نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا، روت فيه كيف تحول ابن أحد كبار زعماء
المافيا جنوب
إيطاليا، من مساعد لوالده في تجارة
المخدرات، إلى مخبر للشرطة، وهو لا يزال في سن الـ11، بعد أن قررت والدته التعاون مع السلطات.
وأفادت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الطفل أمد المحققين بمعلومات قيمة، بعد أن قررت والدته التعاون مع ممثلي الادعاء، ما استوجب توفير حماية أمنية خاصة له وتغيير هويته، بعد أن أصبح يمثل خطرا على مجموعة "ندرانجيتا" الإجرامية، التي تعد الأقوى على الإطلاق في جنوب إيطاليا.
وقالت الصحيفة إن ابن "غريغوريو مالفاسو"، زعيم منطقة المافيا في "سان فرناندو"، يعد أصغر مخبر في تاريخ الصراع بين القضاء والمافيا في إيطاليا، رغم امتناع السلطات المعنية عن الإفصاح عن اسمه.
من جهتها، أكدت "جوليا بانتانو"، نائبة المدعي العام في "ريجيو كالابريا"، على أنه قد تم أخذ شهادة الطفل على محمل الجد، ولفتت إلى أن إفادته قد تكون حاسمة، حين يصل التحقيق لنهايته.
ونقلت الصحيفة تصريحات الطفل الذي قال: "إن والدي ينتمي لتلك العصابة التي يتزعمها ناندو سيماتو. كلنا نعرف أنه هو من كان يعطي الأوامر مع أفراد عائلة بيلوكو".
ومن المتوقع أن يمثل الطفل في قاعة المحكمة في غضون أشهر قليلة، ليؤكد اتهاماته في مواجهة والده.
وذكرت ليبراسيون أنه كان قد تم القبض على "غريغوريو مالفاسو"، البالغ من العمر 37 سنة، في عملية لمكافحة المافيا، لتعثر قوات الشرطة خلال عملية المداهمة على ترسانة صغيرة للأسلحة في المطبخ، مكونة من ذخائر كلاشنيكوف ومسدسات من عيار 9 ملمتر، كما تم القبض على زوجته بتهمة التواطؤ مع مجرم، حيث كانت تحاول إخفاء كيس مخدرات ومسدس في ملابسها، حين داهمت قوات الأمن المنزل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الزوجة قررت التعاون مع المدعي العام، بعد أن اكتشفت استغلال زوجها لابنها في صنع جرعات المخدرات؛ حيث قالت: "لا أريد أن يترعرع أبنائي على مبادئ سلبية". وبحسب مصادر إعلامية محلية، فإن الأم كانت تعلم بتلقي طفلها لتدريبات على استخدام السلاح منذ نعومة أظافره، غير أنها كانت تجهل تجنيده من قبل أبيه في تجارة المخدرات.
وقالت الصحيفة إن الطفل لم يكتف بتأكيد هذه الاتهامات فقط، بل بادر بمد المحققين بعدة تفاصيل، كما حدد التنظيم الدقيق للمجموعة الإجرامية التي ينتمي لها والده، مشيرا إلى دور كل فرد من أعضاء المنظمة.
ونقلت ليبراسيون جانبا من شهادة الطفل، حيث قال: "أنا أعلم طبعا ما يفعله رجل المافيا، هو يبيع المخدرات ويستعمل السلاح، الأمر يعد عاديا في بلدي. كل الناس يتحدثون عن أعضاء "ندرانجيتا"، حتى أصدقائي الأكبر سنا. والدي كان يقدر على فعل ما يريده داخل التنظيم، لقد كان اليد اليمنى للزعيم، وأنا أعلم بكل ما وجدتموه في المنزل من أسلحة وقذائف".
وأضاف هذا الصبي، الذي أثارت براءته وجرأته إعجاب الصحافة والرأي العام الإيطالي: "لقد لمحت المخدرات والأسلحة، خاصة منها المسدسات، لكن لم يسبق لي أن رأيت أية بندقية، كما أني تعودت على رؤية المخدرات في المرآب، مرة في شكل أعشاب، وأخرى في شكل بودرة بيضاء، لا أعرف اسمها".
وتابع ابن مالفاسو قائلا: "إن هذه المخدرات لوالدي، أعرف ذلك لأن لا شيء يتم دون أوامره. أما سكان بلدة سان لوكا (معقل المنظمة الإجرامية)، فلم أرهم سوى مرة أو اثنتين، حيث كانوا يأتون إلى المنزل، حيث كان يقوم والدي ببيع وشراء المخدرات. كما يحدث أن يبيعها لأشخاص آخرين يعيشون خارج منطقة كالابريا".
وأفادت الصحيفة بأن المحققين سعوا للتأكد من صحة تصريحات الطفل، وذلك عبر سؤاله: "كيف تعرف أن الأمر يتعلق بمنتجات محظورة؟ هل أنت متأكد من أنها ليست سوى فطيرة؟". فأجاب الطفل ببساطة: "لأن هذه البضائع قد تم إخفاؤها في علبة راديو السيارة، لا أظن أنك قد تخفي فطيرة في ذلك المكان".
وأضافت بأن القضاة تمكنوا من تأكيد مرافقة الطفل لوالده "غريغوريو مالفاسو" بشكل دائم منذ نعومة أظافره، سواء لتلقي أحزمة المخدرات، أو المشاركة في اجتماعات المنظمة الإجرامية. وقد أدت إفادات الطفل للوصول إلى عدد من المتعاونين مع عصابة "ندرانجيتا" في كالابريا؛ حيث تم القبض على نائب عمدة "سان فرديناندو"، وأحد أعضاء المجلس البلدي.
وفي الختام، ذكرت ليبراسيون بأن المخبر الصغير يعيش الآن مع والدته وأخويه في مكان مجهول، بعيدا عن كالابريا والأماكن التي كان يرتادها والده.