كتاب عربي 21

كيف تتحكم الشركات الكبرى في الإعلام؟

شهيد بولسين
1300x600
1300x600
هل من دليل على أن مصالح الشركات والأثرياء تتحكم في الإعلام أفضل من طريقة التغطية الإعلامية للأزمات الاقتصادية؟

لا عجب، فأول مؤشرات الازدهار الاقتصادي، طبقا للإعلام، هو أداء سوق الأسهم، فإذا كانت هذه المؤشرات متجهة إلى الصعود فالاقتصاد بخير، أما إذا اتجهت للهبوط فالاقتصاد في أزمة. وهذا في حد ذاته يشير إلى انفصاg عن الواقع.

ودعونا نوضح الأمر بشكل أكثر بساطة. إذا كان مؤشر سوق الأسهم في اتجاه الصعود يصبح مالكو الأسهم أكثر غنى، أما إذا هبط للأسفل فسوف يخسرون بعض ثروتهم، ومن هنا يكون السؤال الأكثر بداهة هو: "من هم ملاك الأسهم؟".

حسنا الإجابة واضحة، ملاك الأسهم ليسوا هم عموم الشعب على أي حال... واقع الأمر هو أن أغنى 10 في المئة من عموم السكان يملكون أكثر من 90 في المئة من الأسهم، وبالتالي فإن أي تراجع في سوق الأسهم يعني ببساطة خسارة الشريحة الأغنى، ونسبتها ما بين 10 إلى 20 في المئة من السكان، وليس شريحة الأغلبية. 

وفي المقابل، تقيس الأغلبية الناس الرخاء الاقتصادي بتوافر الوظائف، أو قدرتهم على سداد فواتير الكهرباء والماء والغذاء والسكن، كما يقيسون الرخاء بمدى إمكانية حصولهم على الرعاية الصحية بشكل لا يُثقل كاهلهم.. وهكذا. مثل هذه الأمور لا يعتبرها الإعلام ذات أهمية، لأنها أمور لا صلة لها بأي حال بأداء أسواق المال، اللهم إلا إذا كنا نتحدث عن صعود أسهم إحدى الشركات نتيجة تخفيض نفقاتها بعد تسريح العمال، أو زيادة أرباحها عن طريق رفع الأسعار على المستهلكين العاديين، أو نقل مصانعها إلى دول أخرى... وهكذا. 

والعوامل التي تدفع بسوق الأسهم نحو الصعود هي نفسها ذات العوامل التي تدفع ظروف الاقتصاد الحقيقي لعموم الناس نحو الهبوط. تقول النظرية المتعارف عليها إنه إذا كسب الأثرياء أموالا أكثر، وإذا جنت الشركات أرباحا أكبر، فإنهم سوف يستخدمونها في خلق فرص عمل، ويستثمرونها في مشروعات جديدة، الأمر الذي يخلق ما يعرف "بالأثر الانتشاري" على الاقتصاد ككل. ولكن في هذه الحالة من الأصلح لنا أن نسميها "أسطورة" بدلا من "نظرية"، لأن الازدهار لا يتدرج  في اتجاه الهبوط، بل يعزز موقعه ثم يتدرج في اتجاه الصعود، هكذا كان وهكذا سيظل.

فأكبر المديرين التنفيذيين في أمريكا يحصلون على 10 أضعاف ما كانوا يجنونه منذ 30 عاما، كما يتقاضون اليوم ما متوسطه 300 ضعف ما يتقاضاه الموظف العادي في شركاتهم، بينما لم تتغير رواتب هؤلاء الموظفين إلا بشكل طفيف، بل تراجعت في أحوال كثيرة.

وبينما ازدادت ثروات 10 في المئة من الناس بشكل ثابت، انخفضت بنسبة مشابهة؛ ثروات البقية من عموم الناس، إلى أن وصل انخفاض الدخل الشديد إلى المرحلة الحالية في أمريكا، بحيث تتربع على القمة الآن أقلية لا تتجاوز 3 في المئة تستحوذ على ضعف ما تملكه 90 في المئة من العائلات الأقل دخلا في أمريكا... فلا يوجد أي "أثر انتشاري" هنا، وبالطبع لا يوجد أي فزع إعلامي.

ينحاز الإعلام بشكل بيّن في تغطيته للحالة الاقتصادية، إذ يعبر عن النظرة المنحرفة لملاك الثروات، وهم حملة الأسهم في شركات جنرال إلكتريك وديزني وفياكوم وتايم وارنر ونيوز كورب... إلخ، إضافة إلى معلنيهم، لهذا فقد وجب التنويه بأن ما ينقله الإعلام بصفته "أزمة" أو "أخبار عن تعافٍ اقتصادي" قد لا يكون له أي علاقة فعلية بالواقع الاقتصادي الحقيقي.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل