قضايا وآراء

المرأة البُركـان

هناء الكحلوت
1300x600
1300x600
قالت لي: "الرجل العادي لا يستطيع العيش مع المرأة البُركان"..

نعم، الرجل العادي، صاحب التفكير المتسلسل، المطور لذاته فقط والمنطوي على نفسه والذي لا يتقبل غيره ومحيطه صغير وأفقه ضيق لن يستطيع التعايش مع المرأة الخلاقة، المتجددة، المُبدعة، العاملة، المنتجة..

ستجد عندها المرأة فجوة كبيرة بينه وبينها، ستجد صعوبة في التوافق معه والاتساق والاتفاق، ستبذل جهدا كبيرا في إيصال ما لديها له وجهدا أكبر في إقناعه به، لأنه يضع العديد من الحواجز بينهما في التفكير، ولأن الطبع يغلب التطبّع.

عندما تكون المرأة نشيطة.. مكوكا.. فراشة لا تحدها حدود ويأتي من يتقدم لخطبتها ليقول لها زوجك ثم أولادك فقط، علمك وعملك وجهدك كله كرسيه لعائلتك. وإن كان لديها وقت لتنتج خارج البيت فمرفوض تماما!

هي من تؤمن أن غاية وجودها الاستخلاف ويكون بعدة أوجه، وتعرف حق المعرفة أن لديها من الطاقة والهمة ما يكفي لبيت ويزيد وأن مجتمعها بحاجة لها كما أسرتها وأنها لا ترغب بكتم علم، وتعلم أيضا أنها تستطيع أن توفّق بين العديد من الأمور..

وهو يقول لها من الاستحالة ذلك، ويضيف أن عقل المرأة وقدراتها محدودة، ويحاول قدر الإمكان أن يقلل من شأنها ومن مقدراتها وأن يزرع في داخلها الخوف، علما بأنها لا تعرف الخوف طوال حياتها، كانت ولا زالت مقبلة غير مدبرة، تستكشف، تتعرف، تتلمس الطريق نحو غاياتها.

هو يحاول أن يتسلل الخوف منه إليها. أن يقنعها بأنها للبيت، للطبخ، للأطفال فقط. حتى إن كانت تحمل شهادة الدكتوراه وكان لها تاريخ حافل من الإنجازات التي يشار لها بالبنان، فطالما تزوجت أو حتى ارتبطت بعقد مع شريك فعليها أن تجلس في البيت..

هو يبحث عن دكتورة، مهندسة، مخرجة ليتباهى بها بين الناس وبمكانتها العلمية. لكنها مرتبة علمية مع وقف التنفيذ. للمباهاة فقط، لتحقيق شيء بداخله فقط.. وهي؟ 

من أي منطلق خرجت هذه الأفكار؟ وهل نحن في مجتمع أو في حقبة متأخرة؟ أم أن عقله رجعيّ؟ أم أنه يهاب أن تتطور المرأة على حسابه؟ ومن قال إنه على حسابه؟ لم لا يفكر أن نجاحه من نجاحها وتطوره من تطورها.

لا أقول أن تخرج ويكون خيرها وعملها لخارج بيتها وتهمل زوجها وأولادها، فهذه المرأة تعلم علم اليقين أن أسرتها نواة لبناء للمجتمع وتعلم أيضا أن هناك أولويات زوج، أولاد، أهل.. وغيرها الكثير.

 ولكنها تعرف قدراتها وتعلم جيدا أنها تستطيع بذل الكثير لأحلامها وطموحاتها، لتحقيق رسالتها في الحياة.

ما المانع إن كانت ترغب في التقديم للمجتمع؟ لم يتم احتكارها؟ لم يتم ربطها في المنزل لتنتظر عودته من العمل؟ وإن لم تنجب أطفالا؟ أستبقى كذلك طوال حياتها؟ وإن أنجبت وكبر أطفالها وأصبحوا في المدارس وأضحى لديها ساعات تتفرغ بهم. لم لا تنتج فيهم وتحقق ذاتها؟

المرأة البركان التي لا تقبل الروتين، كالنحلة تتنقل من مكان لمكان وفي كل مكان لها أثر، لها بصمة، لها وقع، لها كلمة، لها رأي وفكرة. تبحث، تسعى، تقرأ، وتتطور. 

هو يريدها بلا لسان. تقول نعم على كل شيء. تنفذ ولا تناقش. ترعاه وصغاره فقط. وهي؟ أين هي من كل هذا؟ ألا يكون لها وقتها الخاص.. مساحتها الخاصة.. شيء لها.. نعم الأم مضحية معطاءة لكن لحدود، لأن التضحية فوق الحد تصبح استنزافا، وحتى تستطيع أن تعطي يجب أن تستمد. ونجاحها يعطيها من الطاقة ما يكفيها ويزيد.

طالما تريد أن تُبقيها في المنزل لم تبحث عن متميزة؟ ألتقيّدها؟ 

لم تفتح لها المجال والوقت الكافي لتنخرط في مجتمع "النساء" وقصصهم الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ بقاؤها في بيتها وفي بيئة النسوة سيجعلها ترجع للخلف وسيغيرها للأسوأ.. 

