانسحاب، ويجب الانتباه إلى المفهوم الجديد للعملية السلمية الذي أشار إليه الطرف التركي.

لقد كان للحرب الداخلية وللخنادق وسعيهم لإعلان الحكم الذاتي، الأثر الأكبر في إجبار تركيا على وضع عيار "للأمان".

(عن صحيفة "يني شفق" التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")
0
التعليقات (0)