كتاب عربي 21

حصر إرث سياسي بلبنان

نزيه الأحدب
1300x600
1300x600
انضم تيار ميشال عون، التيار الوطني الحر، أمس بجدارة إلى باقة المجموعات العائلية اللبنانية التي تشتغل في السياسة وما يرافقها من نفوذ و"بزنس" تحت مسميات أحزاب وتيارات، وذلك بعد تهريب عون صهرَه وزير الخارجية جبران باسيل، الذي فشل في دورتين سابقتين للانتخابات البرلمانية اللبنانية، من استحقاق انتخابات رئاسة التيار عبر سحب جميع منافسيه بشتى الوسائل من السباق الانتخابي لتأمين فوزه بالمركز الأول في عَدو بدون عدائين أسس له عداوات جديدة عبر عنها العديد من كوادر التيار بتمزيق بطاقاتهم الحزبية ونشر صورها في حساباتهم الإعلامية كتعبير عن انسحابهم من التنظيم العوني.

لكن ما يجعل خطوة الجنرال عون (الذي لم ينجب الذكور فتبنى الأصهار) طبيعية، هو أن أقرانه من زملاء الطاولة مارسوا الأمر نفسه وبعضهم على مدى عقود. فحزب الكتائب أسسه بيار الجميل وقاده نجله أمين وسلّم أمانته قبل أسابيع قليلة إلى نجله سامي. سليمان فرنجية الذي ورث زعامة تنظيم المردة بالتواتر من جده إلى أبيه سلم نجله طوني باكرا مقاليد التيار وأعلن أنه سيكون مرشحه في الانتخابات القادمة. دوري شمعون شغل مكان شقيقه داني في رئاسة حزب الوطنيين الأحرار الرئيس الثاني للحزب بعد المؤسس الوالد كميل شمعون. وميشال معوض تسلم زعامة العائلة وحركة الاستقلال من والدته التي حفظت له ترِكة أبيه. حتى كارلوس إدة تم إحضاره على عجل من البرازيل بعد وفاة عمه ريمون إدة عازبا، ليخلفه في رئاسة حزب الكتلة الوطنية. 

هذا على صعيد التجمعات المارونية أما في الجانب الدرزي ما تزال الثنائية قائمة بين عائلتي جنبلاط وأرسلان، فالحزب التقدمي الاشتراكي، الاسم السياسي لحركة آل جنبلاط، أسسه كمال وورثه وليد الذي أعلن رسميا مؤخرا عن انتقال قيادته إلى نجله تيمور. فيما عائلة أرسلان وما انحدر منها من الحزب الوطني الديمقراطي، فقد تداولها حتى الآن مجيد ثم نجله طلال.

في الدائرة السنية يتكرر الأمر مع عائلة الحريري وتيار المستقبل من الأب المؤسس رفيق إلى الابن سعد، ومع عائلة سلام وجمعية المقاصد من صائب إلى نجله تمام. وفي صيدا انتقلت زعامة التنظيم الشعبي الناصري من معروف سعد إلى نجلَيه مصطفى ثم أسامة. وفي طرابلس لم يخرج حزب التحرر العربي من زعامة آل كرامي التي بدأت بعبد الحميد وانتقلت إلى رشيد ثم إلى عمر وصولا إلى فيصل. مع الإشارة إلى أن نجيب ميقاتي لم يرث زعامة لكنه اشتغل بمفعول عكسي حيث أطلق اسم أبيه على تياره السياسي (تيار العزم) الذي يديره مع شقيقه طه.

في المقلب الشيعي يرث أحمد الأسعد ما يعرف بالزعامة الأسعدية عن والده كامل الرئيس السابق لمجلس النواب. فيما يرث نبيه بري نفسَه مرارا في رئاسة حركة أمل ومجلس النواب، مع حضور عائلته في المشهد السياسي الخلفي.

أما في مجموعة الأحزاب غير الوراثية فهي نادرة وتتشابه في أنها جميعها تحمل الصبغة الدينية، ويتصدر اللائحة تنظيم القوات اللبنانية الذي أسسه بشير الجميل ثم تعاقب على قيادته فادي أفرام ثم فؤاد أبو ناضر وإيلي حبيقة وصولا إلى سمير جعجع. كذلك يبرز حزب الله الذي انتقلت قيادته من صبحي الطفيلي إلى عباس الموسوي وصولا إلى حسن نصر الله. والجماعة الإسلامية تعاقب على رئاستها فتحي يكن ثم فيصل مولوي إلى إبراهيم المصري.

وفي جانب الأحزاب العلمانية المهددة بالانقراض أو بالانسياق للمعسكرات الطائفية، فيبرز الحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وبعض التشكيلات المجهرية. وهي جميعا لم تعاني آفة التوريث السياسي، لكنها وحزب الله آمنوا بأحقيته في الجوار.

إن وراثة شاب لمركز أبيه أو عمه لا يعني أن هذا الشاب ليس مؤهلا لأن يقود حزبا أو تنظيما سياسيا، لكنه يعني بالضرورة أن هذه الأحزاب لا تلد القادة إلا عن طريق أرحام عائلات محددة، بعيدا عن الأفكار والرؤى، فمرحبا أفكار ومرحبا رؤى إذا كانت الزبالة في لبنان تبيض ذهبا لسياسييه ومن يرث سياسييه.
التعليقات (0)