أطلقت "الشبكة العربية للتربية المدنية – أنهر" في الأردن، بالتعاون مع 20 جمعية مجتمع مدني مشروع "شباب للحد من
التحرش"، الذي سيستمر حتى نهاية شهر أيار/ مايو من العام المقبل، ويهدف إلى القضاء على ظاهرة التحرش أو الحد منها قدر المستطاع.
وقالت الشبكة العربية للتربية المدنية في بيان على موقعها الإلكتروني: "نسعى من خلال المشروع إلى تزويد المشاركين بالمعارف حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان ومفهوم المناصرة"، مبينة أن "المشروع يستهدف تدريب عشرين من الذكور والإناث من منظمات
المجتمع المدني، في محافظات الزرقاء، والرصيفة، والكرك، وعجلون وجرش".
وأصبح التحرش الجنسي في الأردن ظاهرة مقلقة في ظل توسعها بين مختلف شرائح المجتمع، حيث بيّنت دراسات غير رسمية أن 53 في المئة من الأردنيات يتعرضن للتحرش الجنسي في مختلف مواقعهن، سواء في العمل أو الجامعة أو الشارع.
وطبقا لهذه الدراسات، فإن أكثر أنواع التحرش الجنسي شيوعا في الأردن هو "التحرش اللفظي"، يليه "التحرش بالنظر والإيماءات"، ثم "التحرش باللمس"، ثم باستخدام وسائل الاتصال المختلفة.
وتعليقا على الموضوع، قال خبير علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، في حديث لـ"
عربي21": "يتورط عادة الرجال في التحرش الجنسي بالنساء، وتزداد هذه الحالات في أماكن العمل والأماكن المزدحمة، حيث يغيب عنها الشهود، في حين تتعاظم المشكلات النفسية للمرأة الضحية، التي عادة ما تتحرج في تقديمها الشكوى إلى المركز الأمني".
وفي صور وأنواع التحرش، أفاد أستاذ علم الاجتماع، بأن "التحرش ظاهرة ترتكب في الأماكن العامة، عبر التعليقات غير المهذبة، واللمس، والتعريض غير اللائق، والنكات البذيئة، والنظرات الموحية، والإيماءات والتلميحات الجسدية، وصولا إلى التحرش الجنسي بسلوك مادي، بداية باللمس، وانتهاء بالاعتداء".
وفي أسباب ظهور التحرش وانتشاره، عزا الخزاعي جملة الأسباب إلى عوامل عدة منها "الفقر والبطالة، وضعف الوازع الديني للمتحرش، ولباس المتحرش بها، والانتشار الواسع لوسائل الإعلام والاتصال التي تساعد على هذه الظاهرة السلبية".
من ناحيته، أكد مصدر أمني لـ"
عربي21" قيام جهاز الأمن العام بتنفيذ 6800 حملة أمنية على مدارس الإناث لمتابعة مشكلات تجمعات الشباب أمام المدارس، والحد من ظاهرة التحرش بالطالبات".
وقال المصدر الأمني: "تم القبض على 1700 شخص منذ بداية العام الحالي، وقد تم تحويلهم إلى الحكام الإداريين لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
ولمعاقبة المتحرشين قانونيا، نصت المادة (320) من قانون العقوبات، على أن "كل من فعل فعلا منافيا للحياء أو أبدى إشارة منافية للحياء في مكان عام أو في مجتمع عام، أو بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على خمسين دينارا".
إلى ذلك، كشفت دراسة أعدها فريق بحث من الجامعة الهاشمية لمصلحة برنامج "دعم مبادرات تكافؤ الفرص: للوكالة الكندية للتنمية الدولية حول أبعاد النوع الاجتماعي"، عن أن 14 في المئة من النساء العاملات في الأردن يتعرضن لتحرش جنسي لفظي، فيما تتعرض 0.7 في المئة من العاملات لتحرش جنسي جسدي في مكان العمل".
وحول الرأي الشرعي المتعلق بظاهرة التحرش، شدد دكتور الفقه الإسلامي ماجد العمري، على أن التحرش وسيلة من المتحرش؛ طمعا في تكوين علاقة محرمة.
وقال العمري في حديث لـ"
عربي21": "لقد حض الإسلام الإنسان على احترام الآخرين، وعلمه أن لهم حرمات يجب الابتعاد عنها وصونها، كما وقفت الشريعة مانعا أمام كل الذرائع والطرق الموصلة إلى هتك الأعراض، وذلك عن طريق الأمر بالحجاب وغض البصر وتحريم الخلوة بالأجنبية".
وأضاف العمري قوله: "حرم الله عز وجل الأعراض كما حرم الدماء والأموال، وفي ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، فليبلغ الشاهد الغائب".
ووصف العمري ظاهرة التحرش بـ"العمل الشنيع"، في الوقت الذي رأى فيه عدم إعفاء
المرأة من اللوم، "لما تتسبب به هي من إغواء وإغراء عن قصد أو غير قصد، حيث تلجأ إلى وسائل محرمة لتهييج السعار الجنسي بشتى الوسائل ودفع الرجل إلى التحرش بها"، وفق قوله.
وفي علاج التحرش، لفت العمري إلى ضرورة الالتزام بشرع الله، وذلك عبر احتشام المرأة، وغض الرجل لبصره، داعيا إلى تقوية وازع الإيمان والأخلاق في النفوس، وهذا أمر لا بد وأن يكون في صلب التربية في مختلف مراحل الحياة.
من جهتها، تولي منظمات حقوق المرأة اهتماما كبيرا في هذا الموضوع، حيث بدأت كثير من هذه المنظمات تفكر وتطرح أفكارا وآراء بضرورة إيجاد إطار تشريعي يعالج ويعاقب ظاهرة التحرش الجنسي، قبل تفاقمها أكثر مما هي عليه.
يأتي ذلك في ظل عدم سن قوانين صريحة تجرم التحرش الجنسي بالنساء؛ إذ تحجم العديد من النساء والفتيات في الأردن عن تقديم شكوى في المراكز الأمنية ضد المتحرشين بهن، وذلك بسبب عقبات اجتماعية وعائلية، طبقا لما تقول منظمات المرأة الحقوقية.
في النهاية، وعبر جهود بعض الطالبات الجامعيات في محاربة ظاهرة التحرش بهن، قامت تلك الطالبات بإطلاق حملة تحت عنوان "استرجي"، في محاولة منهن للحد من أعمال الطائشين واستهتارهم بالفتيات.
وانطلقت حملة شبابية أخرى تحت شعار "بترضاها لأختك"، شارك فيها عدد من الشباب التطوعي، وهدفت إلى نشر الوعي من أجل احترام المرأة وحمايتها من العنف والتحرش الجنسي.