إن كل مميزة تم حصرها وقصقصة أجنحتها فلمن سيُترك المجتمع؟ إن كل مبدعة خلاقة تم إسكاتها وتوقيفها إلامَ سنصل؟

دعها تمارس ما تحب، ما ترغب به طالما أن ناتجه إيجابي.. أطلق جناحيها لتعود لك محمّلة بما تفخر به أنت وهي. 

دعها تقاتل من أجل حلمها وشغفها وتزرع الإقبال في أولادها وتكوّن عائلة خلّاقة مثلها وأفضل. دعها!
التعليقات (9)
سمر
السبت، 31-10-2015 07:15 م
جمييييييل جدا....كأنك تتكلم عن شخصي بس ما باليد حيله
راجي المسكاوي
الإثنين، 19-10-2015 01:22 م
وهل تعتقد الاخت الكاتبه انها تجسد ما ذكرت؟؟؟
صلاح الدين
الجمعة، 16-10-2015 11:19 م
المرأة البركان.. وصف يصعب تقبله على كائن جُبل على الرحمة.. فما علمنا عن البركان إلا سحب الدخان وحمما متناثرة في كل مكان.. ولا خير في ثورته إلا بعد أن تهدأ، حينها تصبح التربة في سفوحه خصبة وكأنه يحاول التكفير عن تشريد جيرانه وتسميم هوائهم وتلويث مياههم. غير أنه قد نشبه البراكين حال الغضب وقد لا نقل ضررا عنها إذا ما سمحنا لانفعالاتنا بالتحكم فينا خلالها، ولا أدل على خطر الغضب على الإنسان من وصية النبي عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة "لا تغضب" المرأة طبيعتها غير ذلك، وإن كانت لها طاقة متفجرة فهي قطعا ستكون كنبع الماء المعين، تهب الحياة، تيسرها لمن حولها وتعينهم على نوائبها.. ألم يقولوا وراء كل رجل عظيم امرأة. ولا يساعد على بلوغ مراقي العظمة العالية إلا عظيم أو أعظم منه.. القدرة على العطاء ونكران الذات والإيثار صفات نجدها غالبا تلازم النساء خاصة مع خاصتهم، لكننا بدأنا نسمع بعض الدعوات التي تعالى صوتها يوما بعد يوم حتى صرنا لا نسمع سواها تنادي بإثبات المرأة لذاتها وعدم تقييدها بأعباء البيت وتربية الأبناء والسهر على راحة أسرتها. بداية لست مع تقييد حرية إنسان ولست مع حرمان إنسان موهوب وقادر على العطاء من الإسهام ولو بنصيب صغير في تحسين أوضاع عالمنا هذا الذي يحتاج كل يد مساعدة ليعود إلى سواء السبيل. لكن من قال أن العطاء يجب أن يكون تحت الأضواء، من قال أن الإنجازات هي التي محط الأنظار في الحفلات والندوات والمهرجانات. التاريخ حافل بمن لازمن بيوتهن وغيرن العالم، أقرب مثال على ذلك أمنا خديجة رضي الله عنها.. لن يستطيع أحد أن ينكر دورها في تغيير مسار البشرية.. ألم تكن خير سند ومعين لرسولنا محمد؟ أليست هي من ثبتته؟ أليس هي من ساندته؟ أليس هي من وقفت جانبه أمام عالم يفيض بالشرك والكفر والظلم. ربما سنجد صعوبة في إيجاد عاقل منصف ينكر ما قامت به ويبخسه ويقلل من قدره. المرأة أثرها أكبر على المجتمع، فهي عماد الأسرة وركنها المتين، وهي ملجأ الصغير والكبير ولولا تربيتها أبناءها لصرنا نعيش في غابة.. بوسعنا القول أنها حصن مدنية الإنسان وإنسانيته.. فهل بعد هذا إنجاز؟ العالم مليء بالعظماء والعظيمات الذين عملوا ويعملون في الخفاء، ولن تكون إنجازاتهم أقل شأنا إن لم تلاق تصفيق عموم الناس وإعجابهم. يكفي أن يعلم من نحبهم عظمة صنيعنا.. تكفينا نظرة الامتنان في عيونهم وبسمة الرضا على شفاههم.. المجتمع يقوم على شقيه المرأة والرجل، وإني لأعجب ممن يصور العلافة بينهما في شكل صراع أبدي يتنازع طرفاه الجاه والقوة والسلطة.. ما لهذا خلقهما الله.. وما هكذا خلقهما، فقد جعل بينهما مودة ورحمة وأوصى أحدهما بالآخر ووضع قواعد لحياتهما المشتركة لو تم السير عليها لما كان هذا حالنا اليوم.. فرفقا بأنفسنا...
عادل تواتي
الجمعة، 16-10-2015 10:13 ص
غيرة الرجال تبقي المرأة في البيت
صدقت
الأربعاء، 14-10-2015 02:49 م
صدقتِ

خبر عاجل